الإخوان إرهابيون… وماذا عن دقلو؟!!

عادل الباز

1

بخفة عجيبة سارع خالد سلك لإعلان أن الكونغرس الأمريكي يدرس تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي!! فرح خالد، ولا عجب فهو لايزال مراهق سياسى… تستهوية الاكاذيب والمكايدات الصغيرة ولكن لماذا؟ لأنه يعتقد أن تصنيف أمريكا للجماعة سيسهّل عليه القضاء على خصومه، وليس لديه مانع تحت هذا التصنيف أن يُبيدهم ويخلو له وجه السودان ليتربّع هو ورهطه على سدّة حكمه. يا له من صغير وجاهل مغرور، لم يقرأ في كتاب تاريخ أمريكا الإرهابي سطرًا، ولا يعرف أن أمريكا صنّفت أغلب حركات المقاومة في العالم حركات إرهابية، ثم تراجعت أو تخلّت عن ذلك، واستدارت 180 درجة متى ما استدارت مصالحها… الآن قيادات داعش تسرح وتمرح في واشنطن!!
لو سألت خالد عن الجريمة التي اقترفتها جماعة الإخوان لتصنيفها منظمة إرهابية، يتوارى خجلاً و“يبرطم” كعادته حين تداهمه الأسئلة الصعبة التي ليس بمقدوره أن يجيب عليها. أي جرائم إرهابية ارتكبها الاخوان ا؟ متى وأين؟ هل أباد الإخوان جماعات عرقية كما في الجنينة؟ هل أحرقوا المستشفيات وقتلوا المرضى كما في الفاشر؟
ماذا فعلوا؟ إذا كان الإخوان – في صِمَة خشمهم – تُنصفهم أمريكا جماعة إرهابية… فماذا عن عصابة دقلو التي قتلت وأبادت وارتكبت كل الجرائم؟ ليس لخالد إجابة سوى البرطمة؛ دائمًا الباطل لجلج والحق أبلج. لا يؤيّد خالد تصنيف عصابة دقلو كجماعة إرهابية لأنه – وبحسب ترهاته – فإن تصنيفهم يعقّد مسألة الحرب ولا يحلّها!! ولكن تصنيف الإخوان يحلّ الموضوع ولا يعقّده؟!
والغريب أن خالد لا يخجل من السباحة في بحر تلك المتناقضات و المغالطات، وبوجه منزوع الخجل، وخالٍ من أي علامة صدق، وينحدر هو ورهطه إلى مستويات من المهانة المكشوفة المخجلة بلا أدنى حياء.
2
خيل الأمير تجقلب والشكر لترامب.

“وترحّب دولة الإمارات بجهود الرئيس “ترمب” رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لمنع انزلاق السودان إلى التطرّف.” او كمال بيان الخارجية الامارتية. هكذا رحّبت دولة الإمارات بجهود الرئيس ترامب التي لم تحدث حتى الآن… والذي حدث هو أن الأمير محمد بن سلمان هو من بادر حين التقى بالرئيس ترامب في اواشنطون، وحدثه عن ضرورة تدخّله في قضية الحرب بالسودان. فمن الطبيعي أن أية دولة حريصة على إيقاف الحرب أن تشكر الأمير بن سلمان، لا ترمب الذي استمع لطلبات الأمير وهو لا يكاد يعرف شيئًا عن الموضوع.
ولكن الإمارات وصمود ومليشيتهما رحّبوا بجهود ترامب التي لم تقع حتى الآن! يشيدون بجهود ترامب وينسون بعد صمت طويل جهود السعودية !!
خيل الأمير محمد بن سلمان تجقلب… وشكر أبوظبي لترامب… عجيييب ياخى.
3
في محبة هاشم صديق

