الأحداث – عبدالباسط إدريس
دعا نداء جماهيري، لإطلاق مبادرة شعبية، لتفويض القوات المسلحة، الجمعة، وتصدر هاشتاق دعوة التفويض مواقع التواصل الاجتماعي.
سياق موضوعي
وتأتي الدعوة لتفويض الجيش والأجهزة الأمنية وهم يخوضون معركة مصيرية تستهدف السودان وشعبه، فحرب 15 أبريل من العام الماضي، لم تكن لأسباب متعلقة بالاستحواذ على السلطة عبر محاولة انقلابية لحميدتي، بقدر ما أنها عملية متكاملة لمؤامرة تستهدف الدولة ومواطنيها وظفت في سياقها التناقضات الاجتماعية والسياسية التى تمور بها الساحة الداخلية.
لكن سرعان ماتوصل السودانيون للحقيقة بعد عام من الحرب، حقيقة لم تفلح أزياء الديمقراطية واستعادة الحكم المدني إلباسها كغطاء للحرب التي استهدفت حاضر ومستقبل شبابها بشكل مدمر، فأحرقت دور الوثائق والمتاحف وجرى تحطيم مؤسسات الدولة الإنتاجية والخدمية والمدارس والجامعات ودور العلم والعبادة وأتلفت بيانات السجل المدني وسجلات الأراضي وتم إفقار الرأس مالية الوطنية بتدمير المصانع وشركات ومؤسسات القطاع الخاص، وجرى نهب البنوك وأملاك المواطنين.
تقارير صادمة:
تقول إحصائيات الأمم المتحدة إن حوالي 14 ألف شخص قتلوا في هذه الحرب، وأن نحو 18 مليون شخص يعانون حدة الجوع.
بالمقابل فإن الحرب أجبرت ملايين السودانيين بمغادرة مناطق الاشتباك إلى ذويهم ومعارفهم بالولايات الآمنة.
وتغض التقارير الدولية حقيقة انتهاكات مليشيا الدعم السريع وعمليات استهداف المواطنين بالقتل والتهجير القسري في الخرطوم والجزيرة والفولة والتطهير العرقي في ولايتي غرب ووسط دارفور، أو باعتقال آلاف المدنيين في ظروف إنسانية مجهولة.
ماقبل التفويض:
اللافت في دعوة تفويض الجيش أنها صادرة عن فئة الشباب، فمرحلة ماقبل الحرب شهدت توتراً في العلاقة بين الجيش والمتظاهرين وتسلل مخطط تفكيك الجيش بين هتافات المطالب الشعبية الداعية للحرية والسلام والعدالة لتوضع على ألسنة بعض المتظاهرين، لقد أحدثت حرب أبريل تغييرات مفاهمية كبيرة أدت لاصطفاف شعبي كبير خلف القوات المسلحة، وتمكن الجيش من استعادة علاقته بالشباب.
وبحسب إحصائيات غير رسمية فإن حوالي مائة ألف شاب سوداني انخرطوا في صفوف المقاومة الشعبية، كما أن آلاف الشباب من بينهم كتائب البراء وغاضبون وملوك الاشتباك ساهموا بفاعلية في المعارك التي خاضها الجيش لتحرير أم درمان.
أسباب التفويض:
يقول الشاب مازن يوسف – أحد المؤيدين لتفويض الجيش ل(الأحداث) “نحن نريد تفويض الجيش للتأكيد على شرعية تمثيل الجيش للشعب السوداني، لكي لاتستطيع أي جهة فرض أجندات خارجية، نحن نعرف أن هناك جهات خارجية تريد أن تقول إن للدعم السريع شرعية ويقاتل من أجل قضايا الهامش ونحن نريد أن نقول لمن له غشاوة بالخارج إن الشعب مع الجيش.
من ناحيتها تقول نهلة عبدالمنعم ل(الأحداث) إن تفويضهم للجيش من أجل قتال المليشيا التي شردتهم من ديارهم، وتضيف نهلة: “الجيش يمثلنا والناس يهربون من المناطق التي يتواجد فيها عناصر المليشيا والمرتزقة، ويأتون لأماكن الجيش لحمايتهم من القتل والاغتصاب”.
نصر كبير:
بدوره ينظر المحلل السياسي كمال عباس، لدعوة تفويض الجيش من قبل الشعب بأنها علامة فارقة في مسار الحرب، ويرى كمال في حديثه ل(الأحداث) أن الجيش يحتاج إلى وقفة ودعم كافة قطاعات الشعب السوداني في هذه المرحلة من الحرب بأكثر من أي وقت مضى خلال العام الأول من الحرب، ويشير إلى أن الجيش برغم استيعابه للمستنفرين والمقاومة الشعبية إلا أنه حريص أكثر على حياتهم ومستقبلهم وسواعدهم لبناء الوطن، وناشد كمال بمزيد من الالتحام بين الجيش والشعب حتى ينتصر السودانيون في هذه المعركة الوجودية.