بقلم: كاثرين هوريلد – هبة هَرُون – وماري إيلين كيلّي
الآباء في غرب السودان يحتضنون أطفالهم عن قرب بعد أن مروا بصدمات جديدة عقب اجتياح الفاشر، وفقا لشهود، مقاطع فيديو، وتحليل خبراء، مما يثير الخوف من موجة قتل جماعي جديدة في الصراع الوحشي الذي أودى بحياة أكثر من 15,000 شخص وشرّد أكثر من 250,000 مدني فرّوا هربًا من العنف.
وأظهرت مقاطع الفيديو والمعلومات التي تمّ التحقق منها أن مقاتلين من قوات الدعم السريع، وهي قوة شبه عسكرية، قاموا بإعدام رجال عُزّل كانوا محتجزين لديهم، بينما كانوا يسخرون منهم ويعذّبونهم، ويرددون إهانات عنصرية ضد جماعات عرقية بعينها، ويوثقون ذلك بالفيديو وينشرونه عبر الإنترنت.
ويستند الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة إلى تكتيكات تستخدم الجوع كسلاح في الحرب، مع منع الغذاء والدواء والوقود عن مئات الآلاف من المدنيين على مدى أشهر، وفقًا لوكالات الأمم المتحدة والعاملين في الإغاثة، الذين حذّروا من مجاعة وشيكة.
الهجوم عزز مخاوف قديمة عبّرت عنها منظمات حقوق الإنسان منذ فترة طويلة بشأن نية قوات الدعم السريع ارتكاب فظائع جماعية، كما حدث في مدن ومناطق أخرى في دارفور منذ بداية الحرب في السودان العام الماضي بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.
الجماعات الحقوقية قالت إن بعض المناطق في دارفور شهدت حملات قتل جماعي على أساس عرقي واعتداءات جنسية ممنهجة في السنوات القليلة الماضية. وبينما حملت قوات الدعم السريع الجيش مسؤولية الفظائع، يقول محللون إن مقاطع الفيديو الأخيرة، إلى جانب شهادات الناجين، تشير بقوة إلى مسؤولية قوات الدعم السريع.
وتقول هيومن رايتس ووتش إن قوات الدعم السريع أحرقت المنازل، ونهبت ممتلكات المدنيين، وقتلت سكانًا من إثنيات الزغاوة والفور، وهم من الجماعات التي تقاتل قوات الدعم السريع منذ سنوات.
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة للسودان فولكر بيرتس سابقاً إن العنف ضد الجماعات العرقية في دارفور يمكن أن يشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وربما إبادة جماعية.
وقد طالبت الولايات المتحدة والأمم المتحدة بفرض عقوبات على الأطراف المتورطة، بينما قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إنه يحقق في جرائم حرب محتملة في دارفور.
أما قوات الدعم السريع، فقد نفت مرارًا استهداف المدنيين، وقالت في بيان الأسبوع الماضي إنها أرسلت عناصرها إلى الفاشر لـ”حماية المدنيين”، لكنها لم تستجب لطلبات الصحيفة للتعليق على مقاطع الفيديو الجديدة.
وفي بيان صدر يوم الاثنين، قالت الأمم المتحدة إن “التقارير الواردة من الفاشر تثير قلقًا بالغًا”، وإن الأوضاع تتدهور بسرعة وإن المدنيين في خطر كبير.
لكن معظم مقاطع الفيديو الأخيرة التي حللتها الصحيفة تُظهر مقاتلي قوات الدعم السريع وهم يطلقون النار على رجال غير مسلحين، ويهينونهم ويصورونهم، بعضهم تعرض للضرب حتى فقد وعيه، والآخرون توسّلوا لإنقاذ حياتهم.
“لا رحمة”
في أحد مقاطع الفيديو، يظهر رجل يحمل طفلاً صغيرًا ويقف بجانب طفل آخر يبدو مصابًا بجروح، ويقول:
“لقد دمروا المدينة بالكامل… أحرقوا الناس أحياءً”.
وتسمع امرأة بالقرب منهم تقول:
“لقد أخذوا ابنتي”.
ويقول رجل آخر في فيديو منفصل:
“أطلقوا النار عليّ في ساقي وتركوا ابني ينزف حتى الموت”.
“استهداف على أساس الهوية”
يقول محللون إن الفيديوهات تُظهر نمطًا ثابتًا — إذ يستهدف المقاتلون رجالًا وشبابا من جماعات عرقية محددة، بينما يجبرون الأسر على ترك بيوتها.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية بقعًا داكنة على الأرض في منطقة دَرْجَة أوشا في الفاشر، والتي قال شهود إنها أماكن قُتل فيها أشخاص وتم سحب المركبات منها.
في مخيم طوِيلة للنازحين، قالت امرأة إن مقاتلي قوات الدعم السريع “قتلوا من استطاعوا قتله وخطفوا النساء”، مضيفةً أنها شاهدت جثثًا كثيرة في الشوارع.
وقال رجل آخر:
“في البداية كانوا يطلقون النار فقط على من يقاوم، الآن يقتلون كل من يجدونه”.
