قبل اندلاع حرب 15 أبريل، لم يكن تعليم ذوي وذوات الإعاقة في السودان على ما يُرام، فأغلبهم كانوا يُواجهون تحديات تعليمية عدّة وصعوباتٍ في ارتياد المدارس، منها قلّة المدارس والمراكز الخاصة بتعليمهم وتدريبهم، فضلاً عن افتقارها إلى المعلّمين والكوادر المؤهَّلة. وتعمل معظم مدارس الإعاقة بالنفقة الخاصة، وبتكلفة باهظة تُثقل كاهل الأسر.
ويُعَدُّ معهد الأمل أحد أكبر المؤسَّسات الخاصة بتعليم الصّمّ في السودان، وأسِّس في العام 1972 أهليّاً، ويتبع للجمعية القومية السودانية لرعاية الصّمّ. وهناك ثلاثة معاهد تحمل الاسم ذاته بولاية الخرطوم: معهد الأمل بأم درمان الملازمين غرب قسم شرطة أم درمان، ويتبع للجمعية، ومعهد الأمل ببحري ويقع في شمبات في مقر المؤتمر الوطني سابقاً، ومعهد الأمل بالخرطوم في الخرطوم تلاتة شرق مجمع جوازات الخرطوم، ويتبع الأخيران لوزارة التربية والتعليم، إضافة إلى معهدين بشرق النيل وسوبا أُسِّسا حديثاً. ويُعد معهد النور أشهر المعاهد المختصّة في تعليم ذوي الإعاقة البصرية بولاية الخرطوم، ويقع في بحري الأملاك. وفي حديثه لـ«أتَـر»، يصف يوسف عبد الله، أستاذ التربية الخاصة ومدرب لغة الإشارة وعضو الجمعية القومية السودانية لرعاية الصمّ، المراكزَ الخاصة بذوي الإعاقة في السودان بأنها قليلة بالنسبة لعددهم. صعوبات الاندماج خاضت إخلاص جمال، وتعاني من إعاقة ذهنية، تجربة الدراسة في المدارس الحكومية، وقد واجهتها صعوبات في الاندماج مع مجتمع المدرسة، فلم تستطع إكمال مرحلة الأساس. تقول في حديثها لـ«أتَـر»، إنها كانت تشعر بصداع شديد وإزعاج من أصوات الأساتذة والطلاب العالية أثناء الحصص، فتبدأ بالبكاء وأحياناً تصرخ بصوت عالٍ، وعندما تطلب منها المعلّمات القراءة تعجز عنها وتفقد تركيزها. وتضيف: «كرّاساتي لم تكن منظّمة ومرتّبة مثل كراسات زميلاتي ولا ممتلئة بالرسومات والألوان، نتيجة لكل ذلك تعرَّضتُ لكثير من الضرب والإساءات من قبل معلماتي وزميلاتي. ذات مرة فكّرت في الهروب من المدرسة، لكن الطالبات أمسكن بي وأدخلنني المكتب وضربنني مرة أخرى».
وتعيش إخلاص، وتبلغ حالياً 25 سنة، في مدينة أم درمان، وسط أسرة تتكوّن من 4 بنات و7 أولاد، وأحد إخوتها الأصغر سناً يعاني بدَوره من صعوبات في التعلّم، أما بقية إخوتها فيدرسون في مدارس حكومية بمدينة أم درمان وأحدهم يدرس في الجامعة.
في العام 2018 وصلت إخلاص إلى الصف الثامن لمرحلة الأساس، لكنها لم تستطع تجاوزه، بعدها انضمّت إلى جمعية «أسرتنا» بأم درمان، وهي متخصّصة في تأهيل ذوي الإعاقة، لدراسة الحاسوب والمخبوزات لثلاث سنوات، ما مكّنها حينئذ من إنشاء مشروع لعمل المخبوزات مثل الحلويات وغيرها.
