القطاع المصرفي السوداني..مواجهة شبح الإفلاس

تقرير – رحاب عبدالله

*القطاع المصرفي السوداني تعرض إلى دمار واضح نتيجة الحرب بين مليشيا الدعم السريع والجيش السوداني في منتصف أبريل العام الماضي 2023.فعملية السرقة والنهب والحرق طالت أكثر من 100فرعا للبنوك وهي 37 بنكا منها حكومية وخاصة،وتسببت الحرب في توقف 70% من البنوك في مناطق القتال بحسب بنك السودان المركزي، فيما تشير معلومات مؤكدة ان نسبة الأموال التي نهبت من البنوك تقدر بنحو 38% داخل ولاية الخرطوم،واصدر بنك السودان المركزي بعد تمدد الحرب حزمة إجراءات لضمان استمرار التعاملات المصرفية.
تحذيرات من الافلاس
وحذر مراقبون من تعرض بعض البنوك إلى الإفلاس او التصفية ، حيث قال الخبير الاقتصادي اونور ان مابين ثلاثة مصارف هنالك مصرفين معرضة للافلاس،
غير ان رئيس مجلس ادارة بنك النيلين السابق الخبير الاقتصادي د.بابكر محمد ، دحض توقعات البعض بافلاس البنوك او تصفيتها.
وقال في حديثه ل(الاحداث) لن يفلس بنك ، مؤكدا ان التعويض الذي يأتي بعد الحرب يشمل دعم المصارف، واصلها اموال افراد.
وأشار إلى أن البنك المركزي السوداني يقوم بدور كبير في توجيه القطاع المصرفي للتحوط للمخاطر والإجراءات السليمة في التعامل مع شكل الأصول للبنوك ، فضلاً عن إلزام المصارف بتوفير احتياطي لايقل عن 20% للتحسب للمخاطر والتعرض للإفلاس.

واقر التوم ان ما حدث في السودان واثار الحرب اللعينة يقتضي تفهم ان كل الاقتصاد يحتاج لنظرة فاحصة واعادة ترتيب اوراق وخطة اعمار شاملة تعيد الاقتصاد كله لمساره الصحيح.
وقطع بأن بنك السودان عليه دراسة الامر بعناية ووضع تصور يعيد توفيق اوضاع البنوك كجزء من الخطة القومية للاعمار
وليس للافلاس.

عجز الحسابات الختامية للبنوك
لكن المدير العام للوكالة الوطنية لتمويل وتأمين الصادرات احمد بابكر حمور ، أقر بأن المصارف تواجه صعوبات شتي منها فقدانها للأموال الكاش المنهوبة ومنها إتلاف الأصول وتوقف تحصيل المديونية على العملاء بالإضافة إلى توقف التمويل الجديد.
وأكد في حديثه ل( الأحداث ) أن كل ذلك يقود إلى حد كبير الى خسائر مالية علي المصارف السودانية بلا استثناء ، وتوقع أن تشهد الحسابات الختامية للبنوك للعام 2023 عجزا كبيرا لمعظم المصارف .
وتوقع إذا استمر هذا الوضع ان تفشل بعض المصارف في الاستمرار وربما يقود هذا الى التصفية أو الدمج.
لكن أحمد حمور أكد أن صندوق ضمان الودائع يمكن أن يلعب دورا في التقليل من هذا الاحتمال الا إذا كان حجم وعدد المصارف التي تحتاج إلي الدعم كبيرة بدرجة لا يقوى الصندوق على تقديم العون بالقدر الكافي.

ثقة الجمهور والعملاء

وأكد الخبير المصرفي ابوعبيدة أحمد سعيد ، بتأثر أعمال البنوك بالحرب لأن البنك وسيط مالي مابين المودعين والمستثمرين لأن الكثير من استثمارات البنوك في شكل عمليات استثمارية سوف تتعثر نتيجة للحرب التي اندلعت منذ عام تقريبا ، مشيرا الى إنخفاض الودائع المصرفية في المصارف بنسبة كبيرة – لافتا الى ان الكتلة النقدية طرف الجمهور قبل الحرب تمثل اكثر من 90% من الكتلة النقدية في النظام الاقتصادي ، مؤكدا ان عملية إفلاس البنوك مرتبطة بثقة الجمهور والعملاء في النظام المصرفي فعندما تهتز الثقة في النظام المصرفي يتم سحب الودائع من النظام المصرفي ، مضيفا ان النظام المصرفي الان مشلولا من حيث حركة الايداع والسحب نتيجة للحرب الدائرة وزاد من ذلك انقطاع شبكة الاتصالات التي حدت من حركة التحاويل المصرفية عبر تقنية التحويل عن طريق الموبايل علي الرغم من ذلك نجد ان عملية التحويل عبر الموبايل في ظل انعدام الامن ساعد في حركة الأموال عبر التحاويل عن طريق الموبايل لأن ذلك من ناحية أمنية افضل من التحرك بسيولة نقدية لما فيها من مخاطر.
تآكل رؤوس اموال البنوك
وقطع احمد سعيد بأن جوهر مخاطر الحرب هي ضعف وتآكل رؤوس أموال البنوك السودانية الضعيفة في ظل ازديادة نسبة مخاطر الديون المتعثرة بسبب الحرب ، واوضح ان دور بنك السودان يعمل علي حماية النظام المصرفي من الانهيار كمقرض أخير إلي أي مصرف يتعرض لهزة مالية ، لكن يبقي السؤال هل في ظل ظروف الحرب هل بنك السودان قادر علي تقديم الدعم للمصارف كمقرض أخير؟!، البنوك السودانية ضعيفة من ناحية رأس المال وهذا يجعل دورها ضعيف في عملية التنمية ، بل حتى في العمليات التجارية، ونوه الى انه في ظل انخفاض قيمة الجنيه السوداني نجد ان فتح اعتماد بمبلغ مليون دولار أمريكي يتطلب موافقة بنك السودان لأن مبلغ الاعتماد يمثل نسبة مرتفعة من رأس مال معظم البنوك السودانية وبالتالي يحد من دورها في عملية التجارة الخارجية، وشدد على ضرورة دمج البنوك في فترة مابعد الحرب حتى تستطيع هذه البنوك المنافسة وتساهم في التنمية الاقتصادية كذلك لابد من تشجيع المصارف العالمية بفتح فروع لها في السودان لتساهم في عملية التنمية الاقتصادية وضخ رؤوس أموال في الإقتصاد السوداني.

