وجاء من أقصى المدينة يسعى ؟

هل سيحقق زهران ، الذي نجح ( بلسانه الحلو) في مخاطبة الهشاشة الإنسانية الكامنة في مواطني نيويورك فكسب أصواتهم ، وعده باعتقال نتنياهو حال زيارته إلى المدينة ؟
وما أدراك ما نيويورك ؛ بل ومن يكون زهراني بالأساس ليطلق مثل هذا التهديد الذي يعتبر الأقوى ربما خلال سنوات .
جرأة مردها ربما إلى الشغف الذي نشأ عليه الطفل المولود في 18/10/1991 بيوغندا ، لوالديه الهندي الأستاذ الجامعي محمود ممداني والمخرجة السينمائية ميرا ناير .
فامتزجت في روح الفتى مثابرة الوالد وعبقرية الأم صاحبة الفيلم الشهير ( زفاف في موسم الأمطار) ، ففي 2013 أرسله والده إلى القاهرة لتجويد العربية ؛ لكنه اكتشف أن اللغة التي يدرسها لا تشبه التي يتعاطاها الناس .
وأنه لم يسمع لغة سليمة إلا عندما تحدث بها الدكتور محمد مرسي في خطابه الشهير في 27/6 من العام نفسه .
تاليا ؛ فشل في الإحتفاظ ( بلحيته) بمظنة التصنيف ، فغادر القاهرة التي وصفها (بالمدينة التي تشبه ناسها) .
إلى جانب العربية ، أجاد الفتى السواحيلية والهندية والانجليزية بعد وصوله لأمريكا وعمره يومها 7سنوات ، ليحصل في 2014 على بكالاريوس الدراسات الأفريقية ثم على الجنسية الأمريكية في 2018 م.
عشق الفتى المسلم والاشتراكي المناصر للغلابة ، موسيقى الراب متدثّرا وراء اسم مستعار هو ( السيد هيل) ، لكن ذلك لم يمنعه من الإنخراط في شؤون الكادحين و المقهورين داخل أمريكا وخارجها .
فذاع صيته حتى توّجه بمنصب ( عمدة نيويورك) كأصغر حاكم منذ قرن وأول مسلم ينال اللقب في المدينة التي تضم أكبر تجمع لليهود خارج اسرائيل و الذين صوت من هم دون ال44 عاما ، لممداني الذي عرّف السياسة بأنها إمتداد للرحمة ، بعكس ما يراها ترامب أويمارسها نتنياهو الذي يقتل ويدمر بلا هوادة .
يسجل التاريخ للفتى ، الذي يخاف من ( الأماكن المغلقة) حيث يركض يوميا ، حتى الطابق الثامن في البناية التي سكنها في القاهرة ليتفادى المصعد ، أنه وبهذا الفوز الخرافي يكون قد صعد (سلّم المجد) ، في مدينة الثقافة والاقتصاد وعاصمة الدولة حتى 1970م .
صدم الفوز اليهود ، وقذف ترامب موعود الثمانين الذي يكاد يبلغ أجله الفتى الفائز بما يشبه القنابل التي تعبر عن عدم تماسكه أمام الثلاثيني الذي يبرق الأمل من عينيه منها قوله :
إن حكومته لن تدفع أي أموال في حال فاز ممداني وترامب هنا ( كحردان السوق ) وقوله : إنه أكثر وسامة منه ، قول سخرت منه حسناوات المدينة الفارهات، وقد عزز أيضا من قناعة معارضي ترامب حين وصفوه مرات (بالعبيط) .
وفي يوغندا التي شهدت شهقته الأولى ، احتفل زهران قبل أشهر برعشة قلبه الأولى رفقة زوجته التشكيلية السورية ( راما دوجي) بنت ال 28 ربيعا ، ولم يتأكد هذا القلم من أن (رحم العروسة) قد تحرر من سكونه ليعلن عن ممداني الحفيد .
لكن راما خطفت الأضواء بجاذبيتها وهي تقف إلى جانب زوجها يوم فوزه وقد استوحى بعض كلماتٍ من خطبة زعيم الهند جواهر نهرو المسماة ( موعد مع القدر) الذي ألقاها صباح استقلال بلاده 1947م.
والآن يا يهود .. لقد جاءكم ممداني من أقصى المدينة يسعى .. فما ظنكم به ؟



