ظهور فوق هامات الرجال

ألسنة وأقلام

بابكر إسماعيل

“إنَّ للهِ تعالى عبادًا اخْتَصَّهُم بحَوائِجِ الناسِ ، يَفْزَعُ الناسُ إليهِم في حَوَائِجِهِم ، أولئكَ الآمِنُونَ من عذابِ اللهِ”

رأيت مقطع فيديو بثّه تلفزيون السودان القومي يتحدث عن عودة الخدمات الصحية في مستشفى أمدرمان .. ومنها خدمات قسطرة القلب وشرايين المخ والأطراف ..
يقود الفريق أطباء مشهود لهم بالأمانة والنزاهة والذود عن شرف الأمة ..
محمد سعيد الخليفة .. عرفته ساحات الفداء مجاهداً طبيباً .. في السودان وفي غزة وفي كلّ هيعة .. ما نادى منادٍ يا خيل الله اركبي ..
إلا كان على ظهور العاديات ضبحاً ..
والمغيرات صبحاً ..
يعلى راية الجهاد وبرفع راية الدين ..
فحيّاه الله من محمد محمود في الأولين والآخرين سعيد في الدارين ..
خليفة في الأرض ..
ذي خلق ودين ..

ومحمد الآخر الطيفور.. أدّبه أبوه المربي فأحسن تأديبه .. تراه هاشاً بسّاماًً سمحاً إذا قضى وإذا اقتضى وإذا طبّب مرضاه ..
ترك الدنيا وراءه وكان استشارياً في سلطنة عمان .. في وظيفة عالية يتنقل بين المستشفى السلطاني بمسقط .. ومستشفى صحار العام يعالج أهلنا في عمان .. جاء منها باختياره ليكابد مع أهل أمدرمان لأواء الملاريا وضنك الحمّى .. وليفتح شرايين صمّاًً لتتدفق الدماء عبرها .. فتنتعش الذاكرات الذواكر بمجدنا الذاخر في أرض النيلين ومرج البحرين ..
وتعود الأرجل الضامرة دابة على الأرض تغشى المساجد والأسواق والمنتديات ..
وأحمد على بن خالد النطاسي الذي يفتح براغي مكائن البنج فينساب الهواء اللذيذ ..
وتغفو العيون في سبات عميق فتمزق مباضع الجراحين الأغشية المدنفة بلا ألم ..
وتغور المسابير في عمق العروق ..
تزيل عنها الجلطات والسدّات ..
وتعود الدماء منسابة في مجاريها تحمل الأكسجين وإكسير الحياة ..
ومن خلفهم جيش من الأخيار المطببين من الأطباء والممرضين والفنيين والإداريين والعمال والموظفين في مستشفى أمدرمان ..
وغيرهم كثيرون لا نعلمهم ولكن الله يعلمهم .. وسيجزيهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون
فلله درهم ..
أخوان البنات
وفوارس الهيعات ..
ذوي النجدات ..
وكاسيو العاريات
ومقنعو الكاشفات ..
كيزان الدين ..
أولئك هم المفلحون ..

وعلى الجانب الآخر طبيب دربه السودان ليخفف آهات المرضي ويمسح دموعهم وأحزانهم ..
دربوه ليعالج أكباد أهل السودان ففقع مرارة الجميع ..
اسمه علاء وهو في الحقيقة سافل ..
نُقداً وعبداً للجنجويد .. وناطقاً باسمهم ومسبّحاً بجرائمهم في نيالا ..
ويرسل لأهله بالوسط والشمال في كل صباح المسيرات والقنابل والموت الزؤام ..
ومثله كثيرون ..
إن تصبنا سيئة يفرحوا بها
فيا خيبة الرجاء ..
وولادة السجم والقحط .. والبؤس والعمالة ..

Exit mobile version