سلّط مقال نشرته مجلة نيوزويك الأميركية الضوء على تجربة الطبيب السوداني الأميركي محمد إبراهيم محمد، الذي اضطر لمغادرة مدينة الفاشر في إقليم دارفور بعد تعرض أسرته ومدينته لقصف عسكري شديد من قوات الدعم السريع، مما جعل تقديم الرعاية الصحية أمرا شبه مستحيل.
وأكد محمد إبراهيم أنه لم يغادر مقر عمله في المستشفى السعودي حتى بعد أن نزحت عائلته، وظل ملتزما بمهنته رغم المخاطر، وقال “لم أستطع أن أترك المرضى -شعبي- دون رعاية. هذه المدينة لم تكن مجرد مكان عملي، لقد كانت بيتي طوال 28 عاما”.
وأوضح أن الوضع في المستشفى تدهور بشكل مأساوي بحلول يوليو/تموز الماضي بسبب هجمات الدعم السريع المتكررة، حيث فقد المستشفى 70% من كوادره الطبية، وبقي 11 طبيبا فقط لخدمة 260 ألف نسمة، نصفهم أطفال.
وأشار الطبيب إلى صعوبة تقديم الرعاية الطبية في ظل الحرب، مضيفا “عملنا بلا كلل لساعات طويلة متواصلة، وإمداداتنا على وشك النفاد. كنا نستخدم المعدات الواقية مثل القفازات فقط للعمليات الجراحية، والمناديل لتضميد الجروح العادية”.
رحلة مميتة
وتطرّق المقال إلى سقوط الفاشر في أيدي قوات الدعم السريع في أكتوبر/تشرين الأول، حين حل الخوف على الجميع وبدؤوا بالركض “في جميع الاتجاهات” بحثا عن مأوى أو ملاذ آمن دون طائل.
وفي طريقه إلى خارج المدينة، شاهد الطبيب الناس يركضون عائدين والرعب على وجوههم، بعد أن تبين أن قوات الدعم السريع كانت تطلق النار على كل من يحاول الهرب.
واضطر محمد حينها للمغادرة ضمن مجموعة صغيرة تضم نحو 200 شخص في رحلة شهد خلالها سقوط العديد من القتلى أمام عينيه، ولم ينجُ منها كثير من الذين كانوا برفقته.
واستغرق قطع كيلومتر واحد في جنح الظلام 6 ساعات كاملة للوصول إلى ضواحي المدينة، حيث تقدّمت المجموعات في صمت مطبق، أحيانا زحفا على بطونهم لتجنب اكتشافهم، قبل أن ينفصلوا ويتفرقوا في طرق متباعدة مع حلول الفجر.
العمل مستمر
ورغم هذه الاحتياطات، وقع الكاتب في قبضة مقاتلي قوات الدعم السريع على الطريق، وقضى يومين عصيبين في الأسر، حتى تمكنت عائلته من دفع فدية لإطلاق سراحه.
وبعد وصوله إلى بر الأمان في مدينة طويلة، اطمأن الطبيب قليلا لرؤية وجوه زملائه من جمعية الأطباء السودانيين الأميركيين، وانضم مباشرة إلى عيادات الجمعية المتنقلة لتقديم الرعاية للنازحين الجدد الذين يعانون من الجوع والأمراض والإصابات.
وشدد محمد في نهاية مقاله على أن الحرب “أخذت مستشفاه ومدينته، لكنها لم تأخذ طموحه وأهدافه”.
نقلا عن الجزيرة نت
طبيب سوداني: نجوت من الفاشر وأعتني الآن بالنازحين مثلي