وأنا جالس أستمع لكلمات المتحدثين في الليلة التي أُقيمت إحياءً لذكرى صديقه الشاعر المسرحي هاشم صديق – شآبيب الرحمة عليه – بالدوحة، وأنا جالس سرحت وقلت… ياااه، لو أن تلك الكلمات والأشعار قد تُليت على مسامعه وهو في عزلته الشهيرة بمنزله في حي بانت شرق، لكان أسعد الناس، ولرحل وهو في سعيد من هذا العرفان وهذا الوفاء الذي أظهره الشعب له في الليلة ديك.
ترى… أين كان المحتفلون بهاشم صديق في تلك الليلة طوال فترة عزلته وحياته؟ لم نسمع منهم كلمة، لم يزوروه، لم يسألوا عن صحته سنوات وسنوات وهو يكابد الوحدة ويطوي عليه جراحاته الكثيرة التي تسبب له فيها كثيرون في الوسط الفني السوداني. كان بينهم هاشم “تمامًا طائر الشفق الغريب”.
على كلٍّ، شكرًا للممثل القدير والفنان الوفي السني دفع الله، الذي ساهم بجهد عظيم في تنظيم إثراء تلك الليلة، كما لا أنسى أن أشكر صديقي الفنان طارق الأمين الذي فعل كل شيء من أجل إحياء ذكرى هاشم صديق بفعاليات ممتدة على مستوى العالم، عرفانًا ووفاءً له، وترسيخًا لمحبة الشعب له، ذاك الشعب الذي أفنى عمره وهو يغنّي ويكتب الشعر والدراما له من “نَبْتَه حبيبتي” حتى “وجه الضحك المحظور” حتى “اضحكى”.
سيأتي اليوم الذي نحكي فيه قصتنا مع هاشم صديق، في محبة امتدت عشرات السنين، وكثير من الحكايا والخبايا التي لم يسمع بها أحد.
ما بين خطانا…
في طريق المحبة
كان الوفا
زي شجرةٍ…
ما هزّها ريح الخصام
ولا الزمان الِّي حاول يجرّح.
مسرحية الملك لير (صورة مسرحية الملك لير)
ما كان لي أن أزور القاهرة، ولا أطوف على مكتباتها ومسارحها ومقاهيها، دون أن أصلي ركعتين في الحسين. في كل ركن لي منها ذكرى مشحونة بالأشجان، معتّقة بأنس وضحكات الأصدقاء. رحم الله عبد الله حمدنا، وأعاد لنا صديقي الحاج وراق سالمًا.عزائى ان صديقى خالد التجانى قد رافقنى في تلك الليلة، ليلة الملك لير.
في هذه المرة – قبل أسابيع – تفاجأت بعودة المسرح القومي المصري إلى الحياة مرة أخرى بعد طول غياب، وانتعش بواحدة من كلاسيكيات المسرح الغربي، وهي مسرحية الملك لير (King Lear) التي كتبها ويليام شكسبير في القرن السابع عشر، وجرى عرضها لأول مرة حوالي عام 1605–1606، ونُشرت في 1608.
لقد شاهدت مسرحية الملك لير وأنا في سنة خامسة ابتدائي حين كان مسرح بخت الرضا مشتعلًا، وكان أساتذة السنتين يتنافسون في تقديم مسرحيات شكسبير على مسارح الدويم. حياها الغمام… يا لتلك الأيام، ليتنا عدنا أو عادت الأيام.
قصة الملك لير – باختصار – هي قصة الوفاء والخيانة، وتبدأ بعد أن يتنازل الملك لير عن عرشه لبناته الثلاث، بعد أن يطلب من كل واحدة أن تعبّر عن حبها له. تغالي جونريل وريجان في المديح الكاذب، بينما ترفض كورديليا النفاق، فيغضب لير ويطردها. تحصل الأختان على السلطة وتنكشف حقيقتهما؛ تهينان أباهم وتطردانه، فيتشرّد ويفقد عقله. وفي حبكة موازية يخون إدموند والده غلوستر وأخاه إدغار، فتعمّ الفوضى. تعود كورديليا بجيش لإنقاذ أبيها، لكنهما يُهزمان، وتُقتل كورديليا، ويموت الملك لير حسرة عليها. تنتهي المسرحية بمأساة شاملة، وحكمة لخصها شكسبير ببراعة: “النفاق يقود للخراب.”
كنت أود ان أدعو كثيرًا من السياسيين المنافقين المتسكعين في مقاهي القاهرة لحضور المسرحية التي ستنفعهم وقد يلتقطون منها حكمة ما تعينهم على ما هم منخرطون فيه… ولكن للأسف في تلك الليلة غادرت المسرحية بعد العرض إلى مهرجان قرطاج.
في نهاية العرض قابلت بطل المسرحية الفنان القدير يحيى الفخراني – متّعه الله بالصحة والعافية – وهو في الثمانين من عمره يؤدي دوره في شخصية الملك لير بحيوية شاب في العشرينات. (اصحَ يا أستاذنا مكي سنادة!) المسرح يعيد الق الحياة ويصوغها بطريقة جديدة.
أشكر أستاذ الدراما د. شمس الدين يونس وزوجته تلميذتي الصحفية سماح طه على دعوتهما الكريمة لحضور المسرحية، التي وفّرت لى متنفسًا رائعًا وسمحت لي بالخروج من أجواء الفتك والمتك، كما أشكر السيد مدير المسرح القومي على ترحابه وكلماته الجميلة في حق السودانيين.

Exit mobile version