الأحداث – عبدالباسط إدريس
قبل تصفيته سمع العالم صوت والي غرب دارفور خميس أبكر وهو يقول إن مليشيا الدعم السريع قد ارتكبت إبادة جماعية بحق أهله المساليت، لكن المليشيا سارعت باغتياله بطريقة بشعة وألقت بجثته في العراء يقذفها السابلة والمرتزقة بالحجارة، إمعاناً في الانتقام ومحاولة اغتيال حقيقة جريمتها بحق المدنيين.
تفاصيل اغتيال:
في ذات هذه الأيام من العام الماضي، كان خميس أبكر يستجمع قواه ويلتقط انفاسه وهو يتحدث عبر هاتف موصول بالأقمار الصناعية لقناة فضائية، المعلومات كانت تشير إلى أنه كان منخرطاً قبل جريمة اغتياله البشعة في اجتماع مع قادة الجيش في ولايته، كان هم خميس الدفاع عن مواطني الجنينة وخصوصاً المساليت من الهجمات المتكررة من مليشيا الدعم السريع.. قال خميس إن شوارع المدينة مليئة بالجثث بفعل إطلاق النار من قبل مليشيا الدعم السريع التي ارتكبت إبادة جماعية بحق أهله المساليت، قبل اجتماعه بالجيش، روايات متعددة ترددت عن مكان تواجد خميس أبكر قبل اغتياله منها يشير إلى أنه كان متواجداً في مقر منظمة رعاية الطفولة (اليونسيف) التابعة للأمم المتحدة، ورواية أخرى تقول إنه كان متواجداً ببيت الوالي في مدينة الجنينة وهي الرواية الأقرب للصحة حينما داهمته قوة من المليشيا التي كانت تبحث عنه، لقد دفع الوالي خميس الثمن حياته لثلاثة مواقف أولها إن العلاقة بينه وحميدتي لم تكن جيدة، بعد أن رفض الدخول إلى بيت الطاعة الجنجويدي ووضع قواته وبنادقه تحت تصرف حميدتي، حيث فشلت محاولات الأخير فى ذلك منذ مفاوضات جوبا بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة بإقليم دارفور، لكن استقلالية الوالي وإصراره على إحكام قبضته الأمنية أثارت حفيظة حميدتي فقام بزيارة إلى الجنينة، رافضاً الرتب التي اعتلت اكتاف جنرالات حركة خميس أبكر وقال يومها “يا أخوانا هوي الحكاية دى كده مابتمش بالطريقة دى نحنا حا نجي نقعد في الجنينة”، مبدياً تبرمه على تسمية المنطقة بدار مساليت، داعياً هذه القبيلة صاحبة الوجود التاريخي لقبول مساكنة الآخرين، أما الموقف الثاني هو رفض خميس أبكر وحركته نداء الفرصة الأخيرة الذي وجهه له حميدتي بالانضمام لقواته في الحرب وتسليم الولاية فوراً لقائد الدعم السريع بغرب دارفور، والموقف الثالث تمثل في كشفه للعالم حملات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري، التي يتعرض لها المساليت على يد مليشيا الدعم السريع.
أصابع اتهام :
أشارت أصابع الاتهام، لقائد المليشيا بغرب دارفور جمعة بارك الله، بالوقوف وراء اختطاف الوالي خميس أبكر ونائب الوالي وقتها كرشوم، فقد ظهر جمعة في فيديو بصحبة خميس بعد إنزاله من السيارة ودخولهما معاً إلى مقر المليشيا، وتردد أن جمعة قد تلقى أوامر مباشرة من حميدتي وعبدالرحيم باغتيال وتصفية خميس أبكر وهو ماحدث بالفعل حيث جرى تصوير الحادثة بالفيديو بواسطة جنود المليشيا أنفسهم لتظهر جثة الوالي مليئة بثقوب الرصاص الذي ملأ جسده، وفي فيديو آخر تم ربط جثمان خميس أبكر خلف عربة دفع رباعي “تاتشر” يتبع للمليشيا تجره في طرقات الجنينة، ثم فيديو ثالث وفي سيناريو يشابه (الجس بعد الزبح) قاموا فيه بالقاء جثة أبكر في العراء وتناوب المرتزقة قصفه بالحجارة وهو جثة هامدة لم تحظ بإكرام الدفن.
إدانات واسعة :
ووجد مقتل خميس أبكر بتلك الطريقة الوحشية إدانة من مجلس السيادة، واتهم الجيش مليشيا حميدتي باغتيال الوالي خميس أبكر، كما أدانت القوى السياسية الوطنية والرموز الاجتماعية بإقليم دارفور حادثة الاغتيال واتهمت نظارة المساليت مليشيا حميدتي باغتيال الوالي والإبادة الجماعية في الجنينة وكرنق وقرى أخرى في غرب دارفور.
أدلة أمام الجنائية:
وسلمت مكونات حقوقية ومدافعون عن حقوق الإنسان في دارفور المحكمة الجنائية الدولية ملفات موثقة تثبت ارتكاب مليشيا حميدتي للإبادة الجماعية وتصفية الوالي خميس أبكر، وزار مدعي الجنائية تشاد، واستمع لإفادات كثيرة من ضحايا وناجون من عملية الإبادة والتطهير العرقي الذي تعرض له المساليت على يد مليشيا حميدتي، وبرغم الأدلة واستعداد أصحاب المصلحة الإدلاء بشهاداتهم وبرغم تقارير لجنة الخبراء المكونة من مجلس الأمن وتقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، التي أكدت ارتكاب المليشيا للإبادة واغتيال الوالي، لاتزال قضية خميس أبكر وإبادة 15 ألف وتهجير نحو 300 ألف من المساليت، ماتزال هذه الأدلة حبيسة الأدراج لدى المدعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان.