علي عسكوري
١١ مايو ٢٠٢٤
لا أدري لماذا يدور أو يحوم بعض الناس حول طريقة وقف الحرب لأن هذا الأمر في جوهره أوضح من الشمس في رابعة النهار.
المليشيا قوة كانت تابعة للجيش تمردت عليه واستعانت بقوى خارجية ومرتزقة… الخ.
قانون الجيش – ليس في السودان فحسب- بل في كل الجيوش ينص على أن أي مكون من الجيش يتمرد على تعليمات القائد العام يجب إخضاعه وحمله بالقوة على الخضوع لتعليمات القائد العام. في غير ذلك لا يصبح الجيش جيشاً. فالثابت أن الجيوش تقوم على التعليمات من القائد العام نازلاً حتى أصغر جندي ويتم تنفيذها من دون تساؤل.
لو قبل الجيش بالتفاوض على قضايا سياسية مع مجموعة منه تمردت عليه لن يكون الجيش بعد ذلك جيشاً إنما يصبح حزباً سياسياً، وتنهار ضوابطه وبنيته التي يقوم عليها من أساسها.
في بداية هذه الحرب أصدر القائد العام تعليمات واضحة لعناصر مليشيا الدعم السريع بوضع السلاح والالتزام بضوابط الجيش. بعدها خضع العديد من الضباط والجنود لتعليمات القائد العام وسلموا مباشرة أنفسهم وعتادهم لقيادات الوحدات المختلفة. رفض عدد كبير من الدعم السريع (قبل أن يتم حلها لتتحول إلى مليشيا) تنفيذ تعليمات القائد العام، وعليه حولت نفسها مباشرة إلى مجموعة متمردة. حينئذ لم يكن أمام القائد العام إلا إخضاعهم بالقوة مهما كلف الأمر لا مفاوضتهم.
في واقع الأمر ليس هنالك أي شيء تتفاوض عليه المليشيا المتمردة سوي وضع السلاح أرضاً والاستسلام، في غير ذلك فإن واجب الجيش إخضاعها ولو بسحقها تماماً.
لكل ذلك على دعاة وقف الحرب التوجه بخطابهم للمليشيا لوضع السلاح والاستسلام عندها ستقف الحرب مباشرة. أما الحديث عن مفاوضات سياسية مع مجموعة تمردت على القائد العام وحاولت قتله ورفاقه في القيادة، فهذا يضرب قانون الجيش وضوابطه التي يقوم عليها في مقتل، كما أنه يحدث سابقة خطيرة جداً تتيح لكل قائد منطقة في الجيش التمرد عليه ومن ثم طلب التفاوض على قضايا سياسية.
الداعمون للمليشيا من (سواح) تقدم وغيرهم والذين يطالبون بخروج الجيش من السياسة، عليهم اولاً إلغاء مذكرتهم مع المليشيا لأنها تشرعن لعمل الجيش في السياسة. فإن كانوا جادين فيما يقولوا عليهم أولاً مطالبة المليشيا بوضع السلاح وعدم التحدث في قضايا سياسية. لأن المليشيا تختلف عن الحركات المسلحة. فالحركات المسلحة لم تكن يوماً جزءا من الجيش ولا يصح عليها القول إنها تمردت على تعليمات القائد العام على العكس من المليشيا التي كانت جزءا من الجيش خاضع لتعليمات القائد العام.
محاولة سواح تقدم تحويل المليشيا إلى حركة مسلحة لها أجندة سياسية أمر يقدح في مصداقيتهم ويكشف تناقضهم. القدح في المصداقية ناتج من مطالبتهم بخروج الجيش من السياسية. فمع علمهم المسبق أن المليشيا كانت جزءا من الجيش لا يحق لها طرح أجندة سياسية وقعوا معها مذكرة محتشدة بالأهداف السياسية المعلنة والمستترة. أما التناقض فهو مطالبتك بخروج الجيش من السياسة ثم ذهابك للقبول أن يعمل جزء منه في السياسة. أكثر من ذلك مطالبة الجيش بمفاوضتهم حول أجندة سياسية.
مما عرفه الناس بالضرورة من تاريخ الصراعات السياسية ليس في السودان بل حول العالم إن أي ضابط جيش أو مجموعة ضباط لها أجندة سياسية عادة تخاطر لحياتها للقيام بانقلاب وتقويض النظام القائم. إما نجح انقلابها ونفذت أجندتها، أو فشل الانقلاب وأخذ مدبروه (للدروة) ليطبق فيهم قانون الجيش. ليس هنالك تفاوض، وحتى في الحالات النادرة التي تم فيها تفاوض كان على الاستسلام ووضع السلاح.
أما الدعوة لمفاوضات سياسية مع مجموعة تمردت على القائد العام وقتلت الآلاف وشردت الملايين وخربت البلاد ودمرتها وارتكب من الجرائم ما يندي له الجبين فذلك هو الاستعباط والاستغفال بعينه ومحاولة سن سنة جديدة في قانون الجيش ستؤدي لا محالة إلى إضعافه وفكفكته.
وقف الحرب يا سواح أوروبا وأفريقيا أمر في غاية البساطة، أخبروا جناحكم العسكري ليضع السلاح وستتوقف الحرب مباشرة بدون حتى وساطة، في غير ذلك ليس هنالك خيار أمام الجيش والشعب السوداني سوى سحق المليشيا تماماً حتى يعود السلام لبلادنا.
هذه الأرض لنا