السودان والمواجهة مع الأمبريالية

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن فشل المشروع الأمريكي البريطاني الفرنسي في مجلس الأمن أمس الأول لدخول قوات أممية تحت دعوة حفظ أمن المواطنين، لم تكن هي المحاولة الأولى، و لن تكون الأخيرة، في ظل صراع المصالح في المنطقة، و كل مرة تفشل و تعاد الكرة مرة أخرى، و كلما قدمت هذه الدول مشروعا وسقط، تساعد على رفع المؤشر الوطني في السودان، الذي كان محفزا لنجاح دعوة الاستنفار و انخراط الشباب في المقاومة الشعبية، و في ذات الوقت تكشف هذه المحاولات المتعددة الأطماع الدولية في ثروات السودان و محاولة السيطرة على موقعه الإستراتيجي.. و هذه الدول لم تبدأ مشروعها بعد نجاح ثورة ديسمبر 2018م، من خلال ما تسمى بالرباعية… و لكنها بدأت التخطيط لمشروعها منذ الإعداد الذي تم لثورة سبتمبر 2013م، عندما شعرت أن نظام الإنقاذ فقد القدرة على الصمود، و تصدع من داخله بسبب صراع مراكز القوى داخله..
عملت هذه الدول من خلال العديد من قبل المنظمات الأمريكية و الأوروبية المختلفة على قيام ورش لرفع الكفاءة و إدارة الأزمات في كل من نيروبي و كمبالا، و أختارت لها العناصر التي لها الرغبة في خدمة مشروعها، و التي لا تراع إلا مصالحها الذاتية.. و معلوم دائما الدول يتم أختراقها من المناطق الرخوة في المجتمع.. و موقف كينيا و يوغندا في منظمة الإيغاد الداعم للميليشيا و العناصر التي تقف إلي جانبها، يؤكد أن قيام تلك الورش في تلك الدول كان أيضا مخطط له بعناية.. و في ذات الوقت كان يقع على كل من السعودية و الأمارت الإشراف الكامل على دعم المخطط ماديا، و أختيار العناصر التي تخدمه من داخل فئة المثقفين و الأكاديميين و رجال الأعمال، انسحبت السعودية مبكرا عندما شعرت أن المشروع سوف يشكل لها حرجا كبيرا في الدائرتين العربية و الإسلامية، و بقيت الأمارات هي الداعم الوحيد للميليشا عسكريا عبر كل من تشاد و ليبيا ” حفتر” للسلاح و دولة جنوب السودان لتجنيد مرتزقة و الدفع بهم إلي مناطق الحرب للقتال بجانب الميليشيا، و أيضا أثيوبيا التي شعرت أن هذا الفعل سوف ينعكس عليها لذلك حاولت الابتعاد عنه.. فشلت الإيغاد و الاتحاد الأفريقي في تعبيد الطريق لنجاح المشروع..
كشفت أعترافات العديد من العناصر الذين تم القبض عليهممن قبل الاستخبارات، و كانوا يعملون كمرشدين و مخبرين للميليشيا في الأحياء، أن تعاونهم مع الميليشيا لم يبدأ مع الحرب، أنما التجنيد قد تم لهم قبل الحرب بشهور، و كان تكليفهم منذ تلك الفترة معرفة منازل القيادات العسكرية في القوات المسلحة و الشرطة و جهاز الأمن، و أيضا معرفة سكن القيادات السياسية و خاصة الإسلاميين، و كانوا يتعاطون مخصصات نظير عملهم الذي وصفوه بالسري الذي يعمل من أجل سودان جديد.. و قد وردت اسماء عديدة لعناصر هي التي كانت تعمل على تجنيدهم.. هذا المخطط قد أنكشف الآن، و يحاول البعض أن يهرب منه في أنه حرب بين طرفين، أو أنهم يريدون إبعاد الإسلاميين من العودة للسلطة، و كلها محاولات لتغبيش الوعي، و تزييف للحقائق..
أيضا هناك اجتهاد دوبلوماسي سوداني للوصول إلي بنود صرف البعث الأممية بقيادة فوكلر التي حاولت بريطانيا أن تمنع الاطلاع عليها، و هي كانت أيضا بنود صرف لمؤسسات بعينها و عناصر كانت تخدم هذا المخطط الإمبريالي للسيطرة على السودان و موارده، أن كشف الحقائق مسألة في غاية الأهمية لأنها تبين ابعاد المخطط و الذين حاول نجاحه من السودانيين..
أن رفع تحالف ” تقدم” عريضة إلي مجلس الأمن لدخول قوات أممية لحفظ امن المواطنين، و الذي تبنته كل من أمريكا و بريطانيا و فرنسا و قدمته لمجلس الأمن يبين أن الدول الأمبريالية لن تقف عند حدود الحرب أنما هي ساعية لإكمال مخططها بكل الطرق.. و لكن صمود الجيش و وقوف الشارع معه كتف بكتف هو الصخرة التي تتكسر عليها كل نصال التأمر على السودان.. مهما حاول البعض أن يغير الحقائق، بأنهم فقط ضد الكيزان، و يحاولون أن يمنعوا الكيزان من الوصول للسلطة، كلها محاولات للتغطية على انحيازهم للمبريالية و قبولهم بمشروعها الهادف لخدمة الأجندة الأمبريالية مقابل مصالح ذاتية يتطلعون لها.. أن الحرب قد خلقت وعيا جديدا في السودان، و البندقية التي حملها شباب المقاومة الشعبية و المستنفرين هي مصدر الوعي الجديد لسودان أمن مستقرا أن شاء الله.. نسأل الله حسن البصيرة.

Exit mobile version