ايجابيات الحرب على البنوك

في وقت أوضح فيه الخبير الاقتصادي د.محمد الناير ، أن البنوك السودانية تعاني اشكالات حتى قبل الحرب ،تعاني ضعف رؤوس اموالها ،واضاف “دعينا مرارا بأن يسرع بنك السودان الخطى في رفع رؤوس أموال البنوك لتصبح في معدلات جيدة تمكنها مجابهة التحديات في الفترة القادمة ، ولكن بنك السودان لم ينفذ إجراءات هيكلة البنوك” وبالتالي هنالك بنوك رؤوس اموالها ضعيفة للغاية وجاءت الحرب
وتعقيداتها ، مؤكدا تأثيرها على البنوك ولكن الناير أكد عدم الاستطاعة بتأكيد ان البنوك معرضة للانهيار او الإفلاس باعتبار انه البنوك تعمل الآن بصورة جيدة ولعل ظروف الحرب أدت نتائج عدها إيجابية حيث انها غيرّت المفاهيم في الاحتفاظ بالاموال والذهب في المنازل بعد تعرضها للسرقة،
بل في البنوك ،باعتبار ان ودائع العملاء مضمونة من قبل البنك المركزي، وهذا الامر في كل العالم ،مشيرا إلى ان هذا سيجعل تدفقات الكتلة تتزايد بعد انتهاء الحرب، وسيتم العدول عن ما في السابق بأن 90% من الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي وينعكس الامر فقط يحتاج إلى تفعيل الانظمة الإلكترونية وهذا الأمر حقق نجاح كبير جدا في ظل ظروف الحرب حاليا مثل “بنكك، اوكاش وفوري” كان لها دور في تخفيف العبء على المواطن وتفعيل دور العمل المصرفي بصورة كبيرة، ورأى كان مفترض ان يصدر قرار بأن لا تقبل فئة الألف جنيه في النشاط التجاري بل في البنوك وكان من شأنها تقلل كثيرا من تدهور العملة الوطنية وتجعل لدى المصارف سيولة كافية ، وكبديل لتبديل العملة وهي قضية حتمية لابد أن تحدث حينما تستعد الدولة جيدا لهذه الخطوة مع إعادة النظر في التركيبة الفئوية للعملات نفسها وهي قضية جوهرية.
ضمانات الافلاس
والشاهد ان التزامات صندوق ضمان الودائع المصرفية تتمثل عند حل أو تصفية اي مصرف فعلى الصندوق ان يدفع لكل مودع في ذلك المصرف مبلغا يساوي الحد المضمون بموجب أحكام المادة 18 على الا يزيد ما يدفعه الصندوق للمودع عن جملة ودائعه الموجودة لدى المصرف في تاريخ صدور امر الحل او التصفية.
في حالة اي مصرف مضمون تم بخصوصه وضع مشروع للتسوية او إعادة التشكيل او الدمج وتمت اجازة ذلك المشروع بوساطة الجهة المختصة بحيث ينص المشروع على أن ينال كل مودع في تاريخ سريان المشروع مبلغا يقل عن المبلغ المضمون بموجب أحكام المادة 18 يقوم الصندوق بدفع مبلغ يساوي الفرق بين المبلغ الذي يحدده المشروع واصل الوديعة او الفرق بين المبلغ المضمون والمبلغ الذي حدده المشروع، ولاغراض هذه المادة يحدد مبلغ الوديعة بعد خصم اي مبلغ يكون المصرف المضمون مستحقا لها قانونا ويجب على المصرف خصم تلك المبالغ من حساب المودع عن طريق المقاصة .
ويبقي السؤال اذا افلست بنوك هل يتم تنفيذ هذا القانون أم تعتبر الحرب قوة قاهرة في تنفيذ احكام القانون.

 

Exit mobile version