عوالم العلاقات الخارجية في موازين الظاهر والباطن!

الدكتور الخضر هارون

يقول المتنبي:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر
كوضع السيف في موضع الندى
فحوي المعني واضح بيّن، هو أن تضع الأمور في نصابها. يعينك علي فهمه ، البيت الذي سبقه
إن أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ومثله قوله:
ومن يجعل الضرغام بازا لصيده
تصيده الضرغام فيما تصيدا
فكأنه ينصح سيف الدولة بالروية والنظر العميق في سياسة الناس والملوك فيكون عفوه وتكريمه لمن هو أهل للصفح والعفو والإكرام وألا يمتد عفوه لمن لا يستحق من اللئام .ويقيني أنه كان يُعرّض بأقوام يعرفهم بأعيانهم وينصح الأمير سيف الدولة بألا ينخدع بهم. قال بعض الشراح ربما كان يحرضه علي الخليفة العباسي الضعيف نفسه في بغداد وينصحه بأن ينقض عليه فهو أولي منه بخلافة المسلمين واستشهدوا ببيته من نفس القصيدة :
فيا عجبا من دائل أنت سيفه
أما يتوقى شفرتي ما تقلدا
والدائل هو الحاكم صاحب الدولة.
وأراد بالشفرتين سيف الخليفة في بغداد وسيف عامله سيف الدولة في الشام وإن لم يكن يدين له بالولاء علي الحقيقة.
والله أعلم بمقاصد الشاعر الحكيم .
وهذا الاستطراد إن هو إلا توطئة للحديث عن بلدنا السودان وكيف يلزمه في محنته هذه التي لا نظير لها في عهده الحديث من حيث التقتيل والاذلال والتخريب الذي طال كل ما وقعت عليه أيدي الحقدة المأجورين الذين يقتاتون علي ازهاق أرواح ذويهم في الدين والوطن ،أن يضع السيف في موضعه وعن كيف ومتي يتكرم بالندي والعطاء والعفو عند المقدرة علي من هو اهل لذلك وأن يتصدي للئام بما يستحقونه من الحزم والشدة ورباطة الجأش.
والسودان عضو في الأسرة الدولية منذ أن حقق استقلاله في العام ١٩٥٦ ومعترف به وفق ميثاق منظمة الأمم المتحدة والتي تعد الـ 193 دولة هي جملة الأعضاء فيها وهم المعنيون تجملا وأملا بأفراد “الأسرة الدولية “. أي أن يكون بينهم من الإلفة والتراحم والتعاضد ما بين أفراد الأسرة الحقيقية .وميثاق الأمم المتحدة وهي المنظِمة لحياة أفراد (دول) هذه الأسرة الدولية عبر عدد من وكالاتها وفروعها ومؤسساتها التي شملت كافة شواغل الحياة فهناك منظمة الصحة العالمية وهناك منظمة الثقافة والفنون ( اليونسكو) ومنظمة الغذاء العالمية ومنظمة الطفولة والأمومة (اليونسيف) ومحكمة العدل الدولية بالإضافة إلي المؤسسات المالية : صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المعروفة بمؤسسات بريتونوودز وراء المدينة الأمريكية التي تم التأسيس فيها.
وأعضاء الأسرة من حيث النظر متساوون بقطع النظر عن حجم مساحات الدول وتعداد سكانها وقوتها وضعفها. وليس الأمر كذلك في واقع الحال، فالدول الخمس التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية عام 1945 ميّزت نفسها بحيث يكون في مقدور احداها ابطال قرار تسنده الـ 14 دولة الأخري من أعضاء المجلس الـ 15 في مجلس الامن الدولي فيما يعرف بحق النقض. والجمعية العامة التي تمثل الـ 193
دولة ،ليست سوي منصة للخطابة قل أن تعني قراراتها شيئا. قالت مرة رئيسة وزراء بريطانيا مارقريت تاتشر ،ساخرة كيف نضع ثقتنا في عالم لا يزال في عصر النبوءات!!
