د.عبدالعظيم عوض
*نعيش حاليا أياما ستظل خالدة خلود الوطن وشعبه العظيم ، إنها أيام من أيام التاريخ سطرها جيش السودان وشعبه بدماء الشهداء وعزيمة رجال قدموا الغالي والنفيس في سبيل عزة هذا الوطن ورفعة شأنه بين الأمم.
*من قال إن التاريخ لا يعيد نفسه ، لم يكن صادقا ، فالتاريخ احيانا يعيد نفسه وهاهو شعب السودان يعيد عجلة التاريخ ، ففي 26 يناير 1885 تمكن الإمام المهدي من تحرير الخرطوم والآن في 26 يناير 2025 البرهان يحرر الخرطوم من دنس اوباش عيال دقلو وملاقيط عرب الشتات ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه كقائد عظيم قاد شعبه للنصر في معارك هي الاشرس والأكبر في تاريخنا الحديث.
*لم يكن الطريق من حلفاية الملوك إلى أقصى جنوب بحري حيث قيادة سلاح الإشارة، لم يكن سهلا معبدا ، بل كان مليئا بالأشواك والمطبات ، فقناصو المليشيا مختبئين في العمارات العالية المنتشرة في شارع الإنقاذ وهناك الألغام والكمائن التي تفنن العدو في توزيعها على طول الطريق ، ومع ذلك وصل الابطال إلى غايتهم ، صحيح كان هناك شهداء وكان هناك جرحى كُثُر لكنهم وصلوا في النهاية في يوم من أبرك أيام الله ، يوم الجمعة وسلاحهم التكبير والتهليل ، وإن تنصروا الله ينصركم ويُثبت أقدامكم.
*ولعل الذين كانوا ساخطين ومتبرمين من تأخّر النصر ويرون أن هنالك بطأً في عمليات قواتنا المسلحة قد وعوا الدرس الآن ، خاصة أولئك الذين سخروا من عبارة الحفر بالإبرة التي أطلقها القائد البرهان يوما ما ، قطعا نقدّر حرص هؤلاء وأولئك على النصر والتفافهم حول جيشهم الباسل، لكن كان عليهم أن يدركوا مدى الحرفية التي يتعامل بها هذا الجيش الذي تجاوز عمره المائة عام ويواجه عدوا متوحشا لا أخلاق له ويملك أحدث ما انتجته مصانع السلاح في العالم بتمويل إماراتي ودعم اقليمي ودولي إستهدف السودان وطنا وشعبا ووجودا.
*لي علاقات شخصية بكثير من منسوبي قواتنا المسلحة من مختلف الرتب جميعهم لم يروا أسرهم طيلة الواحد وعشرين شهرا الماضية ظلوا قابضين على الزناد طيلة هذه الفترة التي تقارب العامين ، وبينهم ابن نيالا البار العميد ركن نبيل عبدالله الذي رغم أنه كان في الميدان مقاتلا طيلة تلك الفترة من داخل القيادة العامة وهو في الوقت نفسه المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة ، فقد ظل ممسكا بالمايكرفون بيده الأخرى مخاطبا الشعب السوداني باخبار قواته الباسلة متى ما وجد إلى ذلك سبيلا . *ونسر الجو اللواء طيار طلال علي الريح فقعت المليشيا عين ابنه الأكبر وهو يحاول إخلاء إخوته الصغار من منزلهم داخل القيادة في اليوم الأول للحرب، وحين أبلغه والده بالحادثة قال له إن كل أبناء السودان ابناؤه في هذا المنعطف الحاسم، ومازال حتى الآن مرابطا في عرين النسور بقاعدة وادي سيدنا ولمّ لا وهو قائدها.
*إن النصر الذي تحقق بالأمس هو رسالة للعالم كله العدو منهم قبل الصديق مفادها أن بالسودان جيشاً لا يقهر وشعباً لا يُضام، أما أولئك الذين جاهروا السودان بالعداء وقدموا كل أوجه الدعم للمليشيا المتمردة فما تزال أمامهم الفرصة للتراجع عن هذا العمل المخزي والاعتذار للشعب السوداني المتسامح ، وقد وعى الشعب الدرس وعرف عدوه الحقيقي وعدوه المتخفي، وكما انتصر في معركة الحرب بعون الله ، سينتصر ايضا في المعركة الأصعب وهي معركة إعادة البناء والعمران لتعود الخرطوم أقوى وأجمل بإذن الله تعالي.
نقلا عن موقع “أصداء سودانية”