فيما أرى
١
في الحلقة السابقة من هذا المقال حددت الفوارق بين أسواق الحرامية زماااان وبين أسواق دقلو الآن وأظهرت عدالة الجنجويد في الشفشفة، إذ أنهم ساووا بين سكان الأبراج العالية، وبين قطاطي القش في عملية نهبهم، وهي عملية في منتهى الديمقراطية والعدالة وبحرية كاملة، شفاف إذ جرت تحت أبصار الديمقراطيين كافة، ولم يفتح الله عليهم بكلمة (لا) للشفشفة.!!.
٢
تطورت أسواق دقلو مع مرور الزمن، وانفتحت على آفاق أخرى وتوسعت الفكرة، فبدلاً من افتتاح تلك الأسواق في المناطق المهمشة والبعيدة، فتحوها في قلب العاصمة، وهنا عجت الأسواق بالسراق من كل الأصناف، فبدلاً من بيع البضائع الرخيصة المسروقة فقط، فتحت تلك الأسواق أبوابها لشراء الذمم الرخيصة أيضاً، وهذا تطور وتحول نوعي فى عمل أسواق دقلو.
٣
بدأ آل دقلو في شراء الذمم الرخيصة وهى متنوعة: سياسيين، عسكريين للأسف، وتجار دين (وهؤلاء على ناحية بيت المال قريباً من سوق الشجرة)، وزعماء قبائل، وقيادات في الإدارة الأهلية، كذلك اشتروا رجال أعمال كبار بتراب الفلوس، على أن أكثر ما يحيرني هوان بعض الصحفيين، أسعارهم ممن كنا نعتبرهم قادة وجدناهم معروضين فى تلك الأسواق بثمن بخس، ولا أعرف سبباً لرخصتهم هذه، كيف يكون مثلاً سعر صحفيين كبار أقل من أسعار الحكامات، وبل أرخص من أحذية عادل دقلو المعروضة هناك كأحذية ميسي.!!، الغريب أن آل دقلو قبل شن حربهم على الشعب السودانى كانوا يشترون ويبيعون الذهب الذي ينهبونه، ثم يشترون الشركات والبنوك (بنك الخليج نموذجاً)، ولهذا البنك قصص سنرويها قريباً)…كانوا يشترون البيوت الفخمة في كافوري والعمارات والرياض…لا يحبون شراء الأشياء الرخيصة، تغيرت طباعهم بعد الحرب، وتحديداً بعد تأسيس الأسواق، فأصبحوا يميلون لشراء البضائع الرخيصة، والذى يوجع قلبي أن بعض زملائي الصحفيين شروهم بثمن بخس وكانوا ولازالوا فيهم من الزاهدين.!!.
٤
ليس أرخص من بعض زملائنا الصحفيين في تلك الأسواق إلا بعض السياسيين، رغم بيع ذمم هذه الأصناف من السياسيين الذين نراهم مصطفين خلف الجنجويد، ليس غريباً، فبريق الذهب يغشي الأبصار، وكثيراً ما باع السياسيون ضمائرهم ومواقفهم، لكل مشترٍ ذو مال أو سلطة، إلا أن ذلك كان يجري في الخفاء، ولكن الآن يتم علناً، فهذه الفئة الرخيصة من السياسيين كما فقدت استقلالها وعقلها، افتقدت الحياء أيضاً… فممارسة العهر السياسي أصبح معلناً تماماً، كما كان المصطفون أمام سبعة بيوت لا يستخفون.!!.
أنظر مثلاً لما قالته بالأمس المتحدثة باسم (تقزم)، رشا عوض، (مريضة الكوزفوبيا) قالت إنهم يتلقون تمويل نشاطهم السياسي من المنظمات الدولية!!. خجلت لرشا كما حزنت من قبل لحكامة الجنجويد (زينب الصادق المهدى) التي تبرر لهم احتلال البيوت، يا لتلاميذك يالباقر غير العفيف الذي علمهم التسول في أزقة المنظمات بدون كدمول.
الغريب أن أولئك السياسيين المعروفين بخراب ذممهم وبيعهم لأنفسهم، هذه المرة باعوها في أوضاع محيرة، إذ كيف تبيع ضميرك وموقفك لمن نهب مالك وانتهك عرضك واغتصب أمك وشردك من وطنك؟.
٥
بعد أن دخل آل دقلو أسواقهم التي افتتحوها كمشترين لكل رخيص ورخيصة من الفئات التي ذكرناها أعلاه، وتبضعوا جيداً، غادروا السودان ليفتتحوا ذات الأسواق في بعض العواصم الإفريقية، فبدأوا الشراء بصغار الموظفين من كتبة التقارير في المنظمات الإفريقية، وأعضاء اللجان، ثم صعدوا السلم لقادة تلك المنظمات الذين كانوا أصلاً معروضين في الأسواق الأفريقية عقب كل أزمة؛ دهش آل دقلو حين اكتشفوا رخص القادة الذين يعرضون لهم أنفسهم دون حياء في أسواق مكشوفة ومعروفة، تعلم أولاد دقلو السياسة شيئاً ما من السياسة الدولية في هذه الأسواق الآسنة.
٦
توجت مجهودات آل دقلو بصعودهم إلى القمة حين شرعوا بسرعة هائلة في شراء القادة الأفارقة أنفسهم، قد صقع العالم وهو يشاهد أمير آل دقلو يهبط بطائرته في خمس دول إفريقية استقبل في بعضها بالبساط الأحمر كرئيس دولة حقيقي وليس متمرداً وخائناً لوطنه ومتهماً بالإبادة حتى..!!.
كان الذهب قد فعل فعله، وفعل الرؤساء ما فعلوا دون حياء، نجحت أسواق آل دقلو للنهب والبيع والشراء السريعين والرخيصين في مهمتها بتفوق، إذ استطاعت في فترة وجيزة أن تنهب وتبيع ثم تنهب وتشتري بالرخيص أصنافاً متنوعة من أشهر صحفي (فلان) إلى أكبر سياسي مخرف (علان)، من أفشل رئيس وزراء في تأريخ السودان، إلى الرئيس الشريك في مملكة فساد وأسواق آل دقلو… ومن غيره؟؟