لا تزال فكرة العودة للدراسة تُراود إخلاص، لكنّ الحرب والظروف المادية، تقفان عائقاً دون تحقيق ذلك، خاصة أنّ أسرتها تعتمد مادياً على عمل والدتها في غسل الملابس وتنظيف المنازل والبيع في الأسواق. في دوّامة الحرب، فقدت إخلاص جميع أدوات المشروع الذي كان يمكن أن يُساعدها في إكمال دراستها، كما أنها لم تستطع الاستفادة من التعليم الإلكتروني بسبب عدم استقرار الشبكات. وقد تلقّت دعماً مادياً من جمعية «أسرتنا»، ورغم قلة المبلغ استطاعت توفير جزء من احتياجاتها. تقول إنها تحتاج إلى الدعم المادي والنفسي لمتابعة تعليمها الأكاديمي، حتى تُحقّق حلمها بدخول كلية الإعلام والتخصّص في التصوير. أما هوازن مبارك، التي تُعاني من إعاقة سمعية، وتبلغ من العمر 22 سنة، فقد توقفت عن الدراسة منذ ما قبل الحرب. وهي تنتمي إلى أسرة محدودة الدخل بأم درمان، وعمل والدتها في السوق هو مصدر دخل أسرتها الوحيد. لم تستطع هوازن إكمال سنتها الدراسية الأولى في مدرسة حكومية عامة، فقد كانت الوحيدة في صفّها التي تعاني من إعاقة سمعية. تقول لـ«أتَـر»: «لم أكن أفهم ما يقولون، لكني كنت مصرّة على التعلم لذلك قرّرت الذهاب إلى جمعية «أسرتنا» ودرستُ هنالك لمدة ثلاث سنوات».
بعد نشوب الحرب، فقدت هوازن السمّاعات التي تساعدها وكذلك أوراقها الطبية، وتنتابها أحياناً الرغبة في العودة إلى الدراسة، لكن تجربتها السابقة في المدرسة الحكومية تسبّبت لها في كثير من الإحباط، لذا ترى أنها في حاجة إلى بيئة تعليمية آمنة ومستقرّة وتقديم دعم نفسي ومادي، وبسبب نزوحها داخل مدينة أم درمان خلال الحرب، أصبحت المدرسة الحكومية بعيدة ولا وسيلة مواصلات للوصول إليها.
تتعلّم هوازن حالياً لغة الإشارة وصناعة المخبوزات والطين والصلصال في جمعية «أُسرتنا».
تحدّيات قبل الحرب وبعدها
كان تركيز المُنظّمات العاملة في تأهيل ذوي الإعاقة قبل الحرب، مُنصبّاً على تعزيز برامج دمج الطلاب والطالبات من ذوي الإعاقة في المدارس العامة، كما تشير منى قاسم، إحدى ذوات الإعاقة الحركية ومدافعة عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لكنّ التحدي كان كبيراً، لأنّ بعض المدارس قد ترفض دمج الطلاب ذوي الإعاقة السمعية والبصرية مُتحجّجة بانعدام الممرّات الآمنة والمخصّصة لهم داخل مبانيها، فضلاً عن غياب المتخصّصين في لغة الإشارة لتيسير دمج ذوي الإعاقة السمعية، وغياب المتخصصين في لغة برايل لتيسير دمج ذوي الإعاقة البصرية. أما ذوو الإعاقة الذهنية فإن لهم مدارس خاصة وتعتمد على النفقة الخاصة. ويتعرّض كثير من الأطفال ذوي الإعاقة لأشكال مختلفة من التمييز، حتى على مستوى الأسرة، كما تنبّه منى في حديثها لـ«أتَـر».
أما بعد الحرب فتقول منى، التي لجأت إلى يوغندا، إنّ الوضع قد ازداد سوءاً، وضاعت الجهود التي سبقت نشوبها بتوقّف غالبية المدارس ومراكز التأهيل بالخرطوم، وتوقّف مصنع كان يوفّر الأطراف الصناعية والأدوات المساعِدة بالخرطوم، وكان معظم ذوي الإعاقة في الولايات يعتمدون عليه في الحصول على أجهزتهم.
ومع ظروف النزوح واللجوء، فقَدَ كثيرٌ من ذوي الإعاقة الأدوات التي يمكن أن تساعدهم على مواصلة تعليمهم. ورغم أنّ منظّمة اليونيسف قد أنشأت برنامج تعليم رقمي في بعض المناطق أثناء الحرب يشمل المجتمعات المستضيفة، لكنّ هذا البرنامج لم يشمل معسكرات مهمّة مخصّصة لذوي وذوات الإعاقة، في مدني التي كانت تضمّ ثلاثة معسكرات انتقلت إلى كسلا بعد اجتياح الدعم السريع للجزيرة، إضافة إلى معسكر في مدينة بورتسودان.
