تقرير – أمير عبدالماجد
جدل كثيف وضغوطات عقب تعيين د.كامل ادريس رئيساً لمجلس وزراء السودان في فترة حساسة جدا من تاريخ البلاد.. جدل في الشارع العام وفي الفضاء الاعلامي والسياسي حول قدرات الرجل ومرجعياته وتاريخه في العمل العام وقدرته علي قيادة البلاد التي تحترق تحت ضربات العمليات الحربية وتحيط بها مؤامرات اقليمية ودولية وباقتصاد منهار ونسيج مجتمعي ممزق ودمار طال البنية التحتية وامراض تفتك بالمواطنين في كل مكان .. وسط تيارات سياسية متضاربة ومواطن مهجر ودمار بدأ كامل ادريس ولايته بتصريحات متفائلة وأطلق علي حكومته اسم (الأمل) علها تقود السودان والسودانيين إلى بر الأمان .. تحركاته الداخلية والخارجية لازالت بنظر كثير من المراقبين مجرد خطوات غير مكتملة وربما مشوشة بدون برنامج واضح وخطط واضحة لما يراد منها فعلى المستوى المحلي تحرك الرجل في ملفات هي من صميم عمل الوزارات وحكام الولايات ولم تنتج هذه الخطوات فعلياً ما يجعلها مؤثرة وفاعلة وماينطبق علي تحركاته الداخلية ينسحب على تحركاته الخارجية التي يرى البعض أن نتائجها قد تأتي بعد سنوات في وقت تحتاج فيه البلاد إلى حلول عاجلة، وينظر الان الى كامل ادريس كبارقة أمل تكاد تفقد بريقها بل وتستنفد كل فرصها رغم التفاؤل الكبير الذي استقبل به والاحتفاء الملحوظ بقدراته وعلمه كون الرجل يملك سيرة ذاتية جيدة فقد تقلد في وقت سابق منصب المدير العام للمنظمة العالمية لللملكية الفكرية وهو عضو سابق في لجنة القانون الدولي التابعة للامم المتحدة واستاذ في القانون الدولي ونال شهادات في القانون والعلوم السياسية وهو من الأسماء العالمية البارزة في مجال القانون الدولي وله علاقات في أروقة الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها وهي قدرات وعلاقات تمنحه قدرة عالية علي مخاطبة هذه المؤسسات والدول بلغتها وبالطريقة التي تفهم بها الأمور خاصة وأنه يتحدث العربية والانجليزية والفرنسية والاسبانية لكن وبعد أشهر من تقلد الرجل للمنصب الأهم كرئيس للوزراء لايبدو أن ادريس حقق الكثير فالاوضاع الداخلية متفاقمة على كل المستويات وفي كل القطاعات رغم تعيينه لوزراء قيل أن تعيينهم تم بتدقيق كبير وفي السياق السياسي لايبدو أن الرجل حقق الكثير اقليميا ودوليا اذ لازالت التكتلات ضد البلاد والمهددات الخارجية على حالها رغم تعدد زياراته للخارج.
يقول الخبير في الشؤون الافريقية بروفيسور أحمد عبدالدائم من دون حدوث تحول ايجابي في موازين القوة في السودان لايستطيع أي مدني مهما كانت قدراته تحقيق انجازات لمصلحة الشعب لان معاول البناء والهدم ليست عنده بل عند الاخرين، ويواصل “الرجل نواياه طيبة وهو مؤهل لكنه يقود جهاز تنفيذي مثقل بالاشكالات ويواجه اشكالات دمار البنية التحتية وعبء اعادة الاعمار وفتح القنوات مع العالم وايقاف مؤامرة تقسيم البلاد واحتلالها واحداث تغيير ديمغرافي فيها”، وتابع “اشفق بصراحة على الرجل لانه تقلد المنصب في فترة هي الأصعب في تاريخ السودان الحديث اذ يواجه الان تحديات غير مسبوقة ومن الصعب ان نطالبه الان بنتائج ملموسة ..نعم هو وعد بالتغيير وقدم وعود كبيرة لكن الواقع يقول أن الامر صعب وان الرجل يواجه امتحانات يومية قاسية في ظل انهيار كل القطاعات وحاجتها إلى إعادة البناء وليس فقط تشغيلها او صيانتها”.
لكن الامر مختلف عند المواطنين الذين وضعوا امالهم على قدرات الرجل وعلمه وتمرسه يقول عوض السيد محمد أمين المحامي إن كامل ادريس يدفع وسيدفع ثمن وجوده في مقعد ساخن جدا في مرحلة صعبة لكن والحق يقال الرجل أقل بكثير مما اعتقدنا، وأضاف “تحرك هنا وهناك في البداية ثم اختفى تماما ولم يظهر حتى والموت يتهدد الناس بالأمراض لا هو لا وزير الصحة ولا كل حكومته مات الناس بحمي الضنك والملاريا بينما يتجول رئيس الوزراء في الخارج دون أن يتكرم حتى بزيارة المستشفيات ويقدم عزاءه لاسر الموتى”، وتابع “ماذا استفدنا من علاقاته مع الامم المتحدة والمنظمات ومن معارفه لاشيء لازال الحال كما هو لازالت التكتلات ضد السودان على حالها ولازلنا نعاني دوليا”، وقال “اللسودان بحاجة إلى رئيس وزراء وحكومة “عينه حمراء” وقادرة على التعامل مع كل الامور في كل المراحل لايمكن للحكومة الحالية أن تعبر عن السودانيين ولا عن المرحلة الا اذا اعتبرنا المرحلة الحالية امتداد للمرحلة السابقة”. ويقول الخبير في الشؤون الافريقية بروفيسور أحمد عبد الدائم إن التسرع في الحكم علي ما يدفع به كامل إدريس الان يبدو ظالما لان الرجل يحاول ويجتهد الان لفتح مسارات بين تيارات داخلية واقليمية ودولية لديها مواقف قديمة من السودان وانظمته ليس من السهل العبور عبرها خلال أيام وأشهر معدودة، وتابع “مع الوقت سيدرك الناس أن الرجل اجتهد وخدم بلاده فعلا”.
أستاذ القانون الدولي تحت الضغط.. كامل إدريس بين توازنات الداخل ومعادلات الخارج