لذلك جعلوا مجلس الأمن الدولي والذي ينبغي أن يكون الجهاز التنفيذي الذي ينفذ قرارات الأغلبية في الجمعية العامة ،هو الحاكم الأوحد للعلاقات الدولية في هذه القسمة الضيزي بينما الجهاز التنفيذي في الديمقراطيات قاطبة هو الذي يأتمر برأي الأغلبية الذي يتحدد في المجالس المنتخبة من الشعب . والمؤلم أن قوة وسطوة مجلس الأمن تتمدد إلي حلفائه من الصغار فهم يتمتعون بحماية حليفهم القوي بين الأعضاء الدائمين فهم فوق القانون الدولي ولا يخضعون لنصوصه وإسرائيل أبلغ مثال علي ذلك. والأمين العام للمنظمة لا بد من اجماع الخمسة الكبار عند اختياره والتمديد لعهدته لدورة ثانية وأخيرة .ألا تري كم هو المسكين مكبل لا يملك أمره. وأمريكا دولة المقر تتكفل بدفع ربع موازنة المنظمة لذلك قالت وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق مادلين أولبرايت ،إن الأمم المتحدة تعد أحد أدوات السياسة الخارجية لأمريكا! تري هل كانت بحاجة لهذا القول؟!
ومن حيث النظر فإن ميثاق الأمم المتحدة يحمي استقلالية الدول الأعضاء من العدوان الخارجي ويمنع التدخل في شؤونها الداخلية. بين ذلك وواقع الحال سنوات ضوئية. هناك المصالح ، مصالح الكبار والرشا والمطامع وهناك الأيدولوجيات والتحامل العرقي والديني الذي يجعل الركون إلي الأقوال المغلفة بسكاكر مفردات اللغة النبيلة عن السلم والأمن الدوليين والواجب الإنساني ، ضرب من المسكنة والمهانة لا تخفي من عوارها وخبثها شيئا. والناس كل الناس والدول كل الدول تعلم ذلك ولكن لا حيلة لهم سوي المصانعة والمشي بمحاذاة الحائط فالمتمرد علي هذا الظلم الفاضح المفارق لأبسط قواعد العدالة البديهية ،يعد مارقاً pariah وعاقاً وشريرا rogue يستحق البطش والزراية إذ كيف يجرؤ علي الكبار أصحاب الأساطيل وهو منتم لأجيال الأساطير !والمصانعة قديمة في الناس قالها شيخ الحكماء في الجاهلية زهير بن أبي سلمي :
ومن لم يصانع في أمور كثيرة
يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
والمصانعة ليست ضربة لازب خيانة إن أحسن المصانع استخدامها وتهيأت لها الظروف لحقن الدماء وتقليل الخسائر وانتظار السوانح لجولات تأتي ،أما الذي يجعلها مطية دائمة لسياساته وأنها مقتضي الدبلوماسية يخدع نفسه ويخادع الناس ليبقي في دائرة الهوان ليقتات كما الحشائش والأشجار!
قال ابو الطيب:
كل حِلم أتي بغير اقتدار
حجة لاجئ إليها اللئام
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
والذي تغلب عليه كبرياء إنسانيته المكرمة من خالقه و المغروسة في جينات البشر الأسوياء يبحث عن مخارج من دائرة الذل تلك ومن محيط المروق ذاك بتحالف مع كبير أقل عنجهية إن لم يشأ أن يموت واقفا أو رأي وهو القائد أن الأمة التي يقود لم تبلغ ذلك الشأو من التضحية وأنها تريد أن تجرب جولات وسوانح أخري من المصانعة وأنها الساعة تنحني للعواصف الهوج لكنها لا تستكين .والعنجهيات عديدة تسببها قناعات بتفوق عرقي أو صناعي وفي الغالب تجتمعان كحال البيضان اليوم أو تفوق مالي وثراء وغني فاحش يحتقر الفقراء تمليه نعمة طارئة مستجدة وأمثلته عديدة أكثر من أن تحصي بما لا يستوجب الإشارة إليها .ويكون البحث عن حليف بين الكبار ممن تقل عنده العنجهيات يكون بشروط لا تهدر الكرامة بل هي في جوهرها بالضرورة حيلة للحفاظ علي تلك الكرامة الإنسانية وعزة النفس. وكما ترون فالحاذق الفطن هو الذي يبني سياساته علي البواطن والمخبؤ بين الكلمات والعبارات والملامس المخملية. ولا بأس أن يكون نمساً يستخدمها عند المخادعة وهو يحث الخطي في عوالم الباطن ، أي عوالم الواقع المر الأليم المغاير علي الجملة لعالم النظر الحالم البديع الوردي .نعم إلي العالم الحقيقي وهو عين الذي يستوجب أن تعرف مواطن القوة والضعف في بلدك وما يغري الآخرين بصداقتك أو التنمر عليك لتصوغ خطتك للداخل والخارج تلتمس البقاء بين الأحياء في كنف العزة والاستقرار والتقدم وذلك عين ما يشار إليه بالجيوبولتيك.
ونحن في حال حرب ضروس تجاوزت العامين سببها ببساطة محاولة البعض انتزاع السيادة الوطنية منا أهل البلد، بتحويلنا إلي لاجئين يجوبون الآفاق أن تعذر إفناؤنا أجمعين وفق مخطط وضع لتلبية رغبات أغيار يدفعهم الطمع في الاستحواذ علي ما نملك من ثروات أو لخوف آني مرضي يقف بلا سيقان أو حقيقي يستقرأ المستقبل بأن الصيد في جوف الفرا أو مجرد مخافة ما نحمل من حلم أو رغبة عارمة وتوق لتحقيق المبتغي لاقامة نظام للحكم ، نصنعه نحن يتزيأً بأزيائنا ويتغني بأهازيجنا من غير اكراه فنحن وحتي تحت وطأة الديكتاتوريات ،لم تنحني لنا هامة ولم نعط دنية في شئ من عزنا. نعم ، توق لحكم رشيد شفاف يصل الناس إليه بالاختيار الحر والتراضي . ذاك مرتقي صعب بلغناه من قبل بعظيم التضحيات، يخشاه أولئك أن يصيب بالعدوي شعوبا في المحيط ترزح في الهوان.
ماذا نفعل إذن ونحن فيما نحن فيه من كرب عظيم مع ( الأسرة الدولية) أسرة أوهي وشائجها مما في بيت العنكبوت الذي تأكل بين جدرانه الأم زوجها عندما تنال مبتغاها منه ثم يأكلها المسكينة بنوها؟ وماذا نصنع بمنظمات اقليمية نتمتع بعضويتها بعضها شقيقة بمعني أقرب لتلك (الشقيقة)التي هي أشد أنواع الصداع ألماً، الصداع النصفي! يا رحمة الله! ذاك الذي نحسه هو ظلم أولي القربي الذي هو أشد مضاضة علي المرء من وقع الحسام المهند .يا للحسرات!
أنركلها جميعا ونقذف بها قذف النواة ؟ حذرنا حكيم قديم بأن لا نفعل:
ليس الغبي بسيد في قومه
لكن سيد قومه المتغابي
قال الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت في بداية القرن العشرين ،رغم أن أمريكا لم تبلغ يومئذ ما بلغت اليوم من العنفوان والسطوة ،”تحدث بصوت خفيض ( أو في ليونة) واحمل عصا غليظة”
أي أبدأ بالدبلوماسية
Speak softly and carry a big stick !
تملك ذلك أمريكا لكنا لا نملك تلك الرفاهية ، تلك العصا الغليظة جداً في الفضاء وأعالي البحار وعلي اليابسة ،فقصاري ما نملك أن نتغابي العرفة في الواقع الخشن الكثيف .كيف؟
في منظمات الأمم المتحدة بعض النفع المحدود ، منظمة الزراعة والأغذية ومنظمة الصحة العالمية واليونسكو واليونسيف وغيرها، منافع تغري بالبقاء داخل السياج وهناك الجمعية العامة التي تدفع المنظمة الأم فيها ، تبعات الترحال إلي مقرها كل عام لخداع الفقراء بأنهم في ( أسرة) فجلهم ينام علي أسرة وليصرخوا ويخرجوا هناك الهواء الحار الذي يستعر في دواخلهم إلي الخارج حتي لا تتفجر حيث هم في بلدانهم فيجعلوها خراباً عليهم وعلي مصالح الكبار . هي ساحة لإخراج الغبائن بالصراخ المدوي ، فهل أحسنا حتي هذا وحدثنا العالم وقياداته مجتمعة هناك بصناع العدوان علينا للظفر ببعض التعاطف ، الذي من يدري قد يفيد؟!
