سقوط سردية “تديين” القوات المسلحة السودانية: فرية سياسية وفزاعة لتبرير مشروع الفوضى

بقلم: عبد الجليل عجبين – برلماني سابق
مقدمة
في خضم الحرب الدائرة على أرض السودان، نشطت ماكينة الدعاية السياسية في نسج روايات مضلِّلة تستهدف ضرب الثقة بين الشعب ومؤسساته. ومن بين هذه الروايات الأكثر انتشاراً وافتعالاً، سردية أن القوات المسلحة السودانية “مدينة” أو “مخترقة” بواسطة جماعة الإخوان المسلمين.
هذه ليست قراءة سياسية، ولا تحليل مؤسسي، بل فزاعة سياسية مصنوعة تهدف لإضعاف المؤسسة العسكرية، وتهيئة المناخ لقبول مشروع الفوضى وتمكين الميليشيات.
أولاً: القوات المسلحة… مؤسسة لا تُختزل في حزب سياسي لأن القوات المسلحة السودانية، منذ تشكّلها، بقيت مؤسسة مهنية قومية تتجاوز الانتماءات الحزبية والمرجعيات الفكرية الضيقة.
لم تكن في يوم من الأيام جيشاً لحزب، ولا ذراعاً لجماعة.
هي مؤسسة دولة، لا مؤسسة تنظيم، ومن يحاول حشرها في قالب أيديولوجي يظلم التاريخ ويزوّر الواقع.
ثانياً: من يصنع هذه السردية ولماذا؟
الجهات التي تروّج لهذه التهمة الكاذبة هي ذاتها التي دعمت تكوين الجيوش الموازية.
شرعنت السلاح خارج إطار الدولة.
غطّت جرائم التمرد إعلامياً وسياسياً لأنها ليس الهدف اكتشاف الحقيقة، بل هدم الهيبة الوطنية للجيش لتمرير مشاريع تقويض الدولة.
ثالثاً: توقيت السردية ليس بريئاً
هذه التهمة تخرج دائماً في اللحظة نفسها التي:
يتقدم فيها الجيش ميدانياً،
أو تستعيد الدولة شيئاً من توازنها،
أو تضعف فيها حجج التمرد أمام الرأي العام بحيث إنها محاولة مكشوفة لإضعاف آخر مؤسسات الدولة المتماسكة، وإقناع الناس أن الجيش مجرد “تنظيم حزبي” يمكن مهاجمته أو إسقاطه دون تبعات وطنية.
رابعاً: حقائق يتجاهلها دعاة الفزاعة
1. لم تقدَّم أي وثيقة رسمية أو مهنية ذات مصداقية تثبت اختراق الجيش من قبل تنظيم ما.
2. القوات المسلحة تضم أفراداً من كل السودان، بمختلف ثقافاتهم وأفكارهم وخلفياتهم.
3. نظام اتخاذ القرار داخل الجيش يمر عبر تراتبية صارمة لا تسمح بتمرير أجندات حزبية.
4. كل الأنظمة السياسية حاولت التأثير في الجهاز العسكري بدرجات مختلفة، لكن الجيش ظل دائماً الأكثر قدرة على مقاومة الاختراق.
خامساً: السردية كأداة حرب نفسية حيث أن هذه الرواية تُستخدم لإعادة تشكيل الوعي الشعبي عبر:
تبرير جرائم الميليشيات ضد المدنيين وتحميل الجيش وزر أخطاء الآخرين إن تصوير التمرد كـ”ثورة على الإسلام السياسي” بينما هو تمرد على الدولة نفسها،و إضعاف الروح المعنوية والسلم الاجتماعي إنها حرب معنويات، لا حرب حقائق.
سادساً: الجيش… آخر حصون الدولة حيث ان محاولة فصل الجيش عن الدولة، أو تصويره كجناح لحزب، هي محاولة لهدم الدولة من جذورها فالدولة بلا جيش وطني هي دولة مفتوحة للسلاح المنفلت، للتقسيم، ولتحويل السودان إلى خرائط متنازعة، تُدار بمنطق الميليشيا لا بمنطق الدولة.
ختامة منطق …
إن سردية “تديين القوات المسلحة” ليست سوى فرية سياسية تُستخدم كسلاح دعائي لتبرير مشروع الفوضى الذي يستهدف السودان أرضاً وشعباً ومؤسسات.
ويجب على كل وطني، مهما اختلفت رؤاه السياسية، أن يدرك أن هذه الحرب ليست حرب سرديات… بل حرب وجود.
الدفاع عن الجيش هو دفاع عن السودان، وعن فكرة الدولة نفسها.
و للحديث بقية



