الفريق إبراهيم جابر عضو مجلس السيادة الإنتقالي ومساعد القائد العام للقوات المسلحة يعتبر مشرفاً حقيقياً على أداء الحكومة السودانية، ملماً بتنفيذ مهامها المدنية، في وقت يمتلك فيه الرجل تفاصيل العمل العسكري على الأرض، يتمتع بثبات وانضباط في أحاديثه، ما يمكن الرأي العام والمتابعين من الوقوف على كل مستجدات الأوضاع في البلاد بشكل دقيق…
موقع (المحقق) الإخباري وقف معه على مجمل أحوال السودان، وتحدث معه عن الأوضاع الإنسانية و الأمنية والسياسية، مبيناً مآلات الحرب على المواطنين، كما أوضح موقف الحكومة من المفاوضات والحوار الثنائي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وفسر لنا موقف الجيش من حكم البلاد في المرحلة المقبلة… وفيما يلي نص الحوار
حوار: صباح موسى
بداية نريد أن تطلعنا على الوضع الإنساني في السودان من جراء الحرب والسيول الأخيرة؟
تزامن السيول والحرب، ألقى بظلال ثقيلة على المواطن والدولة من حيث تقديم الخدمات عامة والصحية بشكل خاص، وتوفير الحركة الآمنة للمواطنين بين المدن بشكل خاص، ونسعى بصفتنا حكومة مسؤولة لتجنيب المواطنين هذه الأخطار، وبعد إنتشار الأمراض الأخيرة، قمنا بمخاطبة منظمة الصحة العالمية لتقديم العون، والتي وصل مديرها إلى بورتسودان، ووعد بتلبية طلباتنا بضرورة إعادة بناء المرافق الصحية، وتوفير الدواء للأمراض المزمنة، ونثمن جهود الأشقاء الذين وصلت معونتهم إلى الكثير من المتضررين، صحيح الأضرار كبيرة نتيجة لوقوع السودان بالكامل تحت تأثيرات التغير المناخي، ما أوجد هذه الكارثة التي في جوفها أتت النعم بتضاعف الإنتاجية في حزام الزراعة المطرية ما يعني الكثير نحو توفير وتأمين الغذاء للمواطنين.
وماذا عن الوضع الإنساني في ظل التطورات الأخيرة؟
نحن نرفض مبدأ تسييس العمل الإنساني، وتحقيق مكاسب من الأزمة، وهو ما كان الدافع لفتح معبر أدري، لتنساب المعونات لأهلنا في دارفور، وفي سبيل ذلك وافقنا مع الأمم المتحدة ومنظماتها على اعتماد مبدأ تسهيل الإجراءات عبر تحديد الكميات ووجهتها النهائية، ومنحنا كل تسهيلات الدخول، من تأشيرات وخلافه عبر معبر أدري والطينة، لكننا نتأسف كثيراً لعرقلة دخول المنظمات ومنعها، حيث لازالت فرق العمل الإنساني الدولية ممنوعة من الدخول بفعل المليشيا لتضاف إلى جرائمها المتعلقة باحتجاز عربات الإغاثة في مناطق عديدة في دارفور، ونحن أبلغنا احتجاجنا لنائبة الأمين العام للأمم المتحدة التي كانت أرفع مسؤول دولي يزور السودان ويحترم سيادتها، ونتطلع لكثير من التعاون خلال فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وماذا عن الانتهاكات لحقوق لمواطنين؟
التعديات والإنتهاكات على المواطنين ما تزال مستمرة من إختطاف وإخفاء قسري وإغتصابات، لذا دائماً ما نقول إن هذه الجرائم، إذا لم تتم إدانتها بشكل واضح وتجريم مليشيا الدعم السريع، وتفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب سيخلف ذلك واقعاً مريراً قد يدفع المواطنين لأخذ القانون باليد.
ولابد هنا من أن نجدد ترحيبنا بقرار مجلس الأمن الخاص بمنع تدفق الأسلحة إلى دارفور، لأن ذلك ربما يجعل من يمدون المليشيا بالتسليح يعيدون حساباتهم قبل أن تلاحقهم جرائمهم دولياً، كما نرحب بعدم تمديد ولاية اللجنة الأممية الخاصة برقابة الأسلحة الى بقية السودان وجعل مدة ولايتها عام واحد.