أما المنظمات الاقليمية فقد استهزأ المناضل الافريقي المجمع عليه نيلسون مانديلا عندما أجمعت القارة علي قيام اتحاد لها عندما علم بأنها ستمول من الخارج فقال فيما يعني اذن ستكون النغمة للممولين! ذلك لأنه عبر نضال طويل قضي فيه ٢٧ عاما في سجن رهيب يعلم أن الشخصيات الاعتبارية كالمنظمات يصيبها ما يصيب الشخصيات الطبيعية من البشر فهي عرضة مثلهم للرشا والترويض بالإغراء والتهديد والحرمان من تأشيرات الدخول إلي العواصم الفخيمة وعرضة كذلك للتشهير وإشانة السمعة الذي تؤيده الوقائع أو الذي يصنعه الذكاء الاصطناعي؟
مصيبة شنو دي؟! إذن ماذا نفعل؟ نجتويها ونلعن سلسبيلها ؟ لا لن نفعل . فحق الانتماء إليها يمنحنا بعض الوظائف فيها وبعض النفع المحدود ، لا نترك حقنا فيها لغيرنا وقد أكد ذلك مواطننا البسيط مرة حين قال ” حقنا ما نخلي !” فضلا عن أن كون وجودنا في أروقتها دريئة من تآمر البعض علينا عبرها للنيل منا فلنكن فيها كأذن الجدار لنعرف القابض المكري لإلحاق الأذي ببلادنا والحاقد اللعين الذي لا يضمر لنا سوي الشر الذي لا يستطيع أن يفعله فينا منفردا، ولنعلِم هؤلاء جميعا أننا نعلم وبأننا سنعامل كلا بما يستحق عندما تشرق الشمس غداً وهي ستشرق لا محالة وحتي ليلها سيجلي ظلمته القمر! وقد نهدد أحيانا بالانسحاب من بعضها إن كان ذلك مجديا دون أن نفعل!
أليس من حق شعب السودان الذي يعاني لأكثر من عامين حربا لم يشهد لها مثيلا كما يصفها السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي والسيد رئيس مجلس الوزراء، أن يعلم من يجدد أوارها كلما خبت ؟وهل يقع اللوم فيها فقط علي مليشيا مجرمة مستأجرة هي الدعم السريع ، بينما العالم بوسائط إعلامه المتعددة مقروءة ومسموعة ومرئية ومجالسه التشريعية يشير بأصبع الإتهام إلي دولة بعينها هي دولة الإمارات العربية المتحدة؟ إن لم تكن هي قولوا لنا ذلك صراحة فو الله لا يسرنا أن نلعن بلدا تربطنا به الروابط . ولئن كانت هي ففيم الصمت ؟وفيم اضاعة فرصة ثمينة للقادة لمخاطبة قيادات كل العالم في نيويورك ولندن وفي غيرها من المحافل الدولية لإخطار العالم بجريمة تلك الدولة بل والاحتجاج علي الاصرار عليها طرفا في الحل وإنهاء الحرب وهي تجدد سعيرها كل يوم؟ وإسرائيل التي تحميها مخالب الصهيونية العالمية بالأموال وشبه السيطرة التامة علي وسائل الإعلام العالمية افتضحت جرائمها في قتل النساء والأطفال والعجزة ورأيتم رأي العين كيف خرجت وفود العالم وأخلت القاعة احتجاجاً علي جرائمها في حق الفلسطينيين عندما وقف رئيس وزرائها ليلقي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة . لقد حشد الاحرار دعم العالم لمأساة الشعب الفلسطيني عبر وسائط الاتصال الاجتماعية وعبر الاشارة المباشرة للفاعل الرئيس في ملحمة تلاحم إنسانية فريدة اهتزت من هول معاناة النساء والأطفال والعجزة في فلسطين ولو أننا رفعنا سقف شكوانا إلي علالي السماء بالكشف عن مسيرات ذكية تقول الوسائط أنها تدار عبر الأقمار الصناعية بواسطة ضباط متقاعدين من دول كبري لا يمكن أن تحوزها مليشيا قبلية بل عائلية تدمر المستشفيات والمدارس ومخازن الغذاء والوقود ويقتل المرتزقة فيها الأطفال والنساء والعجزة بالأسلحة المحرمة دولياً مشيرين لدولة العدوان لكان بوسعنا تحقيق بعض التعاطف .