وتضيف منى أن بعض ذوي الإعاقة لا يمتلكون أجهزة ذكية ولا يُجيدون استخدامها، فضلاً عن مشكلات شبكة الإنترنت، ولم تكن هناك خطّة لدمجهم في هذه البرامج، ولم تتوفر لهم وسائلُ مُساعِدة مثل السماعات والعصي والمساعِدات الحركية والأطراف الصناعية وغيرها. وتقول منى إنّ الحصول على الأجهزة والمعدّات الخاصة بذوي الإعاقة بعد الحرب أصبح مُتعذّراً، ولا يوجد تضمين لها في برامج المساعدات الإنسانية، كما أن فقدانهم لأجهزتهم المساعِدة عرَّضهم لضغط نفسيّ عالٍ، ومع انعدام الأجهزة لا يستطيعون الاعتماد على أنفسهم في بعض الأمور، ومن دونها يشعرون بأنهم عبء على الآخرين، هذا فضلاً عن تأخُّر مسيرتهم التعليمية.
تقول منى إنّ الطلاب ذوي الإعاقة في معسكر كرياندُنقو في يوغندا يواجهون تحديات اختلاف اللغة، إضافة إلى طبيعة المعسكر القاسية، فقد تسبَّبَتْ الممرّات والشوارع غير المُهَيأة في سقوط أشخاص من ذوي الإعاقة الحركية، هذا فضلاً عن قلة الأشخاص الذين يُجيدون لغة الإشارة. ويعمِّق ضعف وصول ذوي وذوات الإعاقة إلى التعليم من أزماتهم، سواءٌ أكانت نفسية أم مادية، ويُفقدهم الأمل في وجود فرص عمل جيدة مستقبلاً، ما يجعلهم أقلّ قدرة على النجاة عند حدوث مشكلات، ويواجهون كذلك تحديات أخرى في دول اللجوء تقف عائقاً أمام مواصلة تعليمهم، مثل تحديات اختلاف اللغة والتأقلم على البيئة الجديدة وغيرهما.
متحدّثة لـ«أتَـر»، تقول سعدية عيسى، الأمين العام لجمعية «أسرتنا» المتخصّصة في تأهيل ذوي الإعاقة، إنّ الطلاب ذوي الإعاقة ممّن لجأوا إلى مصر لم يتمكّنوا من مواصلة تعليمهم، ولم يجرِ دمجهم في المدارس العامة، كما أنّ الأوضاع المادية لغالبية الأسر اللاجئة لا تسمح لها بإدخالهم مدارس خاصة. وأشارت سعدية إلى أنّ معسكر أدري بتشاد، ويضمّ آلاف اللاجئين السودانيين، يُعَدُّ من أصعب المعسكرات ويفتقر إلى كثير من الخدمات، ما يجعل تعليم هذه الفئة حلماً بعيد المنال.
كانت أحلام موسى محمد داؤود، وتعاني من إصابة حركية في اليد، تستعدّ لأداء امتحان الشهادة السودانية، لكنّ الحرب حالت دون ذلك. وُلدت أحلام بمحلية مورْني بولاية غرب دارفور، ولجأت إلى معسكر أدري بتشاد، وتبلغ من العمر 17 سنة. ورغم أنها مرّت بمرحلة الأساس دون مصاعب، إلا أنها توقّفت عن الدراسة بسبب اللجوء. تقول: «استمرّت رحلتنا إلى أدري ثلاثة أيام، جزء منها بعربة مارّة بالطريق وجزء آخر مَسيراً على الأقدام. وفي الطريق تعرّضنا للتعذيب من الدعم السريع، وفقدتُ الطرف الصناعي الذي يُساعدني على الكتابة».
وتُواجه أحلام وأخواتها الأربع وأخواها ظروفاً معيشية صعبة للغاية: فُقِدَ والدها المُزارع وعائلهم الوحيد منذ بدايات الحرب، واضطرّوا للنزوح وحدهم، ويعتمدون على والدتهم التي تعمل في بيع التسالي والفول السوداني. تقول: «لا توجد مدرسة في المعسكر، والمدرسة السودانية الخاصة تبلغ رسومها حوالي 400 ألف جنيه سوداني، والمدارس التشادية تُدرّس بمنهج دراسي باللغة الفرنسية».
