أبوبكر محمد أحمد إبراهيم
إن مشكلة ولاية الجزيرة الأساس، ويا للمفارقة وبؤس الواقع الذي انحدرنا إليه، أنها تمدنت ولم تعد العصبية القبلية هي أساس ردة فعلها، وبالأخص في هذه الحرب الغاشمة، فقد انصهرت العديد من القبائل التي تقطن فيها في وجدان إنسان الجزيرة.
وقد زاد الأمر تعقيدًا أن مدنيتها متجاذبة سياسيًا بسبب اختلافات أيديلوجية النخبة السودانية المتعلمة، التي عجزت عن حسن إدارة خلافاتها وترشيدها، الشيء الذي عسكر السياسة بطرق مختلفة؛ سواء في ذلك حركات التمرد/الكفاح المسلح، أو الدعم المليشياتي للجيش لردع ذلك التمرد.
في وضع تلك خلفياته، على الأرجح، ليس هناك من حل بديل في حالة ولاية الجزيرة عن التجنيد العسكري اعتمادًا على النفرة الشعبية المدروسة لصد العدوان، بحيث يتكون فيلق من أبناء الجزيرة بقيادة عسكرية من أبنائها كذلك، لتعويض فراغ المشاة؛ فهو الفراغ الذي أضعف موقف الجيش في ردع هذا التمرد. والذي هو في حقيقته، تمرد مشاة الدعم السريع على المؤسسة العسكرية، بغض النظر عن دوافعه.
إن اعتماد القادة السياسيين، في نظام الإنقاذ خاصة، على مليشيات للقيام بمهام كان يجب أن يقوم بها الجيش، في الجنوب وفي دارفور وحاليًا في هذه الحرب التي بدأت بالخرطوم، أضر كثيرًا بالبلاد. وقد وقع ذلك الضرر نتيجة فكر كسول اجتمع فيه، من مساوي تغييب التفكير الاستراتيجي، استعجال الانتصار الآني، واستصعاب إصلاح المؤسسة العسكرية، فانتهينا إلى الجمع بين اضعاف الجيش وزيادة نزيف الوطن.
المنهج البديل في إسناد الجيش، الذي أقترحه، يتمثل في تكوين فيلق أبناء الجزيرة، وفكرته تقوم على العمل العاجل على تجميع واعادة الضباط وضباط الصف الذين ابعدوا عن الخدمة، من أبناء الولاية، فهم الأكثر كفاءة وتدريب ودراية عسكرية، واستقطاب جنود آخرين (جدد) للانضمام للجيش والعمل فيه (عمل رسمي، لا على سبيل التطوع والاستنفار) ردًا للعدوان الحالي، وحماية الجزيرة مستقبلًا، بسواعد بنيها وبإمرة المؤسسة العسكرية، ففي ذلك منعًا لازدواجية القرار ووقاية من شرور المليشيات.
بناءً على ما تقدم، أقترح أن تشكل لجنة طواريء عاجلة؛ ممثلة لمحافظات الجزيرة وإدارتها الأهلية وقياداتها المجتمعية، لبناء هذا الفيلق / الفيالق وتأمين احتياجاته/ها المادية واللوجستية بالتنسيق مع القيادة العسكرية. مع التشديد على أهمية أن يحصن عمل هذه اللجنة عن التكسب السياسي والمصالح الضيقة.
ملحوظة: أرجو التعامل مع هذا المقترح على أنه استطلاع أولي للفكرة وجدواها. والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.