د. معتز صديق الحسن
Musdal@gmail.com
# من الغرائب أن الدول الساعية بشدة -في الآونة الأخيرة- للتوسط لإيجاد حل لمشكلة الصراع في السودان؛ أنها تعلم أنه لم ينفّذ الاتفاق الأول في “جدة” ومع ذلك تدعو ليل نهار وبإصرارٍ كبيرٍ للتفاوض على اتفاقٍ ثانٍ في “جنيف”.
# بينما المفترض بداهةً السعي الكامل لتطبيق الاتفاق الأول وفي حال لم يتيسر ذلك –لا قدر الله- بظهور بعض الشياطين في تفاصيله؛ هنا يكون الجلوس للتفاوض لمرةٍ ثانيةٍ ممكنة بل واجبة ولاستدراك ما يمكن استدراكه لمعوقات تنفيذه.
# لكن علام تريد تلك الدول من الشعب السوداني قبل حكومته الاستعداد ما بين وقت وآخر لتفاوضٍ جديدٍ والذي من قبله لم ينفذ على الإطلاق؟ وهل هي تقترح التفاوض من أجل التفاوض ليس إلا أم أنها تقترحه لإيجاد الحلول وإزالة العقبات؟!
# أما الأغرب من كل ما سبق اقتراحهم للدويلة التي لها قدح سبق المؤامرات والشرور في إذكاء وتأجيج نيران الصراع داخل السودان من ضمن الجالسين الكبار في مائدة التفاوض ومن الداعين للسودانيين لحل مشكلاتهم وإنهاء صراعاتهم.
# وهنا وبكل الصدق لن تكون هذه الدويلة في آنٍ واحدٍ هي الجلاد والحكم وعليه فلن يجديَ نفعًا مقالة الشاعر والداعية لعلاجه بالتي هي سبب مرضه أن داوني بالتي كانت هي الداء بل ما يصح منا معها رفضها بمبدأ أن (لا تمرضني بالتي هي أس الداء).
# ولتعلم هذه الدويلة ومن وراءها بأنه إذا كان جلوسها من أجل إسقاط التعويضات المادية المستحقة للسودانيين عليها بل أنه حتى وإن دفعتها بالكامل ولن تفعل فلن تعوّض الشعب السوداني عن خسائره المعنوية والتي لا تحصى ولا تعد.
# للتوضيح أكثر فإذا عوَّضته خسائره في سلب أمواله وتدمير بيوته ومؤسساته الخدمية العامة ومشروعاته الإنتاجية المختلفة فهل هي قادرة على تعويضه في أمنه الذي ضُيّع وفي أنفسه التي أُزهقت ودمائه التي سُكبت وأعراضه التي اُغتصبت؟!
# إذًا فالمرجو والمأمول إبعاد هذه الدويلة والممثلة لمن وراءها من أي تفاوض قادم بل ولاستمراره وبالعامية السودانية فإننا نقول بأننا لا نريد أن “نشوف خلقتها” فيه دعك عن الإتيان بسيرتها أو مجرد ذكرها حتى؛ لأنها تمثل عندنا ابتداء شيطان عمومياته.
# على كلٍ فإذا ألقت الدولة السودانية بالكامل اتفاق “جدة” من وراء ظهرها وغير مشترطة له في قادم مفاوضاتها بل تسعى من دونه ولو لدراسة مقترحات اتفاق “جنيف” حينها تكون ونكون كأننا في اتفاق “جدة” لا غزينا لا “شفنا” الغزو.
# بكل الصراحة لا نريد سلامًا تكون عاقبته في كل مرة الاقتطاع لجزءٍ غالٍ من جغرافيا وطننا الذي نحبه كله والتجارب المُرّة في ذلك واضحة وما اتفاق نيفاشا الذي ذهب بالجنوب عنا ببعيد وعليه فلا لاتفاقات تذهب بأي اتجاه آخر من اتجاهات بلدنا.
# لتظل فينا “مدورة ساقية” تلك الاتفاقيات التي ظاهرها سلام وباطنها انفصال؛ فينفصل بعدها في كل مرةٍ جزءٌ من هذا الوطن وبكل التأكيد فإن رضينا باستمرار حالها المعيب هذا؛ فإننا سنصحو ذات صباحٍ ولن نجد الدولة التي اسمها السودان.
# لكن يبقى العزاء الأخير والأمل الكبير أنه خيرًا فعلت قيادة الدولة ممثلةً في مجلس السيادة وفي مجلسها العسكري أنه وبمثل ما آمنت بخوض معركة الكرامة -والتي نأمل فيها انتصارها قريبًا- فكذلك نرجوها إذا سالمت أن تسالم بسلام الكرامة.
هذا وبالله التوفيق. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.