حديث البرهان في تأبين شهداء حركة مناوي.. رسائل في اتجاهات متعددة

الأحداث – وكالات
خاطب رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الاثنين، فعالية تأبين شهداء حركة تحرير السودان، بمدينة بورتسودان، بحضور رئيس الحركة مني أركو مناوي وقيادات سياسية وعسكرية.
الكلمة التي أدلى بها البرهان رغم قصر مدتها الزمنية، لكن حملت رسائل مهمة للداخل والخارج، وتكسب هذه الرسائل أهميتها لكونها جاءت لوضع النقاط فوق الحروف عقب توترات هنا وهناك.

وحيا رئيس مجلس السيادة بشكل لافت، قوات درع السودان في واحدة من الحالات النادرة التي يخص بها هذه القوات بالذكر بالإسم حيث كان يتم ذكرها سابقا ضمن لافتة القوات المساندة.
وجاءت هذه التحية بعد أيام قلائل من توترات شهدتها مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، بين فرد من درع السودان واستخبارات الفرقة الأولى، ورغم أن الحادثة انتهت في وقتها ولم تلق بأي ظلال سالبة، لكن البرهان بحسب مراقبين، حاول تطييب خواطر قوات درع السودان، سيما بعد تسرب احتجاج طفيف من بعض القيادات على عدم شمولها في بيان الجيش الأخر.

يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، د.الفاضل محمد محجوب بحسب موقع “أصداء سودانية” إن البرهان تحدث كحكيم للسودان وليس رئيس مجلس السيادة، وحاول تطييب الخواطر هنا وتحدث بشكل دقيق عن ترحيبهم بأي مكونات ترفع السلاح في وجه المليشيا، ما يشير بحسب محجوب، أن البرهان يريد إحياء الألق الشعبي بهدف زيادة تماسك الجبهة الداخلية، لمواجهة التحديات التي لم تنتهي بعد، بينما ظن البعض أنها انتهت.
الترحيب نفسه شمل القوة المشتركة، حيث تحدث البرهان عن صمودها وبسالتها في الفاشر ومناطق أخرى، مشددا على أهمية التعاون والتآزر للقضاء على المليشيا.

وبحسب “أصداء سودانية” تحدث البرهان خلال اللقاء عن إعادة صياغة الدولة السودانية، واقترح في هذا الصدد العودة لعلم الاستقلال القديم المشكل من ثلاثة ألوان.
ويرى خبراء أن دعوة البرهان بإعادة صياغة الدولة من جديد، دعوة تتوافق مع ظروف أمة تعرضت لحرب شاملة، ما يتطلب معه إجراء تغييرات جذرية وشاملة في هيكل الدولة ومؤسساتها وآليات عملها وأهدافها، بهدف التحديث والتطوير أو الاستجابة لتحديات جديدة. معتبرين أن مفهوم إعادة الصياغة أشمل وأن إشارة البرهان لتغيير علم السودان، هى مجرد إيحاء رمزي لهذا التغيير وليس كل التغيير.
وأوضح خبراء أن مفهوم إعادة الصياغة يتجاوز مجرد التعديلات السطحية، بل يشمل،إعادة هيكلة المؤسسات وإجراء تغيير جذري في بنية المؤسسات الحكومية، مثل القضاء، البرلمان، والبيروقراطية، لضمان كفاءتها وفعاليتها.
كما يشمل تحديد الأولوليات وإعادة تعريف الأهداف العليا للدولة وسياساتها العامة، بما يتناسب مع المتغيرات الداخلية (مثل التحديات الاقتصادية أو الاجتماعية) أو الخارجية، وفي المجمل فإن الهدف هنا هو العمل نحو بناء نموذج مختلف وجديد للحكم والإدارة، يضمن المشاركة الفعالة للمجتمع وتلبية متطلباته بشكل أفضل.
حديث البرهان عن إعادة صياغة الدولة جاء بعد حديثه عن التكاتف والتآزر، وهي أدوات يراها خبرلء ضرورية لإحداث تماسك في الجبهة الداخلية للدفع بها نحو الأهداف العليا للدولة، مشيرين إلى أهمية تماسك الجبهة الداخلية للسودانيين في مواجهة التحديات المتجددة والمستمرة، وليس المتعلقة بالحرب فقط، وإنما تحدي بناء الدولة نفسه وتوحيد الشعب نحو هدف قومي جامع يساهم في التوحد وليس التشظي.

تحدث رئيس مجلس السيادة، أيضا عن معركة الكرامة ومستقبل مليشيا الدعم السريع، متعهدا بإنهاء الحرب لصالح إرادة السودانيين.
وتحدث البرهان بشكل واضح وقاطع بعدم وجود أي مستقبل سياسي للمليشيا، وحسم مسألة التفاوض لتتجاوز الحديث عن المليشيا إلى ما بعدها، مشددا على أن أي حلول تبقي على مليشيا الدعم السريع، فهى غير مرحب بها، وقال البرهان إنه أبلغ المبعوث النرويجي ومبعوث الأمم المتحدة ومبعوث ترامب، أن أي حل لا يتضمن تفكيك المليشيات فهو غير مرحب به، وأضاف (قلنا لهم بوضوح أي حل لا ينهي وجود المليشيات فحقو تشوفو ناس تاني تتناقشوا معاهم).

تصريحات البرهان في هذا الصدد جاءت بعد أقل من ساعتين لتصريحات نقلتها قناة العربية لمبعوث ترامب مسعود بولس، دعا فيها للهدنة وتحدث عن أن إعادة هيكلة الجيش لن تترك للجيش والدعم السريع وحده.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية د.محمد عمر، أن البرهان عمد إلى إغلاق هذه المبادرات المستفزة والتي في مجملها تبقي على المليشيات على ما هي عليها، مشيرا إلى حديثه رسالة مباشرة وشديدة الوضوح في بريد الوسطاء، ملخصها، لن نقبل بأي حل يبقي على أي امتيازات للمليشيا.
يبقى القول بحسب خبراء أن البرهان تحدث بشكل مستفيض في وقت وجيز، مستغلا كل ثانية لإرسال رسائل شتى، تهدف إلى جبهة داخلية موحدة لمواجهة تحديات ومؤامرات لا تنتهي.

Exit mobile version