الأحداث – وكالات
الهجمات الممنهجة على المرافق الصحية
1. اقتحام مستشف رفاعة (18 ديسمبر 2023): اعتداء على نظام الرعاية الصحية..
في 18 ديسمبر 2023، قامت قوات الدعم السريع باقتحام مستشفى رفاعة، مما أدى إلى اعتقال عدد من الكوادر الطبية والمرض وتعطيل الخدمات الطبية بشكل كامل. هذا الهجوم لم يكن مجرد انتهاك للقانون الدولي الإنساني ، بل كان جزءا من استراتيجية ممنهجة تهدف إلى إضعاف قدرة المدنيين على الوصول إلى الرعاية الصحية. إن تدمير مستشفى رفاعة يمثل خرقا صارخا للمادة 18 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تضمن حماية المنشآت الطبية من الهجمات.
2. الهجوم على مستشفى الفاشر الجنوبي (9 يونيو 2024): اعتداء على العاملين في المجال الطبي
في 9 يونيو 2024، شنت قوات الدعم السريع هجوما على مستشف الفاشر الجنوبي، مما أدى إلى تدمير جزء كبير من المبنى واعتقال عدد من الكوادر الطبية. إن هذا الاعتداء يعكس تجاهلا تاما للحقوق المكفولة للكوادر الطبية بموجب القانون الدولي الإنساني . يشكل هذا الهجوم انتهاكا للمادة 19 مًن اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر الاعتداء على العاملين في المجال الطبي، ويعد مثا آخر على الاستخدام المتعمد للعنف ضد النظام الصحي في السودان.
3. الهجوم على مستشف جبل مرة بالسوق الكبير في مدينة الفاشر (2 يوليو 2024): استمرار استهداف المرافق الصحية
في 2 يوليو 2024، قامت قوات الدعم السريع بمهاجمة مستشفى جبل مرة بالسوق الكبير في مدينة الفاشر، مما أسفر عن تدمير أجزاء كبيرة من المستشف ومقتل عدد من المرضى وأفراد الطاقم الطبي. هذا الهجوم يعد انتهاكا للمادة 12 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، والتي تحظر أي أعمال عدائية ضد المنشآت الطبية، كما يمثل جزءا من نمط متواصل من الهجمات الت تهدف إلى شل النظام الصحي في السودان.
4. القصف المدفعي على مستشف البلك للأطفال بمدينة أمدرمان (4 يوليو 2024): استهداف الأطفال والمرضى
في 4 يوليو 2024، تعرض مستشفى البلك للأطفال في أمدرمان لهجوم مدفعي من قبل قوات الدعم السريع، مما أدى إلى تدمير أجزاء من المستشفى ومقتل عدد من الأطفال المرضى وأفراد الطاقم الطبي.
تؤكد القوانين الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية لعام 1977، على الحماية المطلقة للمرافق الصحية والكوادر الطبية خلال النزاعات المسلحة. حيث تنص المادة 18 من اتفاقية جنيف الرابعة على وجوب حماية المستشفيات والمرافق الصحية من الهجمات العسكرية، وتمنع بشكل قاطع أي أعمال عدائية ضد هذه المنشآت. كما تحظر المادة 19 من الاتفاقية ذاتها الاعتداء عل الكوادر الطبية الذين يقومون بواجباتهم الإنسانية في تقديم الرعاية للجرحى والمرضى إضافةً إلى ذلك، تعزز المادة 11 من
البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الحماية التي يجب توفيرها للمستشفيات والمرافق الطبية، وتشدد على أن هذه المنشآت لا يجب أن تكون هدفا للهجمات تحت أي ظرف كان. كما تنص المادة 12 من البروتوكول ذاته على أن أفراد الكوادر الطبية والمستشفيات يجب أن يتمتعوا بحصانة كاملة من الأعمال العدائية، وأن أي هجوم عليهم يعتبر انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني.
لقد أصبحت هذه القوات جزءا من أزمة إنسانية كارثية أدت إلى نزوح ما لا يقل عن 12 مليون سودان من منازلهم، وهو ما يمثل أكبر موجة نزوح شهدتها البلاد في تاريخها الحديث في الأيام والأسابيع التي تلت بداية النزاع، رصدت قوات الدعم السريع وهي تقوم بأعمال وحشية في المناطق التي تدخلها، بدءا من الاعتقالات التعسفية التي تطال جميع الفئات العمرية، حيث لا تفرق هذه القوات بين الرجال، النساء، والشباب. تحتجز هؤلاء الأشخاص دون توجيه أي تهم رسمية لهم، وغالبا ما يتم اعتقالهم بناء على شبهات أو لمجرد وجودهم ف المناطق التي تسيطر عليها هذه القوات. ولم تتوقف الانتهاكات عند هذا الحد، بل تعدتها لتشمل النهب المنظم، حيث تقوم قوات الدعم السريع بنهب الممتلكات العامة والخاصة على حد سواء ، مما يعمق الأزمة الإنسانية في المناطق المتأثرة.
