بعد قرار الخرطوم بمغادرة الأجانب .. السلطات بين الخطر المحدق بأمنها والحاجة إلى الكروت السياسية النشطة

تقرير – أمير عبدالماجد

أصدرت ولاية الخرطوم، الخميس، تعميماً أنذرت من خلاله الأجانب المقيمين بالولاية، وقالت إنه على الأجانب المغادرة خلال (15) يوماً من صدور القرار الذي حمل توقيع مدير إدارة الأجانب والضبط الهجري العقيد شرطة نزار خليل، وقال إن القرار صدر بناء على لجنة تنسيق شؤون أمن ولاية الخرطوم حفاظاً على حياتهم أثناء الحرب.

مخاطر كبيرة

لكن مصادر مطلعة أكدت لـ(الأحداث) أن المخاطر الكبيرة التي ترتبت على وجود الأجانب في الخرطوم دفعت السلطات إلى اتخاذ قرار بمغادرتهم أياً كانت أوضاعهم ولا يعرف كثيرون ممن لم يطلعوا على طبيعة الأمور في الخرطوم خلال السنوات الأخيرة أو ممن كانوا خارجها أو من يعيشون خارج البلاد أو حتى من غادروا الخرطوم في الأشهر الأولى للحرب مافعله معظم الأجانب بالخرطوم وسكانها من نهب وقتل وسرقة وسحل و ولا يعلمون فعلياً أن عدد الأجانب في الخرطوم اليوم لربما أكبر من عدد السودانيين وهم يحتلون الآن معظم المنازل الشاغرة، عناصر مليشيا الدعم السريع يحتلون منازل السودانيين في  مناطق انتشارهم والأجانب يحتلون منازل السودانيين في المناطق الأخرى بل ويمارسون التجارة ويسهمون بصورة فعلية في غلاء الأسعار على المواطنين ولهم دور لايمكن تجاوزه في الأزمات بولاية الخرطوم،، فمعظم المنازل التي غادر سكانها أوكلها هؤلاء إلى أجانب حولوها في الغالب إلى مكان لبيع الخمور البلدية التي صارت تباع علناً في منازل وعمارات المواطنين، كما تحولوا إلى تجار بحكم وجودهم الكثيف وسيطروا في بعض المناطق على التجارة وأصبحوا يسيطرون على حركة البيع ويحددون أسعار السلع بل أن معظم المحال التجارية والأكشاك في مناطق سيطرة الدعم السريع أو حتى في الأماكن التي لايسيطر عليها الدعم السريع باتت مملوكة لأجانب يفرضون اليوم بحكم كثافة وجودهم وحرية الحركة المتاحة أمامهم باتوا يفرضون نفوذهم على السودانيين الذين تفرغ معظمهم للعمل العسكري لو تحدثنا عن الشباب المتبقي الذي اختار الدفاع عن وطنه ولم يغادر بحثاً عن مستقبله خارج الدولة أو بحثاً عن الأمان في انتظار أن يعود عندما تتوقف الحرب.

حدود مفتوحة

وكانت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين قد قدرت عدد اللاجئين في السودان بحوالي (10) ملايين لاجئ بينهم حوالي (5- 6) ملايين أثيوبي ومئات الآلاف من الأريتريين وحوالي (5) ملايين جنوب سوداني و(700) ألف يماني و(300) ألف سوري كانوا حوالي (3) ملايين لكن معظمهم غادر عبر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبعضهم استخرج أوراق هوية سودانية وأقام في البلاد كمواطن وهي أرقام تشمل فقط اللاجئين، لذا لاتبدو دقيقة لأن الحدود المفتوحة جلبت الملايين من الأثيوبيين على سبيل المثال، كما أن الجنوب سودانيين الذين غادروا إلى الجنوب بعد الانفصال عاد معظمهم إلى السودان ولو أضفت لهم العدد الذي لم يذهب أصلاً للجنوب بعد الانفصال فإن العدد سيتجاوز الـ(10) ملايين جنوب سوداني وربما يصل الأثيوبيون إلى (10- 20) مليون أضف لهم الأعداد المهولة التي جلبها حميدتي من غرب أفريقيا وهؤلاء خطورتهم أن معظمهم حصل على أوراق هوية سودانية وهم بالملايين وأغلب هؤلاء الأجانب تواجدوا في الخرطوم بل إن بعضهم كالجنوب سوداني (باكوبي) كان يدير عصابة إجرامية معروفة في مناطق الثورة بام درمان ومارس السرقة والنهب والقتل وأغلق الحارة التي يقيم بها وأقام نقاط تفتيش لمن يدخلها وحتى للعابرين بالشوارع الرئيسية وشاهدنا مئات الجنوب سودانيين يشاركون في مليونيات الثورة التي أطاحت بالبشير ويخربون البنيات الأساسية ويشتبكون مع الشرطة السودانية ويطالبون بالديمقراطية في بلاد ليست بلادهم، كما شاهدنا الأجانب يرفعون السلاح ويقتلون السودانيين ويتخابرون مع المليشيا.

قرار غريب

يقول المحامي أنس محمد شريف إن قرار لجنة أمن الولاية بدأ غريباً بالنسبة لي فالقرار منح الأجانب مهلة أسبوعين للمغادرة لكنه لم يوضح ماهي العقوبات في حال لم يغادروا وها أنت تشاهد الآن هل تعتقد أن هؤلاء سيغادرون؟، لا أعتقد إنهم يخشون القرار وسيجدون طريقة أو أخرى للتلاعب ولن ترحلهم السلطات لأنها في تقديري غير جادة إذ كان واضحاً منذ بداية الحرب أن هؤلاء الأجانب ثغرة كبيرة جداً في أمن الولاية ومع ذلك لم يتحرك أحد، وأضاف “هم منتشرون في كل مكان ويتحركون بحرية ويقطنون في منازل الناس”، وتابع “معظم هؤلاء بالمناسبة ونحن نعلم أنهم أجانب لديهم أوراق هوية سودانية مايعقد الأمور”، ولا يتفق محمد الأمين حاج خضر الذي يعمل في دائرة القضائية بالخرطوم مع أنس شريف، ويرى أن القرار جيد وإن تأخر وأن السلطات مدركة لحجم المشكلة وإلا لما تصدت للأمر وأصدرت هذا القرار الذي لو لم يسهم في مغادرتهم فعلى الأقل سيضعهم تحت الضغط لأن السماح لهم بالعبث والتمدد بهذه الطريقة سيعصف بنا، إنهم في كل مكان ويتاجرون بكل شيء من قوت المواطن إلى البترول ووسائل النقل واحتلوا المنازل في كل الخرطوم وحولوها إلى مناطق لبيع الخمور والمخدرات وهم والجميع يعلم من يعبث الآن بأمن المواطنين”، وتابع “نأمل ألا يكون القرار كرت سياسي تستعمله السلطات في مواجهة تحالف دول الجوار وأن يكون معتمداً على القانون وحقنا في الدفاع عن بلادنا وصون أمنها”.

Exit mobile version