الأمن والخدمات..محفزات العودة الطوعية..

قبل المغيب..

.عبدالملك النعيم احمد…

إخترت عنواناً للمقال كلمة محفزات بدلا عن كلمة شروط للعودة الطوعية للمواطنين السودانيين الذين لجئوا للخارج في دول الجوار وغيرها وتشردوا بالداخل بعضهم ذهب حيث مسقط رأسه في الولايات وبعضهم ذهب الي الولايات نازحا يبحث عن ظل منزلا كان ام مدرسه تقيه حر الشتاء وزمهرير البرد..وتابعنا حجم المعاناه التي قابلت السودانيين في الخارج وانحسار الدخل مع ارتفاع تكلفة المعيشة ودراسة الأبناء كل ذلك مع توقف شبه كامل للذين كانوا يعملون في الوظيفة ايا كانت وحتي عندما عادت المرتبات للبعض بنسبة 60% وبعضهم لم يصرفوا حتي هذه النسبة لأكثر من عام وأخص بالذكر العاملين بولاية الخرطوم وبعد العودة الكاملة للمرتبات صاحب توقيتها تدهور العملة السودانية مقابل العملات الأجنبية وارتفاع الأسعار وتكلفة متطلبات المعيشة وسط تجريف كامل لمنازل المواطنين…
المواطنين الذين نزحوا بالداخل عانوا كثيرا بسبب جشع اصحاب المنازل في المدن وكأن القادمين من الخرطوم او مدني او سنار او من القري التي استباحها الجنجويد وما أكثرها كأنهم جاءوا يحملون معهم الاموال التي يطلبها اصحاب المنازل…وللأسف فقد كشفت الحرب عن وجوه كانت مخفيه للكثير من الاهل والأقارب ولكثير من النازحين اليهم ولم يرحبوا بهم الترحاب المطلوب في هذا الظرف العصيب الذي تساوي فيه اصحاب المهن والمواقع واصحاب الاوضاع الاقتصادية بكل فئاتهم فكان ومازال إمتحانا قاسيا للمواطن الذي لم ير ما رآه في الحرب مدي حياته…فجزي الله المغتربين الذين تحملوا الكثير في هذه الحرب من الذين آوا اسرهم بالخارج في عدد من الدول العربية والافريقية والاوروبيه بأن ارسلوا اليهم واستضافوهم او تكفلوا بارسال المصاريف الراتبة لهم في السودان او في الدول التي لجأوا اليها…وحتي المغتربين الذي تقاعسوا عن خدمة اهليهم في هذه الظروف ربما لديهم ظروفهم الخاصة التي حالت دون ذلك وقد استمعنا لشكوي الكثيرين من ظلم ذوي القربي والاحجام عن المساعدة في تلك الظروف…
تحررت الخرطوم ومدني وسنار وسنجة واجزاء واسعة من غرب وجنوب كردفان والمسيرة العسكرية ماضية لتحرير ولاية دار فور الكبري وبعض كردفان.. لذلك جاءت الدعوة للعودة الطوعية من الحكومة ومن الخيرين ومنظومة الصناعات الدفاعية السودانية وسفارة السودان بكل من مصر والسعودية وكذا حكومتي البلدين الشقيقين وسيرت عدد من القطارات والبصات من القاهرة الي كل ولايات السودان وهذا جهد مقدر دون شك…فإعلان رئيس مجلس الوزراء الدكتور كامل إدريس خلال زيارته للقاهرة بتوفير الحكومة لخمسمائة بص ولكل ولايات جاء دعما هو الآخر لجهود رسمية وشعبية صادقة…
في ظل تلك العودة الطوعية للآلاف من السودانيين من الخارج جاء بسبب رغبة المواطنين لكسر الغربة التي ارهقتهم نفسيا وماديا وجاء ايضا لأن المواطن السوداني لم يتعود علي الغربة القسرية التي لم يجد فيها نفسه او ما يريد كما ان النوستالجيا وهي الحنين الي الوطن قد دفع الكثيرين للرجوع ايا كانت الظروف في السودان سواء من حيث ضعف الأمن أو الاحتياجات الاساسية من مأكل ومشرب وسكن وعلاج ودراسة وكهرباء وماء…
ذكرت ان هناك محفزات للعودة الطوعية وهناك التزامات حكومية تجاه احتياجات المواطن…فالسؤال الذي يبرز دوما هو هل قامت الحكومة بواجبها من توفير احتياجات المواطن لمقابلة الدعوة بل الاستجابة الكبيرة لهذه العودة بالآلاف للمواطنين الي ديارهم؟؟ للاجابة تجدها منثورة في كل الأسافير ووسائط الاعلام بان الخدمات حتي الآن لم تكن بمستوي الدعوة للعودة والإقبال عليها..وأن الأمن مازال يشكل الهاجس الأكبر للكثيرين رغم جهود وزارة الداخلية وقيادة الشرطة كما ان توفر المياه والكهرباء مازالتا تمثلان هاجسا كبيرا اما عودة التعليم وفي كل الولاية بمدنها الثلاث مازال صعبا ربما فقط امدرمان هي التي دبت فيها الحياة بأفضل من غيرها…بيوت الخرطوم مازالت محطمة وفاقدة الخدمات مما يصعب علي اصحابها الاقامة فيها…بالطبع حتي الحكومة لم تستطع العودة قبل نوفمبر كما اعلنت هي في وقت سابق مما يؤخر عودة الكثيرين…
ليس بالضرورة ان تكون الحكومة وحدها هي المسؤولة عن الخدمات واعادة تعمير ما دمرته الحرب داخل الخرطوم فالمواطن والخيرين والمغتربين ورجال المال والاعمال جميعهم لهم ادوار ومساهمات ولكن لا بد للحكومة ان تظهر جديتها وحرصها علي المواطن الذي ذاق الامرين من وبلات هذه الحرب…وليس هناك من يتحدث عن تعويض لما فقد لأن هذا امرا مستحيلا ولكنه يسأل ويطالب عن توفير الامن والخدمات الاساسية حتي يستقر ويفكر ماذا يفعل في اعادة اعمار منزله الذي فقده…
ختاما نقول ان علي حكومة الأمل تسريع ايقاع خدمات المواطن والإهتمام به بأكثر مماهو عليه الحال الآن حتي تكون الاستجابة للعودة الطوعية لها ما يقابلها من خدمات تدعم الاستقرار والاقامة الدائمة بأكثر من كونها رسالة سياسية فقط…والآن ظهر تفشي حمي الضنك والملاريا مع ندرة محاليل البندول وارتفاع سعرها…كل ذلك اصبح يشكل هاجسا سيجعل الكثيرين يترددون في العودة المرجوة وربما الذين عادوا في وقت سابق قد فكروا في الرجوع مرة اخري بسبب المرض لا شيء غيره فهل ادركت الحكومة ووزارة الصحة هذا الخطر الماثل الان؟؟

Exit mobile version