فتح مدارس أم درمان.. ما بين مخاوف أولياء الأمور وتحفظات المعلمين وإصرار الوزارة

تقرير – أمير عبدالماجد

قرار اعتبره البعض في الخرطوم فجائي لكنه سعيد، فيما اعتبره آخرون مفارقا للمنطق ولا يتسق مع الواقع الذي يعيشونه هنا في الخرطوم ما أوجد انقسامات حادة بين من يؤيدون الخطوة ويخشون أن يضيع مستقبل ابنائهم وبين من يرونها خطوة سياسية قد تعرض ابنائهم للموت لأن الدانات التي تتساقط على رؤوس الناس في كرري مثلا وهي المنطقة الوحيدة التي تشهد استقرارا إلى حد ما وتتواجد بها حكومة ولاية الخرطوم وأجهزتها التنفيذية.

ضياع عام
وكانت وزارة التربية ولاية الخرطوم قد أصدرت بيانا أعلنت فيه عزمها استئناف العام الدراسي 2023 -2024، وقالت في بيان لها انها وحرصا منها على عدم ضياع عام آخر على الطلاب فقد رأت ضرورة الشروع في استئناف العام الدراسي بعد التأكد من تذليل المعوقات قدر المستطاع وذلك وفق قيد زمنى متدرج يراعى ضرورة عدم المساس بمراكز الايواء في محلية كرري باعتبار أن حفظ النفس واستقرار الأسر مقدم على ما سواه وأضافت (عليه وبعد التشاور مع لجنة أمن الولاية ومجلس وزراء حكومة الولاية فقد قرر مجلس وزراء حكومة الولاية في جلسته رقم (9) بتاريخ 3/6/ 2024م استئناف العام الدراسي 2023 -2024 باعتماد سياسة التدرج في استئناف العام الدراسي وفق ثلاث مراحل حددتها وتبدأ بعد عطلة عيد الاضحى، وحددت المدارس التي ستباشر الدراسة، ونوهت طلاب الولاية في الولايات الاخرى بمراجعة المشرفين على برنامج المعالجات الاكاديمية لتحديد مكان الدراسة في المدينة المعنية، وقالت ان طلاب ولاية الخرطوم في الاماكن التى بها ظروف امنية سيتم التعامل معهم ( online ) وفق البرنامج المصمم من قبل الوزارة.

ظروف أمنية
وقبل أن يجف حبر البيان الذي أصدره د. قریب الله محمد احمد المدير العام لوزارة التربية والتعليم بالولاية خرجت لجنة المعلمين لتسخر من بيان الوزارة وتصفه بـ( غير الملائم) و(المخجل والمضحك) لانه يفتقر على حد قولها إلى اولويات الأمان والسلامة للطلاب والمعلمين في ظل الحرب المشتعلة الان، وأضافت أن قرار استئناف الدراسة لا يراعي الظروف الأمنية خصوصا بعد زيادة عدد الضحايا نتيجة القصف العشوائي كما أن الحديث عن الدراسة عبر الانترنت هو الأخر غير واقعي لان الولاية تشهد تذبذبا واشكالات في الاتصالات والكهرباء ما يجعل الأمر غير قابل للتنفيذ.

مجازفة كبيرة
ومع أن بيان لجنة المعلمين لم يتحدث عن موقف بعدم المشاركة في العملية التعليمية حال أصرت الوزارة على فتح مدارسها في الموعد المحدد بعد عيد الأضحى الا أن مجدي محمد نور المعلم بمدارس مرحلة الاساس قال انه لن يذهب إلى أي مدرسة للمجازفة بحياته وحياة الطلاب، مؤكدا أن ما تتحدث عنه الوزارة هو في الواقع فعل سياسي فقط لان الوضع غير آمن تماما ويمكن للمدرسة أن تستقبل في اي لحظة دانات تودي بحياة الطلاب والأساتذة، وأضاف (هؤلاء يبدو أنهم يتحدثون من كوكب اخر ولا علم لهم باننا هنا في مناطق حرب العمليات العسكرية فيها لم تتوقف وعليه يمكنك توقع اي شيء في اي لحظة)، وتابع(هذه مجازفة كبيرة وجريمة لن نشارك فيها وهذا رأيي ورأي معظم زملائي المتواجدين في الخرطوم ممن تواصلت معهم)، ذات الراي قالت به ناجية عبدالرحيم وهي معلمة بمرحلة الاساس والتي أكدت أن المعلمين يريدون العودة اليوم قبل الغد إلى المدارس لان ابناءنا سيفقدون مع الوقت مستقبلهم لكن هذا الأمر في النهاية مرتبط بالأوضاع الأمنية يجب أن نؤمن مناخ مستقر قبل فتح المدارس)، وعلى عكس هؤلاء هناك من يدعو إلى فتح المدارس لايام محددة حتى لا تضيع سنوات الطلاب ومن بين هؤلاء سمير نوري ناظر إحدى المدارس التي دمرتها دانات الجنجويد بأم درمان القديمة، قال( مع انني متفق مع معظم أراء المعلمين حول الظروف الأمنية الا أنني مع عودة الطلاب إلى فصول الدراسة ولو لايام معدودة ثلاثة أيام في الأسبوع مثلا حتى لا تضيع عليهم سنوات ونفقد مستقبلهم لان الطلاب في الولايات الأخرى الأمنة يدرسون حاليا، لذا يجب أن نتيح الفرصة لطلاب الخرطوم والا نقيد مستقبلهم)، وأضاف (الخطر موجود وقائم حتى وهم في منازلهم ما الفرق بين وجودهم في منازلهم ووجودهم في الفصول في كل الأحوال يمكن للدانات أن تصل هنا وهناك كما أن الأوضاع حسب ما أرى أفضل الآن والمدارس المعلن عنها مدارس محصنة إلى حد ما وآمنة).

مخاوف من الدانات
وكما اختلفت رؤى المعلمين فأولياء الأمور أيضا ارائهم مختلفة بين من يرى أنها فرصة جيدة حتى لا يفقد ابنائه حقهم في التعليم وبين من يرى أن وجود أطفال بعدد كبير في الفصول أمر خطر وغير مقبول في ظل تساقط الدانات على كرري.
يقول سعد الدين المقبول إنه لن يرسل ابنائه إلى فصول سقفها من الزنك لو ضربتها طلقة ستصل إلى ابنائه لان الوزارة قالت إنهم يجب أن يذهبوا للمدارس، وأضاف (هذا قرار غير مسؤول صحيح أننا هنا نعرف تماما أنه ما من مكان محصن تماما لكن على الأقل الأماكن المشيدة بصورة جيدة أكثر حماية فهل المدارس هذه مشيدة بصورة جيدة هذه مدارس لو سقطت فيها شظايا ستقتل معظم الاطفال لن نرسل اطفالنا للموت).
فيما يري عز الدين عوض وهو من سكان الثورة أن مقترح تحديد أيام للدراسة حل جيد، مؤكدا أن بقاء الطلاب في منازلهم في وقت يدرس فيه رصفائهم بالولايات أمر محبط جدا )، وأضاف (ضاعت سنة وأخرى ونكاد نفقد يقيننا بأن الحرب ستتوقف ما يجعلنا نرحب بقرار إعادة ابنائنا للمدارس وأعتقد أن الوزارة وحكومة الولاية لديهم خطط للتعامل مع الاشكالات الأمنية والا لما اعلنوا عن استئناف الدراسة).

Exit mobile version