رأي

بين بيان أردول وبيان وكالة سونا

يوسف عمارة أبوسن

نشر المدير العام لشركة ديب ميتالز الاستاذ مبارك أردول بيانا قبل 3 ساعات، وذلك لنفي ما راج في وسائل التواصل الاجتماعي حول موضوع الشراكة بين وزارة المعادن والشركة التي يشارك فيها عمر النمير ورجل الاعمال المصري محمد الجارحي، لم ينف البيان شيئا مما راج بل وضح النقاط المبهمة حول ما أثير، واثبت أردول وضعه داخل الشركة كمدير عام لا شريك وأنها شراكة سودانية مصرية .

بعد ساعتين من نشر بيان أردول اعادت وكالة السودان للأنباء (سونا) بيانا خبريا مربكا ، فالنقطة الأولى من بيان الوكالة الصادر عن وزارة المعادن أشارت لطبيعة التوقيع بوصفه (مخاطبة استثمارية استراتيجية) بحضور وزير المعادن ، اي أنه لم يوقع أي عقد بعد ، وإنما مجرد إبداء رغبة، فالتعارض كان بين البيانين حول ما إذا كان التوقيع قد حدث أم لا، وحول طبيعة الوثيقة الموقعة.

يُفهم من الخبر الوارد في سونا أن المشروع قد دخل مرحلة التنفيذ بعد التوقيع، لكن الشركة لم تبدأ نشاطها بعد وهي في مرحلة استكمال الإجراءات، والربكة التي حدثت هي حول مرحلة المشروع: هل هو جاهز للتنفيذ أم لا يزال في طور التهيئة والتفاوض الأولي ؟

هناك فرق بين التعاقد والاتفاقية الاستثمارية والمخاطبة الاستثمارية :

المخاطبة الاستثمارية وثيقة أولية تعبّر عن رغبة طرف في الدخول في مفاوضات أو مشروع استثماري مع طرف آخر، وهي غير ملزمة في الغالب، وتعتبر مسائل تمهيدية وتفاهم مبدئي، وهي تمثل المرحلة الأولى قبل البدء في المفاوضات الجادة..

والاتفاقية الاستثمارية فهي اتفاق أوسع يحدد الإطار العام للتعاون الاستثماري، مثل مجالات الاستثمار والقيمة المالية الأولية، وقد تكون ملزمة أو غير ملزمة حسب الصياغة، كما تُعتبر أحيانا اتفاقًا إطاريًا يمثل مرحلة وسيطة تلي المفاوضات الأولية وتسبق العقد النهائي.

اما عقد الاستثمار فهو وثيقة نهائية وملزمة قانونًا تحدد بالتفصيل جميع الحقوق والواجبات والشروط والضمانات، وهي المرحلة النهائية بعد انتهاء جميع المفاوضات والموافقات.

البند 3 من بيان الشركة المتعلق ب (مرحلة الرغبة لا التعاقد) هو محاولة من الشركة لتوضيح الموقف القانوني وتصحيح المعلومات الواردة في البيان الأول الصادر عن المعادن ، وللتأكيد على أن ما تم حتى الآن هو مجرد تعبير عن النية وليس عقدًا ملزمًا، وهذا يعني أن المشروع لم يدخل بعد حيز التنفيذ الفعلي، وأن كل شيء لا يزال قيد الدرس والتفاوض وفق الأطر القانونية،. كذلك يفيد بيان اردول بأن الشركة لا تزال في مرحلة استكمال المتطلبات والإجراءات القانونية مثل الحصول على التراخيص والموافقات النهائية قبل أن تبدأ أي عمليات على الأرض.

فالتعارض الرئيسي يكمن في أن البيان الرسمي الصادر عن المعادن قدَّم الخبر على أنه اتفاقية ذات تأثير فوري، بينما بيان الشركة أوضح أن ما تم مجرد بداية للتفاوض وابداء رغبة .

هذا الموقف شائع في الاستثمارات  والشراكات الكبرى، فقد يتم التباهي بإبرام الصفقات لأغراض سياسية أو إعلامية قبل استكمال كل الإجراءات القانونية الدقيقة، ما يلزم الجهات الشريكة او ذات المصلحة بإعلان توضيحات لاحقة ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى