الآثار الاجتماعية والنفسية للحرب في السودان… آراء ساخنة وجدل لا ينتهي

 

تقرير – طلال اسماعيل 

جدل لا ينتهي في ورشة المركز العالمي للدراسات السياسية والإستراتيجية حول تصورات الانتقال التي تناولت الآثار الاجتماعية والنفسية للحرب في السودان التي اندلعت منذ منتصف أبريل 2023، بمشاركة قيادات سياسية وإعلامية وباحثين وخبراء.

الورشة التي ارتفعت درجة النقاش فيها على الرغم من طقس مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، حظيت بمشاركة واسعة بعد أن تباينت الرؤى حول كيفية المعالجة.

في البدء، قال المدير العام للمركز عبدالعزيز نور عشر:” باسم باحثي وخبراء المركز العالمي للدراسات السياسية والاستراتيجية أحيكم وأشكر لكم إستجابتكم الكريمة والمشاركة حواراً و تفاعلاً وإثراءاً في هذه الورشة الهامة”.

وأشار إلى أن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، تأسس في العام 2022م وهو معني بالبحوث العلمية والدراسات في قضايا الشئون الاستراتيجية والسياسية والإجتماعية والثقافية ، والدراسات المستقبلية التي تُعرف بالدراسات الإستشرافية .

وأكد بأن المركز يعتبر منصة فاعلة لتبادل الرؤى والتصورات البناءة لمخاطبة قضايا الدوائر التي تنتمي إليها بلادنا إقليمياً ودولياً .

وتابع :”لدي المركز نخبة متميزة من العلماء والمفكرين والباحثيين والخبراء في شتى مجالات المعرفة النظرية والتطبيقية”.

ويسعى المركز من خلال العقول الخبيرة إلى خدمة المعرفة والحقيقة للإرتقاء بقدراتنا الذاتية وإعادة الثقة لإرادتنا الوطنية في تجاوز الإخفاقات والإختلالات التي لازمت أجيالنا المتعاقبة وأعاقت تطور بلادنا منذ الحقبة الكولنيالية فيما إستطاعت شعوب وأمم ذات ظروف مماثلة من تجاوز تحدياتها و عقباتها و تمكنت من بناء مستقبلها تنميةً وسلاماً و إستقراراً ، وفق كلمات عبدالعزيز.

تجربة غير مسبوقة

وقال عبدالعزيز نور عشر بأن التجربة

التي تعرض لها الشعب السوداني تعتبر

تجربة غير مسبوقة في نماذج النزاعات والحروب في التجارب الإنسانية المتكررة، لقد تركت ومازالت تترك أثاراً إجتماعية ونفسية في غاية الخطورة يتعين الأخذ بكافة السبل

المؤدية إلى التقليل من تأثيراتها العالية.

وأضاف:” ظهرت مؤشرات بائنة حول إختلالات الأمن المجتمعي من خلال الظواهر الجديدة التي ظهرت بعد تحرير المناطق التي سيطرت عليها المليشيات والتي مارست فيها صنوفا غير معهودة من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من قتل وإغتصاب ونهب المدخرات وتهجير قسري وهدم للمنازل والإتلاف المتعمد للبنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة، وبذلك نتج جنوح نحو الإنتقام والثأر.

وبسبب ظاهرة المتعاونين مع المليشيات ظهرت حالات من المواجهات القبلية في مناطق عدة وهناك توقعات جدية بعودة النزاعات القبلية القديمة بدوافع الحرب الجديدة وربما يتسع نطاقها لتشمل دارفور وكردفان والنيل الأزرق والنيل الأبيض وسنار والجزيرة وهي المناطق التي إستهدفتها المليشيات “.

 

الاضطرابات النفسية للحرب

 

وفي ورقتها حول الآثار النفسية للحرب، قالت المستشار النفسى لبنى على محمد عبد الرحمن، المدير العام لمنظمة بت مكلى القومية بأنه توجد عدة أساليب وطرائق لمواجهة هذه الآثار والحد من تأثيرها فى الحياة اليومية للأشخاص الذين تمكنوا من النجاة.

 

وتناولت بالشرح الآثار التي خلفتها الحرب ومن ضمنها الصدمة النفسية، والقلق والخوف والصعوبات العاطفية واضطرابات النوم وانعدام الثقة والعزلة.

 

وتابعت :”تسبب الحروب عدة اضطرابات نفسية للأفراد الذين يتعرضون لها أو يعيشون في مناطق نزاع، وتشمل الاضطرابات النفسية التي تخلفها الحروب ما اضطراب ما بعد الصدمة وفيها يعاني معظم الأشخاص الذين يشهدون أحداثاً حربية مروعة مسببة اضطراب ما بعد الصدمة والذي يتضمن فلاشات الذكريات العنيفة، والأحلام المزعجة والقلق المفرط وصعوبات التركيز، بالإضافة إلى الاكتئاب

 

احصائيات بالانتهاكات

 

وقدرت حجم الانتهاكات التي وقعت على المدنيين في السودان جراء الحرب بالقول :”الانتهاكات كبيرة للغاية نزح اكثر من 7 مليون طفل وما يقارب 12 مليون نازح تعرضت العديد من النساء لانتهاكات جسدية ونفسية بلغ عددهن من شرق النيل وبحري وجبل أولياء ناجايات الحرب 1650 حالة كالاتي 750 من دارفور بتشاد و35 حالة اغتصاب بمصر و812 حالة بالجزيرة 65 حالة بالخرطوم آخرها 18 حالة شرق الجزيرة.

 

ودعت إلى استخدام خطوات فعالة للتعامل مع الآثار النفسية ومنها ، الدعم الاجتماعي وممارسة الرياضة والعلاج النفسي وتقنيات الاسترخاء، وهي بعض من الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد الأفراد على التغلب على آثار النزاعات.

 

واضافت بالقول :”فهم الآثار النفسية للحروب يعتبر خطوة أساسية نحو بناء مجتمعات أكثر صحة وقوة، من المهم أن نعمل جميعا على دعم بعضنا البعض.

 

أين المفقودين؟

 

وفي تعقيبه على الورقة قال القيادي بحزب البعث محمد وداعة :”نحن بنعلي من قيمة الشهداء ، ولابد من أن تتم معالجة لأسرهم لأن الحرب أفرزت ضغوط”.

وتساءل عن المفقودين جراء الحرب في السودان مشيرا إلى أن أعدادهم غير معروفة بالإضافة إلى عدم توفر معلومات حول مقر تواجدهم أو مفارقتهم للحياة.

وأشار إلى التحديات في التعامل مع

الحواضن الاجتماعية للتمرد، داعيا

لإشاعة السلام لإعطاء الأمل بأن السودان سيعود مرة أخرى ، وختم قوله :”سياسيا لابد من الحوار وانشاء عقد اجتماعي جديد بتجميع المشتركات لإطلاق حوار مجتمعي”.

 

خطاب الكراهية

 

من جانبه رأى حسن محمود، أستاذ مساعد في كلية القانون بجامعة البحر الأحمر، بأن خطاب الكراهية هو السبب الرئيسي والمباشر للحروب والصراعات والنزاعات، وقال في ورقته التي قدمها للورشة :”خطورة خطاب الكراهية أنه يستخدم أكثر الوسائل انتشاراً عبر شبكة الإنترنت وله آثار مدمرة وخطيرة”.

 

وأضاف :”لكي نقلل من خطاب الكراهية نحتاج لعدة معالجات من ضمنها تعزيز السلام المجتمعي، ووضع مناهج تعليمية للسلام المجتمعي ، ولابد من إجراء مصالحة مجتمعية ولابد من علاج حقيقي يصل لجذور المشكلة ونظافة الجرح، ودعا لتحقيق العدالة للضحايا ومحاسبة الجناة.

 

الحكم الرشيد

 

وقال بحر ادريس ابوقردة، بأن خطاب الكراهية والعنصرية موجود في كل المجتمعات بدرجات متفاوتة، ورأى خلال تعقيبه بأن هنالك أدوار للحكومات والمجتمعات لابد أن تقوم بها، ومن ضمنها تعزيز الحكم الرشيد والتنمية المتوازنة، وأضاف :”على المستوى المجتمعي والسياسي هنالك مشروع الحوار السوداني السوداني ولابد من مشاركة الجميع، وهذه قضية أساسية ليكون حوارا حقيقيا ونطبق التوصيات، ولابد من جبر الضرر والتعويضات للمتضررين.

 

عسكوري يثير ضجة

 

وقال علي عسكوري، بأنه يختلف مع مقدم الورقة في أن سبب الحرب هو خطاب الكراهية، على الرغم من أنه موجود، مستدركاً بالقول :”لكن سبب الحرب هو الصراع على السلطة

وتساءل عسكوري:”كيف نحمي الأجيال القادمة من هذه الآثار وعدم تكرار الأخطاء؟

وقبل أن يبارح المنصة رد على ذلك التساؤل بإجابة اشتعلت معها روح النقاش حينما قال عسكوري :”تقسيم السودان افضل من أن نعيش مثل هذا الواقع وحتى لا تكرر المليشيا مستقبلا مثل هذه الممارسات بعد سبعين عاما، الوحدة غير مقدسة، لدينا ملايين النازحين من دون سبب”.

نقلا عن موقع “المحقق” الاخباري

Exit mobile version