بدر الدين موسى
صباح السبت 14 سبتمبر، استمعت إلى الفيديو المسجل الخاص بك بصفة رئيس المكتب البريطاني للشؤون السودانية والمبعوث الخاص للمملكة المتحدة إلى السودان. في هذا الفيديو، قدمت رسالة مختصرة حول دورك في الفترة القادمة، وكانت النقطة الرئيسية هي رسالتك للشعب السوداني، حيث قلت: “نحن نقف معكم في الجهود الدولية لتحسين وصول المساعدات الإنسانية.”
أكتب إليك كمواطن سوداني يتابع الوضع الإنساني في البلاد ومعرفة بعض التفاصيل المتعلقة به. ولكن قبل أن أخوض في المزيد من التفاصيل، اسمح لي أن ألفت انتباهك إلى أن بلدك، المملكة المتحدة، مع الاتحاد الأوروبي، ساهمت بطريقة أو بأخرى في تعقيد الأزمة الإنسانية في السودان. ويرجع ذلك إلى صمتكم المشبوه وغياب إدانة واضحة وصريحة لقوات الدعم السريع، وهي ميليشيا مسؤولة عن تعميق الأزمة الإنسانية من خلال إشعال الحرب عمداً وتدمير مناطق الإنتاج.
سعادة السفير، هل تعلم أن هذه الميليشيا دمرت الموسم الزراعي في ولايتي الجزيرة وسنار ومنعت المزارعين من الحصاد؟ هل تعلم، سعادة السفير، أن الميليشيا فرضت حصاراً على مدينة الفاشر في شمال دارفور لأكثر من أربعة أشهر، مانعة وصول المساعدات إلى المدينة؟ وهل تعلم أن ولاية جنوب كردفان، بعاصمتها كادوقلي ومدينة الدلنج التي تأتي في المرتبة الثانية، لا تستطيع الوصول إلى المساعدات الإنسانية بسبب إغلاق الطريق القومي بين الأبيض والدلنج وكادوقلي من قبل الميليشيا في منطقة الدبيبات، ومن قبل قوات الحلو في منطقة كركال بين الدلنج وكادوقلي؟
سعادة السفير، هل تعلم أن الميليشيا في دارفور تقطع الطرق وتستولي على شاحنات المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية، بما في ذلك الإمدادات الطبية، وتوجهها إلى معسكرات الميليشيا؟ هل تعلم أن الظروف الإنسانية في بعض مناطق جنوب كردفان، التي لا يمكن الوصول إليها بسبب الحصار المفروض من الميليشيا وقوات الحلو، قد تدهورت إلى درجة أن الناس يعيشون على أوراق الأشجار كوجبات يومية؟ وهل تعلم أن مئات المرضى في كادوقلي والدلنج محاصرون من قبل الميليشيا ولا يستطيعون السفر إلى الأبيض لتلقي العلاج، وقد فارق بعضهم الحياة، وانتقلت أرواحهم إلى خالقهم؟
سعادة السفير، ما تقوله الميليشيا لكم في العواصم الأوروبية والأمم المتحدة عن التزامها بالقانون الإنساني الدولي يختلف كثيراً عن الواقع على الأرض، الذي لا يمكن تصديقه إلا لمن يعيشون هذه المعاناة.
هذه مجرد لمحة من الصورة الكاملة، سعادة السفير. إذا كنت ملتزماً حقاً بتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى السودانيين، فتوقف عن دعم هذه الميليشيات وأجبرها على فتح الطرق لتصل المساعدات إلى الشعب السوداني الذي تضرر بشدة من الحصار الذي تفرضه هذه الميليشيات على المدن السودانية. إذا كنت بالفعل صادقاً فيما تقوله، فإن التاريخ سيتذكر، وذاكرة شعبنا لا تنسى.
السلام عليكم، وأتمنى أن تصل هذه الرسالة إليك.