وماهي خياراتكم المقبلة بعد جنيف، ومحاولات الضغط للقبول بها بتوصيات من لجنة تقصي الحقائق وغيرها؟
خيارتنا يأتي على رأسها الاعتماد على شعبنا، الذي يخوض معنا معركة الكرامة بكافة وقائعها داخلياً وخارجياً، وهو الترياق الأول لإبطال أي مخططات لا ترتبط بقراره الواضح لنا، وهو رفضه إعادة المليشيا للوجود والنفوذ السياسي، ونحن نقوم بتحويل رغباته هذه إلى برامج تحققها وتعزز السيادة الوطنية، لكن عموماً نحن ليس لدينا مشكلة مع المكان جنيف أو غيرها من المدن، لذا نقول أي سبيل يقود لتنفيذ مقررات منبر جدة هو المطلوب والمفضل لدينا، كما إننا أوضحنا مراراً للأمريكان، إننا لا نرى داع لفتح منبر جديد دوناً عن تنفيذ مقررات المنبر الأصل، ومع ذلك نحن مستعدون لمواصلة الحوار الثنائي مع الولايات المتحدة، بل مستعدون لاستقبال المبعوث الأمريكي في بورتسودان
وما تعليقكم على تقرير لجنة تقصي الحقائق؟
تقرير لجنة تقصي الحقائق مرفوض، وقد أوضحت الخارجية بشكل ضافٍ حيثيات هذا الرفض، كما أننا نرفض نشر قوات دولية لحماية المدنيين، لأن الإنتهاكات كلها في مناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع، ولا يحتاج المدنيون لحماية من جيش الدولة، لأنهم يلجأون إليه هرباً من البطش، كما أن إنتشار قوات أممية في ظل إنتشار قوات المليشيا يعد شرعنة لوجودها، وليس حماية للمدنيين، الذين يحتاجون فقط لخروج المليشيا من المناطق المدنية والمأهولة بالسكان لأن هذا السبيل الأوحد لحماية المدنيين، إذا كان هذا هو الغاية وليس إعادة المليشيا من الشباك، بعد أن أخرجها الشعب عبر الباب متبوعة باللعنات.
هناك تصريحات مثيرة للفريق ياسر العطا بأن الجيش سيظل مسؤولاً عن الدولة حتى بعد إنتخابات قادمة ماذا يعني ذلك؟
لم أطلع على كامل سياق الحديث الذي أدلى به أخي الفريق أول ياسر، لذا يمكنك الرجوع له شخصياً لفهم السياق العام لحديثه كاملا، وليس مجتزءً منه، كما أن للمكان أحكامه أيضاً.
وماذا عن رأي الجيش السوداني عموماً في هذا الموضوع؟
بالعموم الجيش السوداني موحد حول فكرة تشكيل حكومة تكنوقراط مدنية، لإدارة الدولة على نفس الحال الذي كانت عليه تجربتي ما بعد أكتوبر 64 وأبريل 85 من جميع النواحي، على أساس أن الإنتخابات العامة هي سبيل الحكم في السودان، وهو عين ما قاله أخي الفريق ياسر في زيارته الأخيرة لمدينة عطبرة وسلاح المدفعية، بأن الإنتخابات هي سبيل الحكم، وأن بعض السياسيين يخشون خوض غمار الإنتخابات، ويحاولون الإستقواء بالأجنبي، ونحن سنكون لهم بالمرصاد، إلى أن يعودوا إلى رشدهم، ويرضون الإحتكام لخيار الشعب.
كيف ترون الدور المصري في السودان وماهو الذي تتوقعونه من القاهرة في المرحلة المقبلة؟
تظل القاهرة هي الظهير الأول للشعب السوداني، لذا دائماً شكرنا وإمتناننا مستمرين نحو مصر، التي استقبلت مواطنينا بمئات الآلاف، وتقاسمت معنا كل شئ، ونحن واثقون أن أمننا القومي مرتبط عضوياً بأمن مصر، لذا نحن نشجع ونرحب دائما بالمجهودات المصرية منذ مؤتمرات القاهرة الأولى إلى مؤتمر دول الجوار الذي وضع الإطار الصحيح للأزمة، وأخيراً مؤتمر القاهرة للقوى السياسية السودانية، والمجهودات القيمة لإستضافة حوار سوداني أمريكي مباشر، وهو الذي حال اكتمال وقائعه نتوقع أن يقود لنتائج طيبة واستراتيجية، كما لا يسعنا تكرار ترحابنا بالمعونات الإنسانية واللوجستية التي لم تتوقف، وليس هناك من دليل أكبر من سفينة المعونات التي تصل السبت إلى بورتسودان، ونتطلع إلى علاقة وشراكة استراتيجية، فقد أوضحت الحرب الأخيرة، أشقاء السودان المخلصين من أعدائه.