زيارات متزامنة إلى مقديشو تكشف تنافس النفوذ في القرن الأفريقي

مقديشو – في ظرف زمني لا يتجاوز 24 ساعة، شهدت العاصمة الصومالية مقديشو وصول شخصيتين بارزتين من إقليميْن متنازعين على النفوذ في القرن الأفريقي: وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، ومدير جهاز المخابرات العامة السوداني الفريق أحمد إبراهيم مفضل.
الزيارتان المتقاربتان زمنياً تثيران تساؤلات حول أهداف التحركات الدبلوماسية والأمنية في منطقة تمثل اليوم قلب التوازنات الاستراتيجية بين الخليج وشرق أفريقيا.
أولاً: خلفية الصومال في معادلة النفوذ الإقليمي
•الموقع الاستراتيجي: الصومال يطل على واحد من أهم الممرات البحرية الدولية في خليج عدن وباب المندب، ما يجعله عنصراً محورياً في أمن البحر الأحمر.
•الانقسامات الداخلية: الصومال يواجه تحديات تتعلق بالصراع مع حركة الشباب الإرهابية، إضافة إلى الانقسامات السياسية بين الحكومة المركزية والأقاليم، ما يجعله ساحة خصبة لتدخلات خارجية.
•الدور الخليجي: كل من الإمارات وقطر وتركيا لعبت أدواراً متباينة في مقديشو خلال السنوات الأخيرة، عبر الدعم الأمني والاقتصادي وحتى العسكري.
ثانياً: زيارة شخبوط بن نهيان – أبعاد إماراتية
الإمارات تسعى لترسيخ حضورها في الصومال كجزء من استراتيجيتها الأوسع في البحر الأحمر والقرن الأفريقي.
•المصالح الاقتصادية: إدارة وتشغيل موانئ، وتعزيز النفوذ عبر الاستثمارات والبنى التحتية.
•الأبعاد الأمنية: توسيع شبكة التحالفات لمواجهة النفوذ التركي والقطري، وتعزيز الشراكات في ملف مكافحة الإرهاب.
•التوقيت: تزامن الزيارة مع اشتداد الحرب في السودان قد يشير إلى محاولة إماراتية لخلق توازن جديد عبر البوابة الصومالية.
ثالثاً: زيارة مدير المخابرات السوداني – حسابات الخرطوم
زيارة الفريق أحمد إبراهيم مفضل إلى مقديشو تحمل أبعاداً أمنية ودبلوماسية مهمة:
•التنسيق الأمني: السودان والصومال يتقاطعان في ملف مكافحة الإرهاب وتهريب السلاح عبر البحر الأحمر.
•التحالفات الإقليمية: الخرطوم تسعى إلى كسر العزلة الدبلوماسية التي فرضتها الحرب الداخلية عبر نسج علاقات أوسع في القرن الأفريقي.
•رسالة غير مباشرة: الزيارة قد تحمل إشارة إلى استعداد السودان للتعاون مع الصومال كجزء من بناء محور مضاد للتدخلات الخارجية، خصوصاً الإماراتية.
رابعاً: انعكاسات على السودان والقرن الأفريقي
1.على السودان:
•زيارة الإمارات لمقديشو بعد المخابرات السودانية قد تُقرأ كمحاولة لموازنة التحركات السودانية في المنطقة.
•احتمال بروز توتر غير مباشر بين الخرطوم وأبوظبي على أرضية النفوذ في الصومال.
2.على الصومال:
•مكاسب سياسية واقتصادية محتملة من تنافس القوى الإقليمية.
•في المقابل، خطر أن يصبح الصومال ساحة جديدة لتصفية الحسابات بين أطراف متصارعة.
3.على القرن الأفريقي:
•زيادة التنافس الخليجي – خاصة الإماراتي – مع القوى الأخرى مثل تركيا وقطر والسودان.
•احتمال إعادة رسم تحالفات جديدة قد تعيد تشكيل خريطة النفوذ في البحر الأحمر.
خامساً: خلاصة
الزيارتان المتزامنتان تعكسان أن الصومال لم يعد مجرد ملف محلي، بل جزء من معركة النفوذ الكبرى الممتدة من الخليج إلى القرن الأفريقي.
•بالنسبة للإمارات: مقديشو تمثل بوابة لتعزيز النفوذ البحري ومواجهة المحاور المنافسة.
•بالنسبة للسودان: الزيارة محاولة للانفتاح على محيطه الإقليمي واستخدام الصومال كمنصة لتثبيت وجوده في معادلة البحر الأحمر.
في المحصلة، تزامن التحركات يعكس سباقاً محموماً للسيطرة على مواقع النفوذ الاستراتيجية، ويؤكد أن القرن الأفريقي ما زال ساحة مفتوحة لتشابك الأجندات الخليجية والأفريقية.
Exit mobile version