عادل الباز يكتب: المقاومة الشعبية المسلحة في السودان… إلى أين؟

فيما أرى
1
في الحلقة الماضية قلنا إن الاستجابة الواسعة للاستنفار من قبل طوائف وقطاعات مختلفة من الشعب جعل المقاومة الشعبية المسلحة عنصراً مهماً في الصراع بين الجيش والدعم السريع، إذ بدا الآن أن الجيش لا يحارب وحده، إنما خلفه الملايين الذين يساندونه في الحرب، إضافة إلى أن المقاومة بدأت تدعم مادياً وحدات الجيش المختلفة، كما بدأت تنظم نفسها وهياكلها مما يجعل دعمها وتأثيرها في الحرب أكثر فعالية.
2
أكثر ما يميز المقاومة الشعبية المسلحة هو حشدها لسكان المناطق للدفاع عن مناطقهم دون فرز جهوي أو أثني، فالآن مثلاً تنخرط كل الإثنيات في صفوف المقاومة الشعبية المسلحة في كل أقاليم الشمال والشرق والوسط التي تتساكن فيها كل أعراق السودانيين، مما يجعل المقاومة عنصر وحدة تغذي وتساهم في الترابط القومي وتقوية النسيج الاجتماعي.
3
عدة مخاطر تحيط بالمقاومة الشعبية المسلحة، فهناك خوف من أن ينفلت السلاح وينتشر بلا ضابط بين المواطنين، مما يجعل السيطرة عليه مستقبلاً مستحيلاً، وفي ذلك خطر كبير، وهناك تخوف أيضاً من أن تستغل جهات ما، المقاومة وتجييرها لصالح أجندتها السياسية وبرامجها.
4
تسعى المعارضة الآن لتخويف العالم الخارجي من المقاومة الشعبية المسلحة، باعتبار أنها تزيد أوار الحرب وتحولها لحرب أهلية، وليس ذلك فحسب بل تدَّعي أن تلك الحرب الأهلية ستنتقل إلى دول الجوار ويشتعل الإقليم كله، ويبدو أن جهات كثيرة في المجتمع الدولي قد اشترت هذه الكذبة وطفقت تدعو لإيقاف الحرب بأي ثمن. رغم أن ما هو معلن من المقاومة الشعبية أنها تأسست للدفاع عن مناطقها وليس لها أي أجندة عدوانية أو هجومية وخاصة أن تسليحها لا يؤهلها الآن للقيام بأي أدوار هجومية أو مشاركة واسعة في القتال.
5
الغريب أن العالم الذي يرفع صوته الآن متخوفاً من المقاومة الشعبية كان قبل عام ينظر إلى مليشيات التقراي المسلحة تتقدم نحو العاصمة أديس أبابا.. لم يعترض أحد ولم يصرح مسؤول أن هذه القوات الشعبية التي هددت سلطة أبى أحمد ستكون خطراً على الإقليم وأن حرباً أهلية ستعم البلاد، وعندما طالب الإقليم الأفريقي على استحياء، رفض أبى أحمد وقف الحرب حتى دحر قوات التقراي وفرض عليهم اتفاقاً مجحفاً.
6
الآن ولكي تنجح المقاومة الشعبية في أداء مهمتها في فترة محددة ومهمة محدودة وهي الدفاع عن الأهالي في مواطنهم فهي بحاجة لتنظيم هياكل وتأسيس قيادة موحدة لها، وكذلك يلزمها وحدة الهدف والدافعية وهذه العوامل تحدد بشكل حاسم قدرتها على الصمود وسط المتغيرات المحلية والعالمية حتى تحقق أهدافها.

Exit mobile version