حجب اسم الدولة المعتدية يعني استمرار تدفق السلاح للمليشيا المتمردة واستمرار قتل السودانيين واستمرار حرمانهم من الكهرباء والمياه المعالجة والدواء؟ ألا يعني صمت القيادات المدنية والعسكرية عن ذكر مصدر العدوان وبالصوت الجهير تقصيرا علي الأقل في مسعي قطع اليد الآثمة ووقف تقتيل السودانيين مدنيين وعسكريين وإهدارا لطاقات شباب تطوعوا للدفاع عن النساء والأطفال والعجزة ؟ قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي أمس فقط كيف يدار هذا العدوان ضد السودان ” الناس ديل مؤجرين غرف وعاملين خوارزميات.. صفحاتكم يهكروها .. منشوراتكم يغطسو حجرا ،دي معركة تستهدف السودان كله !” من هم يا فخامة الرئيس ؟؟ ألا يقتضي أن يعرف كل السودان منكم شخصيا ؟ ألا يقتضي ذلك من الدولة أن تجند بالمقابل كل امكاناتها في الداخل والخارج للتصدي لذلك بما يستحقه ؟ أليست مثل هذه التدابير بأهمية الاعداد العسكري ؟
الحرص الحقيقي والأوجب علي وقف الحرب هو التصدي الحاسم لمصدر هذا العدوان الغاشم ووقف نزيف السودانيين وذروة سنامه هو وقف تدفق السلاح والمرتزقة من قبل ذلك المصدر . ستطول المعاناة ويستمر النزيف إن لم يحدث ذلك.
قد يتحجج البعض بأن تسمية الدولة المصدر، من قيادات الدولةً لا يلزم بحجة أننا رغم ذلك قد تمكنا بصمود الجيش وكل المقاتلين وتضحياتهم بالمهج والأرواح ،من تحرير جل أجزاء الوطن وهذا حق يستحق الاجلال والاحترام ولكن إذا كان في مقدورنا تحقيق النصر اليوم بكلفة أقل لم نجعله غدا بكلفة عالية ، دماء زكية وطاقات وأرواح شباب مدخر لمقبل الزمان ؟، ألا يعد ذلك هدرا بلا ضرورة للطاقات ومدخلا للتشكيك ومصدرا لتلفيق التهم التي تفت في العضد وتصيب الثقة في مقتل علي أقل اعتبار؟ وقطع دابر الغرف المصوبة لأذية السودان يا فخامة رئيس المجلس الانتقالي ودرء شرورها هو الشفافية وإطلاع الشعب بالحقائق حلوها ومرها حتي يتحمل المسؤولية سيما وهو يتأهب بعد النصر لحكم نفسه بنفسه. ذلك سيعظم ثقته ويضاعف صبره علي منغصات الحرب ويضاعف من التفافه حول القيادة.
نحن مع الدولة ومع مؤسساتها ومع جيشها الباسل ومع كل المقاتلين معه .لكن علينا كمواطنين تبعات النصح والتنبيه علي مواطن الخلل ومن حقنا معرفة التحركات السياسية والدبلوماسية وبكل شفافية وليس من حقنا معرفة تكتيكات الجيش العسكرية ولا نريد ذلك لأن معرفتها كشف للأسرار فوق أنها عديمة الفائدة للمدنيين أمثالنا.
ألا هل بلغت اللهم فاشهد!

Exit mobile version