د. عبد اللطيف البوني
شئنا ام أبينا فإننا نعيش في فترة الهيمنة الأمريكية العالمية Paxa- Amerlcana وهذة على وزن
Paxa- Romana. يوم كانت الإمبراطورية الرومانية الامرة والناهية في العالم… غير ان الفرق بين الهيمنتين ان السيطرة الرومانية كانت مباشرة… والان السيطرة الأمريكية تتم عبر الشركاء الإقليميين.. بعد انتهاء فترة الحرب الباردة ١٩٩٠ وخروج الاتحاد السوفيتي من حلبة الصراع الدولي… وبالتالي انتهاء القطبية الثنائية…. كان العالم مرشحا لعودة التعددية القطبية.. الحال التي كان عليها العالم قبل الحرب العالمية الثانية.. وكان المؤمل ان يتفكك حلف الناتو اختياريا مثلما تفكك حلف وارسو اضطراريا.. كان العالم يرنو الي انهاء سباق التسليح وعهد الحروبات.. وان ترجح معايير التفوق الاقتصادي… ويظهر اقطاب جدد مثل ألمانيا واليابان و… ولكن أمريكا قالت لا.. وساعدها صدام بغزو الكويت فحشدت العالم خلفها.. واعادت المجد للبنادق وكرست القطبية الأحادية….
ولما كانت أمريكا تعلم صعوبة أنفرادها بقيادة العالم.. لجأت للشراكات وان شئت قل الوكالات الإقليمية… منطقة الشرق الأوسط كان التنافس على قيادتها بين إسرائيل والعالم العربي وايران وتركيا…
دعونا نقفز فوق الأحداث قفزا… ونصل ليومنا هذا… فنقول ان منطقة الخليج العربي فرضت نفسها كقوى إقليمية لايمكن تخطيها.. ساعد في ذلك أمران… اولا ان القيادات الخليجية الحالية وهي الجيل الثالث من الأسر المؤسسة للدولة الخليجية…. تخلت عن الدبلوماسية المحافظة…. وشرعت في المنافسة في صراع النفوذ الدولي… وهذا تطور سياسي ودبلوماسي طبيعي… لاتوجد في عالم اليوم دولة لا تبحث عن نفوذ خارج حدودها… الا ستكون تلك الدولة قد حكمت على نفسها بالتكلس ومن ثم الفناء… والبحث عن النفوذ لا يعني بضربة لازب فرض الهيمنة والسيطرة… إنما قد يعني تبادل المصالح والتنسيق السياسي… رغم عدم تعادل الكفتين…
دعونا نقفز قفزة ثانية ونتجاوز كثير من الأحداث… لنصل الي سمو الأمير محمدبن سلمان… الذي جاء للقيادة بخطة مدروسة… تتيح لبلادة مكانة بارزة في لعبة صراع النفوذ الدولي…وهي (السعودية ٢٠٣٠) … وهذة بدأت بسياسة داخلية غير مسبوقة… يمكن وصفها بأنها ثورة اجتماعية…. فجذب اليه القوى الحديثة من الشباب والمرأة فسلح نفسه بالرضاء الشعبي…. بالإضافة للشرعية التقليدية الموروثة.. لذلك اوغل في السياسة الخارجية برفق وبصيرة.. فحقق هدفا ذهبيا في سوريا… والآن اتجه للسودان…
دعونا نقفز قفزة ثالثة ونرجع بها لحبيبنا السودان.. بكسر الحاء… ومسمار قلبنا.. فالحرب التي تدور فيه الآن حرب ليست عادية…. فهي في مكونها الأساسي عدوان غير مسبوق على المواطنين العزل الأبرياء… لذلك لفتت نظر العالم واهتمام الجيران… من ضمنهم السعودية التي بربطها بالسودان البحر الأحمر… ففي عالم اليوم البحار يمكن أن تكون أدوات وصل… هذا بالإضافة للراوبط الأخرى الكثيرة والمتشعبة….. السعودية كانت في قلب الحدث منذ بدايته لا بل قبل البداية… فاول المحاولات لإيقاف الحرب كانت في جدة… ومازلت اتفاقية جدة هي المرجعية الأصلح لأي محاولة لإيقاف الحرب الأهلية وان شئت قل العدوان على السودان… كما أن السعودية عضو فاعل في الرباعية التي تدرق بها مسعد بولس مستشار ترامب للخوض في المسألة السودانية… الأمير محمدبن سلمان وبكل الثقل السياسي المشار إليه أعلاه…. وضع المسألة السودانية على رأس اجندته في زيارته لامريكا في الأسبوع المنصرم… تلك الزيارة التي سارت بذكرها كل وسائط الدنيا الإعلامية… لأنها لقاء بين القطب العالمي بقطب إقليمي كبير..
دعونا نقفز قفزة رابعة فوق الشكليات الإجرائية في تقديم الملف… والدراما التي قام بها الرئيس ترامب… فهذا الرجل منذ عودته للرئاسة ظل يقدم شكلا مختلفا من الدبلوماسية… ان جاز لي أن اسميها… أسميها بدبلوماسية (البجاحة)…. بيني وبينكم بجاحة ظريفة تحس على المتابعة.. عودة الي موضوعنا وان لم نخرج عنه.. فقد رحب كل اهل السودان بتولي سمو الأمير لملف الحرب السودانية…اللافت للنظر أكثر هو الإجماع السياسي… الحكومة السودانية رحبت وبسرعة البرق.. وكل الأحزاب بما فيها الحركة الإسلامية وصمود رحبت … وهذا اول إجماع سياسي سوداني يحدث ليس من بداية الحرب بل منذ عقود طويلة… ينبغي الترحيب به.. ومن المؤكد ان هناك من سيسعى لفرتقته ومن داخل المجمعين أنفسهم … للظفر بالكيكة المتوقعة… (الناس بقت ما خايفة الله في الشعب المنكوب دا)… في تقديري ان سمو الأمير في مسعاه لحل المشكل السوداني يمكن أن يبدأ من هذا الإجماع السياسي السوداني رغم هشاشته .. عسى ولعل أن يكون مدخلا لانهاء الصراع العسكري…
ان المشروع السعودي الذي باركته الولايات المتحدة… لم تظهر لنا ملامحه بعد… ناهيك عن مكوناته… فهل هو في مرحلة النوايا.. ام تجاوزها الي وضع خطوطه الرئيسية ؟ ام انه جاهز و(موضب) ومنتظر التنفيذ؟… هذة اسئلة لا نملك الإجابة عليها… ولكن الذي يمكن أن نقوله ان الشعب السوداني الصابر فوق جراحه المثخنة… قد استبشر خيرا بما حدث فاللهم اجعله خير…
