التكملة لاضطراب ما قبله .. انقلاب 19 يوليو 1971: من دفتر الأحوال إلى رحاب التاريخ

عبد الله علي إبراهيم

قال تقرير 1996 في تقويم حركة 19 يوليو بلفظة قاطعة إن قرار التحضير للانقلاب وتنفيذه لم يتخذه عبد الخالق، أو الأمانة العامة للحزب، أو مكتبه السياسي، أو لجنته المركزية. ذلك شرف لا يدعيه الحزب الشيوعي. ولكن التهمة التي لم يدفعها الشيوعيون عن أنفسهم هي أنهم علموا بالانقلاب بعد أن أطلعهم العسكريون الحزبيون على خطتهم فتدارسها المكتب السياسي وعلق عليها وطلب منهم أن يراجعوا أنفسهم على ضوء ملاحظاته تمهيداً لطرح الأمر برمته على اللجنة المركزية. ولكن سبق السيف العذل كما سنرى. وهكذا لم ينفد بالتقادم عمر عبارة الشرف والتهمة البليغة. وستدخل قاموس العبارات السودانية كعبارة جرئية سديدة في حسن التخلص بغير خسارة.

أما المكتوب الآخر الذي سار على سنة المباحث فقد صدر في 1998 بقلم الرائد محمد محجوب عثمان، عضو مجلس انقلاب 19 يوليو وشقيق الأستاذ عبد الخالق محجوب السكرتير العام للحزب الشيوعي (1926-1971)، بعنوان الجيش والسياسة في السودان: دراسة في حركة 19 يوليو 1971. وهو بلا جدال تعقيب ناقد جداً للتقويم 1996. ومن رأى محمد محجوب إن الحزب متورط في انقلاب 19 يوليو وأن تنصله عن الإيعاز به غير لائق. فإن لم يقم الحزب بالانقلاب إلا أنه شرع فيه بطول مدرسته لفكرة التحرك مع العسكريين. فقد قبل الحزب في اجتماع المكتب السياسي (13-7-1971) من جماع تصور العسكريين الشيوعيين لحل الأزمة السياسية بفكرة قيام “حركة تصحيحية” بواسطة أولئك الضباط الشيوعيين تخضع لتقديرات اللجنة المركزية. ورأي محمد محجوب في هذا قبولاً من الحزب بما قام به هاشم وحركته التصحيحية. وفي هذا السياق طلب الحزب من العسكريين الإجابة على بعض الأسئلة تهدف كلها إلى التأكد من نجاح الخطوة باعتبار دقيق للأوضاع في البلد ومواقع المتربصين بالداخل والخارج بالحركة الثورية. وفي ذلك السياق طلب الحزب من العسكريين تنويراً عن أوضاع بعض الأسلحة الموالية للمشير جعفر نميري والوضع في الجنوب وما قد يأتي من تدخل من حلف مصر وليبيا والسودان الذي كانت الدعوة له على أشدها. وكانت معارضة الشيوعيين لقيام هذا الحلف هي من أهم نقاط النزاع بينهم وبين حكومة مايو. ومن رأى محجوب أن هذه المواقف والأسئلة هي “شروع في الانقلاب”.

ونواصل

Exit mobile version