رأي

الفاشر…عندما يصبح الإنسان أقوي من الصخر والحقيقة أوضح من الشمس

✒️بقلم أنس الطيب الجيلاني

من قلب الحصار وتحت السماء الملبدة بالبارود والدخان والموشحة بدماء الأبرياء ستنهض الفاشر من جديد من فوق الركام لتنتصر وتقف مجددا رغم أنف الاعداء ،إنتصر إنسان الفاشر الجريح تحت حصار ال٥٠٠ يوم والمياه شحيحةوالظلام يلف المدينة الصابرة، والبيوت بلا نوافذ ، والمستشفيات بلا دواء ، والنساء والأطفال يرتعشون من الجوع والخوف ، لقد كتبت الفاشر ونحتت علي صخر التاريخ الذي روته فاشر السلطان بمداد الدم والنور يوم وقفت المدينة، حاضرة سلطنة الفور، بزعامة السلطان علي دينار والذي دافع عنها قديما بعزة وكبرياء وشرف ضد الغزاة المستعمرين اللذين حاصروا المدينة كما تحاصرها مليشيا آل دقلو الان ، فنال السلطان الشهادة برصاص المستعمر وهو يزود عن حياض المدينة في نوفمبر ١٩١٦ ،إن الفاشر لم تعد أسم علي تضاريس الخارطة السودانية وإنما صارت أيقونة ورمز لصرخة أنسانية حارقة في وجه عالم أصابه العمي والعطب الأخلاقي ، وسقطت عنه أقنعة الزيف، ستظل الفاشر أمد الدهر ذاكرة حية في الوجدان السوداني والضمير العالمي.
إن الابادة الجماعية التي حدثت لسكان الفاشر وغيرهم من الضحايا في ربوع السودان في ود النورة وسنار والهلالية ينبغي أن تظل ذكراهم حاضرة ،،ولنجعل من هذه المناسبة ذكري سنوية خاصة وأن الجمعية العامة للأمم المتحدة أجازت في ٢٩ سبتمبر ٢٠١٥ قرارها رقم ٣٣٢/٦٩ والقاضي باعتماد التاسع من ديسمبر من كل عام ذكري سنوية لضحايا الابادة الجماعية حول العالم للذين تعرضوا لجريمة القتل المتعمد والتدمير الممنهج بدافع العرق أو الجنس أو الدين أو الأصل.
أدعو في هذه السانحة وأحث وزارة مجلس الوزراء بالتفكير في أعتماد يوم ٢٧ أكتوبر من كل عام ذكري سنوية للأمة السودانية تخليدا وتكريما لضحايا الابادة الجماعية في الفاشر وبقية المدن ، والتوثيق لهذه الجرائم عبر الأقلام والمعارض والمتاحف والفنون التشكيلية وغيرها من الأدوات ،،ولنجعل صباح ٢٧ أكتوبر من كل عام أحتفال في مدارسنا وجامعاتنا ومساجدنا وكنائسنا تكريما وتخليدا لذكري الضحايا الابطال اللذين رووا بدمائهم الطاهرة أرض السودان، ولتبقي هذه الذكري المؤلمة وصمة عار علي جبيبن المليشيا ومن شايعها علي مدي التاريخ السوداني، وشاهدا علي ظلمهم ووحشيتهم وأنفسهم المريضة.
سيظل ما حدث في دارفور وفاشر السلطان يذكره التاريخ الحديث لتنضم الفاشر لسلسلة تاريخ الابادة الجماعية المأساوي من لدن الابادة الجماعية في مدينة خوجالي الاذرية في فبراير ١٩٩٢ ، وذكري الابادة الجماعية في رواندا يوليو ١٩٩٤ ، وذكري الابادة الجماعية في سبرنتسا بالبوسنة ١٩٩٥،، ومذابح غزة الصمود في فلسطين المحتلة .
علي المجتمع الدولي والاقليمي وإجهزته العدلية والقانونية ملاحقة الجناة في مذبحة الفاشر وعدم السماح لمرتكبيها من الافلات من العقاب، وتحميل المسئولية القانونية والاخلاقية لقادة المليشيا وداعميها وحماية حقوق الضحايا ، واختم بأبيات السمراء روضة الحاج
ومن قال أن الفاشر اليوم قد قضت
رويدك هذا الهرف عن أي فاشر؟؟
ستشرق مثل الفجر من تحت ليلها
وتستل عنها غادرات الخناجر.

المجد والخلود لشهدائنا الابطال في سجل الخالدين ،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى