الأحداث – عبدالباسط إدريس
من منطقة “أم شجرة” – ريفي القضارف قال رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان إن أي شخص خان الشعب ووقف ضد الدولة لن يكون له أي دور في مستقبل السودان”.
فمن أولئك الذين يعنيهم البرهان أو ما هي مواصفاتهم بناء على مواقفهم وتحركاتهم ؟!. وهل حديث البرهان عن نيته تشكيل حكومة يأتي لقطع الطريق أمام أي ضغوط خارجية يمكن أن تفرض عليه؟.
ساسة في القفص:
عقب حديث البرهان سارع البعض بفتح “قفص الاتهام” لإدخال قيادات أحزاب ومجتمع مدني، لوقوفهم إلى جانب التمرد وهؤلاء يرى المراقبون أنهم كانوا يراهنون على انتصار سريع لقوات حميدتي من خلال السيطرة على العاصمة ومقار الجيش والحكومة وتولي زمام الحكم، أو آخرين لمواقفهم الرافضة للحرب.
ماوراء الأكمة:
من زاوية أخرى ثمة تسريبات عن وجود ضغوط خارجية تهدف لإبعاد قائد الجيش وأعضاء المكون العسكري، وقبل ذلك توقيعهم على اتفاق لوقف إطلاق النار مع مليشيا حميدتي وتشكيل حكومة من عناصر مدنية تضطلع بمهمة الإصلاح الأمني والعسكري بما في ذلك دمج مليشيا الدعم السريع في الجيش، ويبدو أن هذه الجهات لديها أسماء وعناصر ترغب في أن تتسلم أمور البلاد، وكثيراً ماتختبئ تلك الجهات الخارجية وراء عبارة تشكيل حكومة مدنية “ذات مصداقية” أي حكومة مرضي عنها من جانبهم كشرط للتعامل معها أو الاعتراف بها.
مداولات خفية :
فى الآونة الأخيرة برزت عدة أسماء لتولي منصب رئيس الوزراء، لكن أربعة منها ما تزال الأكثر تداولاً في أروقة الدبلوماسيين بحسب مصادر تحدثت إليها (الأحداث) سنحاول استعراض هذه الأسماء وهي:
(1)
عبدالله حمدوك:
تقول مصادر دبلوماسية مطلعة ل(الاحداث) إن موفدين من أميركا والاتحاد الأوروبي أجبرا قيادات من قحت في لقاء بأديس أبابا، للتخلي عن الانقسام بشأن رئيس الوزراء المستقيل د.عبدالله حمدوك وضرورة التوحد في جبهة مدنية جديدة بقيادته، وأفادت ذات المصادر أن الموفدين أبلغا قادة قحت. بأن حمدوك خيارهم المفضل.
ولم تكن العلاقة بين حمدوك وقائد الجيش جيدة وتصاعدت الخلافات المكتومة بينهما حتى طفت إلى السطح، عندما وصف رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء حمدوك ،”بالكذب” و”خداع الشعب” بعد أن قال الأخير إن الجيش والقوات النظامية يسيطرون على 80% من موارد البلاد.
سبق ذلك قول الفريق أول الكباشي إن اتفاق حمدوك مع الحلو في أثيوبيا حول العلمانية “وعد من لايملك لمن لايستحق”.
وكان حمدوك قد زار كاودا رفقة ممثل برنامج الغذاء العالمي والتقى الحلو وهي الزيارة التي قوبلت بعدم ارتياح من قبل الجيش.
ووفقاً لمتابعات (الاحداث) لم يكن حمدوك خياراً مفضلاً للجنة الأمنية للبشير، التي طرحت من بين السيناريوهات المبكرة لحل الأزمة تولي عمر الدقير لرئاسة الحكومة وإحالة صلاحيات البشير له مع الإبقاء على الأخير شرفياً إلى حين انتهاء ولايته الدستورية في 2020.
وأثناء رئاسته للحكومة الانتقالية، غادر حمدوك المنطقة الآمنة ونسج علاقة مع قادة الدعم السريع هو وبعض المقربين منهم وضعت العلاقة بينه والمؤسسة العسكرية على المحك.
وكان أحد المقربين منه من المحسوبين على ما أطلق عليه إعلامياً، السياسي البارز الشفيع خضر أقر في حوار مع صحيفة الجريدة، أنهم يديرون حواراً مع قادة الدعم السريع، حول وجوب عدم تكرار ماحدث من انتهاكات في دارفور، ونوه إلى أن قادة المليشيا بدأوا يفهمون ذلك.
أخيراً قاد حمدوك جبهة تقدم الداعية لوقف الحرب، والتقى حميدتي، واتهمت تقدم رسمياً على لسان مساعد قائد الجيش الفريق أول ياسر العطا بأنها واجهة سياسية للتمرد.
وأصدر النائب العام قراراً بالقبض على حمدوك وعدد من قادة تقدم بتهم عديدة من بينها إثارة (الحرب ضد الدولة).
(2)
نصر الدين عبدالباري
يعتبر وزير العدل في حكومة حمدوك المنحلة، نصر الدين عبدالباري من بين خيارات بعض الجهات الخارجية لقيادة فترة انتقالية جديدة، عبدالباري الحائز على منحة دراسة القانون في جامعة هارفرد الامريكية، يعتقد أنه أحد المقربين من ما يسمى بمجموعة رأس المال العولمي، وقد أثار جدلاً كثيفاً خلال حقبته الوزارية بحكومتي حمدوك الأولى والثانية، عقب اجراءه تعديلات على عدد من القوانين بجانب توقيعه الاتفاقية الإبراهيمية للتطبيع مع إسرائيل وذلك من داخل مقر السفارة الأمريكية بالخرطوم.
وعلى عكس حمدوك ظل عبدالباري يحتفظ بعلاقة إيجابية مع البرهان وحميدتي.
مؤخراً عبر عبدالباري، عن انتقاده للجيش محملاً إياه مسؤولية اندلاع الحرب.
(3)
طه الحسين:
يتردد كثيراً أن مدير مكتب الرئيس السابق البشير ، طه عثمان الحسين، مرشحاً مفضلاً لرئاسة الوزراء، لكن مصادر واسعة الاطلاع أفادت (الاحداث) أن ثلاث دول خليجية كانت تفضل عدم ظهور الحسين إلى حين إجراء تغييرات عميقة في بنية مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية وترشيحه في الانتخابات والعمل على فوزه.
مؤخراً أصدرت أميركا عقوبات عبر وزارة الخزانة بحق طه الحسين بعد أن اتهمته بالعمل على إطالة أمد الحرب في السودان.
ويحتفظ طه بعلاقة وثيقة بقائد التمرد حميدتي وهندس عقب سقوط البشير دعوة محمد بن زايد لقيادات الحرية والتغيير ومناوي وعقار وجبريل إلى أبوظبي وذلك بعد أسابيع من سقوط النظام.
(4)
صلاح قوش:
برز اسم مدير مخابرات نظام البشير الفريق أول صلاح قوش، ضمن الخيارات الخارجية لهندسة فترة انتقالية آمنة، محمولاً على تجربة أمنية وسياسية كبيرة وعلاقات خارجية وثيقة بخاصة محيط السودان وجواره وتجربة في مخاطبة شواغل الخارج وإدارة مخاوفه وكبح جماح الإرهاب والسيولة الأمنية في الإقليم.
يواجه قوش بحملة رافضة لمجرد عدم محاكمته حتى الآن من قبل التيار الإسلامي العريض في السودان بتهمة الخيانة، كما أنه غير مرغوب فيه للعب دور من قبل الجيش وإن كان الأقرب من قيادته ومسار الحرب الدائرة الآن، كما يواجه عقوبات أمريكية مفروضة عليه من قبل أميركا عبر وزارة الخزانة لاتهامه بالعمل على إطالة أمد حرب السودان.
وأيا يكن من ترشيحات وتكهنات فإن البرهان أراد القول ربما أن الجيش لن يقبل بأي خيار خارجي يفرض عليه وأنه لن يكون بعيداً من تشكيل واختيار الحكومة وفي هذا الاتجاه ربما أتت تصريحات البرهان عن نيته تشكيل حكومة في محاولة لقطع الطريق أمام أي ضغوط أو فرض أي خيارات على الجيش.