تحتاج أحلام إلى طرف صناعي لكي تستطيع إكمال دراستها، وتُناشد خلال إفادتها لـ«أتَـر» المدارس وصنّاع القرار المساعدة وتوفير احتياجات ذوي الإعاقة مثل الأطراف الصناعية والعجلات وتهيئة بيئة تعليمية مناسبة.
رغم التحدّيات
تُعدّ جمعية أسرتنا من أوائل الجمعيات التي أنشأت مدارس دمج لذوي الإعاقة في السودان. وأنشأت الجمعية منذ تأسيسها 5 مدارس دمج بأم درمان، ووصل العدد إلى 10 بحلول عام 2004، وأنشأت رياض أطفال تضمّ من 90 إلى 120 طفلاً، 20% منهم أطفال ذوو إعاقة. وبحسب حديث سعدية عيسى، الأمين العام للجمعية، فإنّ الهدف من إنشاء الرياض تهيئة الأطفال لدخول المدارس الدامجة من بعد ذلك. ويشجّع قانون الأشخاص ذوي الإعاقة على دمج الأطفال ذوي الإعاقة في مدارس حكومية، مع توفير البيئة الدراسية الملائمة مثل الأستاذ المُسانِد وغرف المَصادر وتقديم المساعدات الفردية التي يحتاج إليها الطالب.
ونجحت الجمعية في دمج عدد من الطلاب في مدارس مختلفة قد يصل عددهم أحياناً إلى 40 طالباً في المدرسة. وتقدّم الجمعية عدداً من البرامج منها التأهيل التدريبي، ورياض الأطفال، وبرامج التدريب المهني. وبالنسبة للأشخاص الذين انقطعوا عن التعليم وأعمارهم ما بين 12 و 22 سنة، فإنهم يخضعون لاختبار قدرات وعلى أساسه يجري توزيعهم على أقسام التدريب المهني المختلفة بناءً على قدراتهم وسلامتهم. وكانت الجمعية تقدّم خدمات مثل كشف الحمل والتحصين، وتمتلك مخبزاً يديره خريجو التدريب المهني.
تقول سعدية إنّ الجمعية فَقَدت خلال الحرب جميع البيانات التي حصلت عليها طوال السنوات السابقة، إضافة إلى فقدان عدد من الطلاب في مناطق النزاع بسبب الجوع، وآخرين علقوا ولم يستطيعوا الخروج من أماكن الاشتباك العسكري، وتوفي عدد من مُدرّساتها.
تُحاول عضوات الجمعية تسيير الأعمال من بُعد في مصر، وجمع المعلومات عن أماكن وجود ذوي الإعاقة في السودان ومصر وأوضاعهم، ويُحاولن تقديم الدعم لمن لجأوا إلى مصر منهم بالتعاون مع رابطة ذوي الإعاقة لإلحاقهم بمدارس خاصة بهم في كلّ من مدينة بدر وفيصل والمعادي بالقاهرة، لكنّ الأسر المقتدرة فقط يمكنها إلحاق أبنائها.
حاولت جمعية «أسرتنا» إقامة مشروع في مصر يهدف لتعليم موظّفي المفوضية لغة الإشارة، لمن يعانون من مشكلات في السمع. تقول سعدية: «بعض الذين وصلوا من ذوي الإعاقة إلى دول اللجوء يواجهون مشكلات تواصل مع موظفي المفوضية، والذين لا يعرفون لغة الإشارة في العادة، إضافة إلى أنّ المفوضية تتصل بطالبي اللجوء هاتفياً لمواصلة الإجراءات، ومنهم ذوو إعاقة لا يسمعون ولا يمتلكون هواتف».
تعليم الصّمّ للشباب والأطفال
لم يتمكّن مركز تعليم الصّمّ للشباب والأطفال، الذي يقع داخل مقرّ اتحاد الصّمّ بمدينة بحري، من مواصلة نشاطه بعد الحرب، واستعصى نقل نشاطه إلى الولايات الآمنة بسبب نزوح المعلّمين، فضلاً عن الدمار الذي لحق به، ولا جهات داعمة لإعادة صيانته وتوفير احتياجاته. تعرَّض المركز للتدمير خلال الحرب، وفَقَد جميع الأجهزة الإلكترونية التي يملكها. كذلك فقد اتحاد الصّمّ، وهو مقرّ المركز، مكتبة علمية متخصّصة في الإعاقة السمعية في السودان، وتحوي مجلّدات وكتباً علمية وصالة تدريب للغة الإشارة، بحسب ما أخبر الأستاذ يوسف عبد الله، أستاذ التربية الخاصة ومدرب لغة الإشارة وعضو الجمعية القومية السودانية لرعاية الصّم، في حديثه «أتَـر».
