أمجد فريد
منذ العاشر من مايو 2024، تتعرض مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، إلى هجوم عنيف من مليشيا قوات الدعم السريع بغرض الاستيلاء على عاصمة الولاية الاخيرة في الاقليم التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة السودانية.
شهد الهجوم المستمر على مدينة الفاشر، التي تأوي اكثر من 2 مليون نسمة من سكانها، والنازحين اليها من مختلف ولايات دارفور الاخرى، عدة فظائع وجرائم ضد المدنيين، تضمنت قصف المناطق السكنية وقصف المستشفيات والمراكز الصحية مما ادى الي تدمير المستشفيات الخمسة الرئيسية في الفاشر ومركز غسيل الكلى الوحيد في المدينة بما أسفر عن وضع وصفته كلير نيكوليت، رئيسة الاستجابة لحالات الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود بانه كارثي. أيضاً قامت مليشيا قوات الدعم السريع بقصف معسكر زمزم للنازحين، والذي يقع على مقربة من الفاشر ويضم أكثر من نصف مليون نسمة عدة مرات، وقامت بتدمير مستودع المعونات الإنسانية الواقع بالقرب منه، ونتج عن ذلك تدمير المؤن الغذائية والطبية بالإضافة الي تدمير عربة الإسعاف الوحيدة التي تقوم بخدمة القاطنين في المعسكر. وكانت التقارير الأممية قد أكدت انتشار المجاعة بمعدلات حادة في معسكر زمزم للنازحين منذ مطلع أغسطس السابق.
تواصلت هذه الهجمات على المدنيين خلال فترة وجود وفد قوات الدعم السريع في سويسرا برفقة الوسطاء الدوليين، ولم ينعكس ذلك على تقليل حدة وعنف الهجمات ضد المدنيين. كما كان مجلس الامن الدولي قد أصدر في 13 يونيو 2024، القرار رقم 2736 والذي يطالب قوات الدعم السريع بوقف حصارها للفاشر، ويدعو إلى خفض التصعيد في المدينة ومحيطها وسحب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين، وهو ما تجاهلته مليشيا قوات الدعم السريع، بشكل يؤكد على نيتها المبيتة في الاستمرار في ارتكاب هذه الجرائم.
سقوط الفاشر في يد قوات الدعم السريع، يهدد بإعادة مجزرة الإبادة الجماعية التي حدثت في غرب دارفور في مايو العام السابق، والتي قتلت فيها قوات الدعم السريع أعداد كبيرة من مجتمع المساليت وقامت باستهدافهم على أساس اثني بالإضافة الي تهجير مئات الالاف منهم بشكل قسري. اننا نحذر من جريمة إبادة جماعية وشيكة الحدوث، ترتكبها قوات الدعم السريع ضد المجتمعات المحلية في ولاية شمال دارفور في حالة نجاحها في فرض سيطرتها على مدينة الفاشر.
إزاء كل ما سبق، نطالب المجتمع الدولي، بسرعة التدخل والضغط على قوات الدعم السريع وحلفائها لإيقاف هجومهم المستمر على الفاشر، ومطالبة الدول الداعمة لقوات الدعم السريع بالضغط عليها لمنع المجزرة الوشيكة.
نحث مجموعة الدول والمنظمات المتحالفة للوساطة في الشأن السوداني والتي تم تأسيسها في سويسرا في 24 أغسطس الماضي على إظهار جديتها في الوفاء بالمسؤوليات التي اوكلتها الي نفسها واستعمال النفوذ الجماعي والفردي لأعضائها لتفادي كارثة الإبادة الجماعية الوشيكة.
كما ندعو الأمين العام للأمم المتحدة الي استخدام صلاحياته بحسب المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة لدعوة مجلس الأمن للانعقاد بشكل عاجل لاتخاذ إجراءات عملية لإنفاذ قرار مجلس الأمن رقم 2736.
لا يمكن للعالم ولا ينبغي له أن يستمر في دور المتفرج الصامت، عديم الحيلة، بينما يشاهد مجزرة إبادة جماعية على وشك الحدوث مرة أخرى في شمال دارفور.