بروفيسور أحمد مجذوب أحمد
مما سبق ذكره فى الحلقة الأولى من هذا المقال ، يتضح أن هذه الحرب ليست حرباً قبلية، بالرغم من أن اصحاب المصلحة الحقيقية استدرجوا لها حميدتي – مستغلين جهله وطموحه – لخوضها والتى استعان فيها ببعض أبناء القبائل من الرزيقات والمسيرية وأبناء من بعض القبائل الأخرى ومجموعات من مرتزقة الخارج، من الباحثين عن الثروة والمال ، حيث استغل المتآمرون النزعة الشعوبية لدى مرتزقة الخارج ، مدفوعين بأملهم في إنشاء دولة مزعومة ، كما استغل فيها عملاء الداخل نزعة جهوية وولاء قبلياً عند بعض أبناء القبائل ، فجندوهم لهذه الحرب ، لهذا لابد من بيان أن هذه حرب تدار بالوكالة، المستفيدون منها ليسوا هم ممن اكتووا بنيرانها وتولوا قيادتها داخلياً، وإن بدا ظاهرياً تحقق مكسب سياسي او مالي لهؤلاء القادة ، المستفيد منها من ارتبطت مصلحته بعدم استقرار السودان وإنهاكه وابقائه ضعيفاً ومشتتاً ليسهل ابتلاع موارده.
يتأكد هذه التحليل: من التخطيط المحكم المرتبط باستراتيجية غربية تجاه المنطقة، والسعي المتصل لخدمة اهداف هذه الاستراتيجيات، والمثابرة والدعم المالي السخي المفتوح وبتوفير العتاد العسكري المتقدم الذى يضمن تحقيق التفوق على القوات المسلحة ، والدعم اللوجستي المتجدد، والحملة الإعلامية القوية التى تسندها القنوات العالمية ووكالات الأنباء وبعض الصحف ومنصات التواصل الاجتماعي.
ويتأكد أنها ليست حرباً قبلية بأن المدد المالى الكبير يتدفق من الخارج ،لا من القبائل المتهمة ، بل من دويلة صغيرة ليست جارة للسودان، حتى نقول أن لها مصالح جوار تدافع من أجلها ، مما يقوى أن ذات الدويلة – أيضاً – مستغلة ومستغفلة لتخوض هذه الحرب، وتهدر فيها الموارد المالية الضخمة ، واستطاع أصحاب المصلحة الحقيقيون عزل قيادتها عن مجتمعها ، ليسهل قيادها وتسخيرها لتنفيذ هذه الأدوار الخبيثة، بحيث يعنى أن قرارها ليس بيدها، وإنما تدار من القوى الصهيونية المتحالفة مع النيوليبرالية؛ من أجل أن تجعل منها مخلبا لتحقيق أهداف دول الاستعمار.
هؤلاء هم الأعداء الحقيقيون الذين يحركون كل الدمى من العملاء والمأجورين ممن أصبحوا سلعة تباع وتشترى فى سوق السياسة – بل قل سوق النخاسة – العالمية، م
ممن اختاروا بعض الشباب فغسلوا أدمغتهم وشحنوهم بالكراهية والفجور والبغضاء، ممن أشاعوا الفاحشة ووزعوا المخدرات ليفسدوا القوة الحية فى المجتمع، ممن أنشأوا التجمع الوهمي للمهنيين الذى بدأ ببيع الوطن ، ومن مولوا بعض القيادات العميلة في الأحزاب ليزوروا إرادة هذه الأحزاب ، ثم يزوروا إرادة الأمة من بعد ذلك ، من نظم الورش والمؤتمرات لبذر الفتنة بين الناس ،من أعد ورتب وأقام برامج التدريب لتجهيز القوة المساندة لتنفيذ خطط الأعداء، مستغلين شغف بعض الشباب للمعرفة وتطلعهم للتغيير، فدربوهم كيف يحتقرون دينهم وأسرهم ومؤسساتهم ومجتمعاتهم ، فتمردوا على قيم الدين دعوة للمثلية وتخلصا من سلطان الأسرة ودعوة للتحرر من كل قيمة ، ليكونوا وقوداً لمعركة ليسوا طرفا فيها.
هكذا يتضح أن هذه القبائل ليست شريكاً فى إشعال الحرب ، وبالتالي ليست عدوا لبقية أهل السودان، وإن غرر ببعض أبنائها وتم خداعهم، إما باغتراب يصلح الحال، أو بمواجهة عدو، سُمى لهم مرة بدولة الجلابة وأخرى بدولة 1956 وثالثة بالكيزان ، وغالب هذه المجموعات لا تعرف دلالات هذه الشعارات . فهؤلاء بهذا الوصف ليسوا أعداء ولا متآمرين على السودان ، حتى يحاول بعض المحللين السياسيين من وسم هذه المعركة بقبائلهم أو جهاتهم،
الأعداء هم من اعتمد استراتيجيات خلخلة الشرق الأوسط واستهداف دوله واحدة تلو الأخرى ، الأعداء هم من اختاروا العملاء وصنعوا لهم دوراً في السياسة السودانية ، أعداء السودان هم من خططوا ومولوا، وأعدوا المرجعيات الدستورية المستوردة ، الأعداء هم من عَمِلوا عملاء لهذه القوة ، فأصدروا لها التشريعات التى تتمنى والخطابات التى اعادت الوصاية، هم من اعترفوا بجرائم لم يرتكبها الشعب السوداني، بل وأدانوا بلدهم ودفعوا تعويضاً لأسيادهم فى قضية برأت المحاكم السودان منها ، الأعداء من زادوا على الحرائق التي وقعت وبحثوا لها عن الغطاء السياسى ،
هؤلاء هم من أوقدوا نار الحرب وظلوا يدعمونها ويستنفرون بالدول الخارجية حتى بعد كسر شوكة هذا التمرد.
بالتأكيد قبيلة الرزيقات ولا المسيرية ليستا طرفا فى ذلك ولا شريكتان فيه ،ولا بقية القبائل فى غرب السودان ، إن من روج لذلك أراد أن يستمر في تنفيذ المخطط واستنزاف الوطن.
فانتبهوا أيها الناس واعرفوا عدوكم الحقيقى لتقاتلوه بصف وطنى واحد … والسلام
نقلا عن موقع “المحقق” الإخباري