الأمر الأكثر فظاعة هو أن هذه القوات لا تتورع عن ارتكاب جرائم الاغتصاب الجماعي، التي باتت تستخدم كسلاح حرب لترهيب السكان المحليين ودفعهم إلى النزوح. وقد وثقت المنظمات الدولية المستقلة مئات الحالات التي تشير إلى أن الاغتصاب لم يكن مجرد فعل فردي بل هو سياسة ممنهجة تستخدمها قوات الدعم السريع لإرهاب المدنيين والسيطرة على المناطق. الشهادات التي تم جمعها من الناجين تكشف عن قصص مروعة لانتهاكات ترتكب بحق النساء والفتيات، حيث يتعرضن للاعتداءات الجنسية بشكل جماعي.
قامت قوات الدعم السريع بالاستيلاء على المنازل وتحويلها إلى مقار عسكرية أو معتقلات سرية بعد طرد السكان المحليين من منازلهم تحت تهديد السلاح، ويتم إجبارهم على ترك جميع ممتلكاتهم وراءهم بحيث تصبح هذه المنازل بعد ذلك مقرات عسكرية تستخدمها قوات الدعم السريع لتنظيم عملياتها أو معتقلات سرية يتم فيها احتجاز وتعذيب المعتقلين. ومن المهم الإشارة إلى أن هذه الممارسات تأتي في سياق سياسة ممنهجة تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية في المناطق التي تستولي عليها هذه القوات، مما يضيف بعدًا جديدًا للأزمة الإنسانية ف السودان.
تقارير المنظمات الدولية المستقلة أكدت أن قوات الدعم السريع تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي الإنساني ، حيث ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في جميع المناطق التي تسيطر عليها. وتشير التقارير إلى أن هذه القوات تتعمد استهداف المدنيين والبنى التحتية المدنية كجزء من استراتيجيتها للسيطرة عل الأرض إضافة إلى ذلك، لم تكتف قوات الدعم السريع بالسيطرة على المنازل فحسب، بل تجاوزت ذلك لتستولي على المرافق العامة مثل المستشفيات والمدارس، وتحولها إلى مقرات عسكرية ، هذه التصرفات أدت إلى حرمان مئات الآلاف من المدنيين من الوصول إلى الخدمات الأساسية، وزادت من تعقيد الوضع الإنسان. التدمير المتعمد للبنى التحتية أدى إلى انهيار الخدمات الصحية والتعليمية في المناطق المتضررة، مما جعل حياة المدنيين أكثر بؤسا.
وما جعل قوات الدعم السريع تتمادى في هذه الجرائم دون محاسبة، هو غياب آليات رقابة قوية وواضحة قادرة على فرض سلطة القانون وردع التجاوزات التي تقوم بها هذه القوات. إن تراخ المجتمع الدولي في تطبيق الإجراءات اللازمة قد أتاح لهذه القوات مساحة واسعة للتمادي في انتهاكاتها دون الخوف من أي عواقب تذكر.
فعل الرغم من صدور قرار مجلس الأمن بتاريخ 13 يونيو 2024، والذي جاء واضحا وصريحا بضرورة فك الحصار عن مدينة الفاشر والسماح بدخول الإغاثات الإنسانية، إلا أن قوات الدعم السريع اختارت تجاهل هذا القرار بشكل تام، متحدية بذلك الإرادة الدولية ومبدية استخفافها بكافة الجهود الرامية لإحلال السلام.
لقد أصبحت مدينة الفاشر محاصرة، ويعاني سكانها من ظروف إنسانية قاسية نتيجة النقص الحاد في المواد الغذائية والدوائية، في حين تستمر قوات الدعم السريع في شن هجماتها العشوائية التي لم تفرق بين المدنيين والعسكريين، مما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا الأبرياء. هذه الأفعال لا تشير فقط إلى عدم التزام هذه القوات بالقرارات الأممية، بل تعكس أيضا تجاهلها المتعمد لكافة الأعراف والقوانين الدولية الت تحظر استهداف المدنيين وتفرض حماية حقوق الإنسان.
إن هذه التصرفات ليست سوى جزء من نمط طويل من الانتهاكات الت ترتكبها قوات الدعم السريع، حيث لم تقتصر جرائمها عل القصف العشوائ والحصار، بل امتدت إل ممارسة التعذيب والاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القانون. ولعل الصمت الدول تجاه هذه الجرائم وتباطؤ الجهات المعنية ف اتخاذ خطوات فعلية لمحاسبة هذه القوات قد شجعها عل الاستمرار ف هذه الأعمال الوحشية.
تجاهل قوات الدعم السريع لقرار مجلس الأمن ليس سوى دليل آخر عل أنها لا تعبأ بأي جهود لتحقيق السلام، وأنها تسع لفرض سيطرتها بالقوة والعنف، غير مبالية بالمعاناة الت تسببت فيها للمدنيين العزل.
ونجد وفق هذه المعطيات السابقة أن قوات الدعم السريع قامت بخرق واضح وصريح للقوانين الدولية والإنسانية، مما يعكس عدم أهلية هذه القوات غير المنظمة للعمل ضمن أي إطار قانون أو أخلاق. إن هذه القوات، التي تأسست في البداية كميليشيا غير نظامية، تفتقر إلى أي نوع من الانضباط العس ري أو الالتزام بالقوانين الدولية، وهو ما أدى إلى سلسلة من الانتهاكات الخطيرة التي هزت الضمير العالم.