تقرير – ناهد أوشي
عقب القفزة الكبيرة التي سجلتها أسعار العملات الأجنبية خاصة “الدولار ” مقابل الجنيه السوداني إلا أن الأحاديث التي راجت مؤخراً حول وديعة مليارية في طريقها لخزينة بنك السودان المركزي جعلت الجنيه يستعيد قليلاً من عافيته خلال اليومين الماضيين ويسجل انتعاشاً طفيفاً.
هشاشة اقتصاد
وأشار الخبير الاقتصادي د.محمد الناير إلى سريان الأخبار بصورة سريعة خاصة في ظروف الحرب، وقال إن هشاشة الاقتصاد تجعل الأخبار تؤثر بصورة سريعة، كما تأثر الجنيه السوداني خلال فترة زمنية قصيرة بتراجع كبير غير مسبوق وغير مبرر وغير حقيقي وفي المقابل حدث تأثر إيجابي خلال الأيام القليلة الماضية بسبب الحديث عن الوديعة المليارية والتي بكل تأكيد تحدث أثراً إيجابياً على سعر الصرف.
حرب إقتصادية:
وكشف الخبير الاقتصادي د. عوض الله موسي عن وجود انتعاش طفيف في قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية خاصة الدولار الذي شهد انخفاضاً إلى (2500) جنيه، وقال في حديثه ل”الاحداث” إن القفزة التي سجلها الدولار متجاوزاً كل الحدود هي غير منطقية وغير موضوعية وغير عملية وليست مرتبطة بمسببات اقتصادية لذلك من الطبيعي أن تتراجع لأنها مصنوعة من مضاربين وأصحاب أجندة “حرب اقتصادية” من بعض الجهات الخارجية، وأضاف “لذا وبقليل من المعالجات تزول بزوال المؤثر وهذا ماتم فالدولة والأجهزة المختصة اتخذت إجراءات ضد المضاربين والجهات التي لها ارتباطات خارجية في الطلب على الدولار أدت إلى تراجع الدولار بصورة متدرجة إلى ما كان عليه في وقت سابق”، وزاد “ومعلوم للجميع أن سعر الدولار دائماً ما يحدد بإجراءات مصرفية في بنك السودان (السعر الرسمي) ويكون هنالك فرق طفيف ما بين السعر الرسمي والموازي”.
تعافي مؤقت:
وقال الخبير الاقتصادي د.هيثم محمد فتحي إن تعافي الجنيه السوداني خلال الأسبوع الجاري ربما يكون مؤقتاً وليس مستداماً، وأضاف “لذلك لابد من الانتظار لمعرفة إلى أين يتجه سعر الجنيه خلال متبقي تعاملات هذا الأسبوع والأسبوع القادم، ربما تنفد المبالغ الأجنبية التي زادت من الطلب في الأسبوع الماضي ثم يعاود السوق الموازي استعادة زمام المبادرة أو يحدث العكس ويزيد المعروض وهو أمر وارد خاصة أن الحلول الحكومية التي تمت قد تكون إسعافية وليست جذرية”.
وقال إن البلاد لم تتلق دعماً خارجياً مع انخفاض للصادرات وزيادة الطلب على النقد الأجنبي من السوق الموازي لمقابلة استيراد المواد البترولية بعد توقف الخط الناقل للبترول علاوة على تراجع الإنتاج المحلي بسبب الحرب.
وعزا الانخفاض المفاجئ في سعر الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، لافتقار الحكومة إلى أدوات سياسة نقدية فعالة للتصدي لهذه التقلبات والتدخل المباشر في أسعار الصرف في الظرف الراهن خاصة مع توقف الإنتاج وارتفاع معدلات البطالة، يصبح الطلب على العملة الصعبة ضرورياً لتمويل النفقات الحربية، مما يزيد الضغوط على الاقتصاد السوداني، وأردف” لذلك في تقديري فإن الحكومة ولسد العجز في موارد النقد الأجنبي عملت على شراء العملة الأجنبية من موارد أخرى لمواجهة استيراد السلع والخدمات الضرورية فاستغل المضاربين وتجار الأزمات السانحة”، وزاد قائلاً “ما راج عن وديعة قطرية كان له تأثير على السوق السوداء، لأنه بالأمس وبعد الإعلان مباشرة عن الوديعة هبط سعر الدولار في السوق الموازي
وإن كان الحديث عن الدعم القطري إشاعة فإن ارتفاع أسعار العملات سيكون أكبر في الأيام القادمة”.
أحكام رادعة:
وحول المعالجات الجذرية شدد محمد الناير على ضرورة أن تتخذ الدولة العديد من السياسات ولا تعتمد فقط على الوديعه بل عليها أن تتخذ عدد من السياسات التي من شأنها إيقاف تدهور قيمه الجنيه من خلال العمل على ترشيد الواردات واستيراد السلع الضرورية والأساسية فقط وزيادة الصادرات خاصة الذهب للحد من التهريب والاستفادة منه في الاقتصاد بصورة كاملة وهي من شأنها تخفض العجز في الميزان التجاري بجانب العمل على ترشيد الإنفاق العام في الموازنة العامة للدولة وزيادة حجم الإيرادات لخفض العجز في الميزان الداخلي “الموازنة العامة للدولة” والعمل على ضبط الكتلة النقدية والسياسات المصرفية والنقدية للحد من التدهور كما ويجب إكمال هذه السياسات بالإجراءات القانونية بحيث تكون هنالك أحكام رادعة للمتعاملين في تجارة العملة في السوق الموازي، وقال “هذه العوامل مع وجود مؤشرات لوديعة لدى البنك المركزي يمكن أن تؤدي إلى تحسن قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية وتبقى سياسة الدولة ونجاعتها هي المحافظة على استقرار سعر الصرف أو تحسن قيمة الجنيه السوداني خلال المرحلة القادمة.
فيما نبه د. عوض الله إلى ضرورة تشديد الإجراءات الأمنية الاقتصادية بجانب استمرار طرح مرن من بنك السودان المركزي للطلب على الدولار على أن تستمر السياسات والإجراءات في تفعيل الميزان التجاري للدولة (الصادر والوارد) لضمان استقرار سعر الدولار.