الأحداث – عبد الباسط إدريس
يشهد محور سنار العملياتي اشتباكات هي الأعنف من نوعها التي يخوضها الجيش بعد آخر معاركه الشبيهة في منطقة بابنوسة بمحور غرب كردفان.
وأدت الاشتباكات العنيفة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع لتفاقم معاناة المواطنين إثر مهاجمة المليشيا لدفاعات الجيش في محور سنار، عند منطقتي “جبل موية” و”سنجة” مما أدى لموجات نزوح كبيرة للمواطنين.
أهمية سنار :
بالنسبة للجيش تعتبر منطقة استراتيجية من عدة نواحي لكن أهمها أن المنطقة تشكل عمقاً دفاعياً للبلاد من الناحية الجنوبية وتحتضن أقوى منظومة دفاع جوي وبيئة عملياتية مهيأة من حيث الأعداد والتشكيل العسكري وتنوع منظومة الترسانة العسكرية للجيش وهو ما أهلها لتكون مركزاً نشطاً لإدارة العمليات العسكرية في محور سنار لمواجهة مليشيا حميدتي. ومن ناحية أخرى تحتضن الولاية أكثر من مليون مواطن وآلاف من النازحين الفارين من مليشيا حميدتي بالجزيرة والخرطوم، وتتمتع الولاية بسلال غذائية وتعتبر شريكاً رئيسياً للحركة التجارية وإمداد ولايات غرب السودان بالسلع الخدمية والبضائع فضلاً عن وجود مشاريع زراعية مروية ومطرية لإنتاج الحبوب في الدالي والمزموم ومزارع إنتاج الموز والفاكهة، بجانب امتلاكها لمنظومة إدارة مدنية فعالة وحركة رؤوس أموال ضخمة بالبنوك والأسواق.
ومن ناحية المليشيا يشكل محور سنار بالمقومات المذكورة رعباً حقيقياً ومغنما كبيرا وبوابة لفتح خط إمداد جنوبا ويشكل تموضعها فيها هدفا إضافيا لقطع الطريق الوحيد عند مدينتي “سنجة – الدندر” الذي يعمل حالياً لربط شرق ووسط وغرب البلاد ويشكل وصولها إليها قيمة إضافية لتسهيل نقل عملياتها إلى القضارف والنيل الأبيض وتهديداً كبيراً لولاية النيل الأزرق المجاورة لدولة أثيوبيا.
فك الحصار :
ويشهد محور سنار حصاراً محكماً يفرضه الجيش على قوات كبيرة للمليشيا تسللت إلى قرى سكر سنار عقب استيلاء الأخيرة على ودمدني في ولاية الجزيرة الأمر الذي دفع المليشيا للقيام بعدة محاولات لفك الحصار عن قواتها بقرى السكر لكن جميع تلك المحاولات باءت بفشل عملياتي وأدت لازهاق أرواح مجموعات الفزع القادمة من مدني وجبل أولياء بالخرطوم، كما أوقعت عدد من القادة الميدانيين أسرى بيد قوات الجيش، وقبل الهجوم الأخير أرسل عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي تحذيرات من تجمعات المليشيا بهدف الهجوم على منطقة ما، وأورد نشطاء مشاهدتهم نقل سيارات تتبع للمليشيا لأسلحة ومنظومات تشويش ومسيرات أثناء خروج تلك السيارات من مدينة ودمدني.
موجات نزوح:
وشكل تسلل قوة من المليشيا قوامها حوالي 50 عربة قتالية وعشرات المواتر بقيادة أبوعاقلة كيكل إلى مدينة سنجة صدمة عنيفة للمواطنين الذين بدأوا بالفرار في موجات نزوح كبيرة للأفراد والعائلات تاركين خلفهم منازلهم وممتلكاتهم، وقال شهود عيان ل(الأحداث) إن مئات الأسر فروا من مدينة سنجة خوفاً على أرواحهم، مؤكدين استباحة عناصر المليشيا للمدينة وإطلاقهم سراح المجرمين بالسجون وسرقة ونهب البنوك والأسواق والمحال التجارية، وقالت المواطنة (م-ص) ل(الأحداث) إن عناصر الدعم السريع اقتحموا منزلهم ومنعوا أفراد الأسرة من المغادرة وسلبوا عربة شحن “دفار” ووضعوا قناصاً أعلى سطح منزله، وأكدت أن المليشيا تحتجز عشرات الأسر في عدة أحياء من المدينة وتمنعهم الخروج.
في السياق شهدت مدينتي سنار والدندر حركة نزوح واسعة للعائلات مخافة اتساع رقعة العمليات العسكرية ومهاجمة الدعم السريع لمناطقهم.
سباق على الأرض:
يقول اللواء معاش أبوبكر محمد نور ل(الأحداث) إن خطة الجيش تستند على تقطيع أواصل المليشيا والحد من تجمعاتها عبر حصار محكم يفرضه عليها من ثلاثة محاور، ونبه إلى أن زمام المبادرة وحتى ماقبل دخول كيكل وقواته إلى سنجة قد كانت بيد الجيش، منوهاً إلى أن محور سنار ليس مجرد قوات من المشاة ولكنه مركز لإدارة وقيادة العمليات الحربية ضد المليشيا ويحتضن قيادة الفرقة 17 مشاة، وأكد اللواء ابوبكر أن محور سنار مكتمل العدة والعتاد العسكري، معتبراً أن مليشيا حميدتي تسابق الوقت للتموضع في مناطق أساسية قبل فصل الخريف، مشدداً على ضرورة أن يضع الجيش الأمور بسنجة في نصابها قبل الخريف لأسباب قال إن القائمين على الخطة العسكرية وتنفيذها يعلمونها أكثر ولا معنى للخوض في تفاصيلها عبر هذه المساحة، واكتفى بالقول إن الجيش يعرف كيف يستدرج ومتى يتقدم أو يراجع سير أعماله ومتى يهاجم.