أُسِّس المركز في عام 2009 على يد الأستاذة الصمّاء نازك حيدر، ويختصّ بتعليم الأطفال والشباب الذين فاتتهم الدراسة وتأهيلهم، ويَجري إلحاقهم بدراسة مقرّر تعليم الكبار بسبب انعدام المقرّرات الخاصة بالصّمّ. وقد عملت نازك مع معلمي المركز لتطويع المنهج ليصبح أكثر ملائمةً للطلاب الصّمّ. ويعمل المركز بنظام الثلاث سنوات، وبعد إكمال المقرّر يُحوَّل الطلاب لامتحان المرحلة المتوسطة أو الابتدائية بحسب العمر. وبعد تقييم الأساتذة لأداء الطلاب وذهاب الأخيرين إلى المدارس يتابع المركز أداءهم ويعمل على حلّ المشكلات التي تُواجههم سواءٌ أكانت إدارية أم أكاديمية.
في كسلا: ذوو إعاقة ونازحون في كسلا، أُغلقت غالبية المدارس الخاصة بذوي الإعاقة بعد اندلاع الحرب في الخرطوم والجزيرة وعدد من ولايات السودان الأخرى، بسبب استضافتها لذوي الإعاقة وأسرهم التي نزحت من تلك الولايات؛ لكنّ بعض المدارس عادت أخيراً للعمل بعد انخفاض موجات النزوح إلى المدينة، بإخلاء بعض الصفوف وتهيئتها لتدريس الطلاب من خارج الدُّور، كما أخبر «أتَـر» الأستاذ مكي بدري حسين، مدير التربية الخاصة بالإنابة في الولاية كسلا، والناشط في مجال الإعاقة.
ويقول مكي إنهم استطاعوا إدراج عدد من الطلاب ذوي الإعاقة في المدارس الدامجة، خاصة ممّن لم تمنعهم إعاقتهم من دخول التعليم الدامج. ويضيف: «نظرية التعليم الدامج هي النظرية المُثلى لتعليم الأطفال ذوي الإعاقة إلا في حالات الإعاقات المستعصية، وحتى الآن لم تستطع الإدارة تدريب جميع المعلمين في المدارس الدامجة على أسس وطرق ووسائل تعليم مختلف الإعاقات، فالغالبية العظمى منهم لم يتلقّوا تدريباً عن كيفية التعامل مع الطفل المعاق».
ويقول إنّ إدارة التربية الخاصة كانت تمضي على نحو بطيء، لكنها استطاعت تحقيق إنجازات في مختلف ولايات السودان؛ لكنّ الإدارة كغيرها من المؤسّسات تأثّرت بالحرب، وبسببها فقدت مكتسبات كثيرة جداً حصلت عليها في السنوات السابقة، ما يُحتّم عليها أن تبدأ من الصفر.
ويضيف مكي أنّ الأطفال من ذوي الإعاقة هم الأكثر تأثراً بالحرب، لأنّ العملية التأهيلية لهم تحتاج إلى الاستمرارية في كثير من الأحيان، ويقول إنهم يعملون على إحداث بعض التغييرات في التقويم المدرسي، ففي حال كانت الإجازة طويلة يجري تقصيرها، خوفاً من تأثير انقطاع العملية التأهيلية سلباً على ذوي الإعاقة. ويلفت إلى الأثر النفسي الكبير على الأطفال من ذوي الإعاقة، والذين فقدوا ما كانوا يحظون به من الحكومة والأسرة والمنظّمات والجهات المانحة من اهتمام.
«إن أهمّ ما يحتاج إليه ذوو الإعاقة هو السلام الوطني الدائم والسلام النفسي والسلام بجميع أشكاله، ووجود بيئة مناسبة»، يقول مكي ومن ثمّ يضيف قائلاً: «إنّ عدد الإعاقات في زيادة بسبب الحروب والفقر والأمراض، ولا بدّ من توقف أسباب الحرب والعمل على توفير العلاج النفسي والبدني لمساعدة الطلاب».
