د. ياسر محجوب الحسين
القوى الدولية.. مواقف وأطماع
إنّ الأطماع والمواقف الدولية تجاه السودان تعكس مزيجًا من المصالح الجيوسياسية والاقتصادية، مما يجعله هدفًا مؤكدًا لتدخلات القوى الكبرى. فالولايات المتحدة عبر سياسة ما تسميه بالفوضى الخلاقة تريد سودانًا مفككًا، وفي أحسن الأحوال ضعيفًا لا يقدر على شيء ليسهل الاستحواذ على موارده، وتوظيفها لصالحها دون غيرها من الدول لا سيما روسيا، والصين.
وإن لم يكن ذلك عبر الحرب باعتبارها فرصة مواتية؛ فإن ذلك جرى في السابق عبر التدخلات الدبلوماسية، والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها في أوقات مختلفة.
أما الصين فلديها مصالح كبيرة في السودان، خاصة في مجال الطاقة، والبنية التحتية، وظلت أكبر شريك تجاري للسودان خلال العقدين الماضيين، حيث استثمرت بشكل كبير في قطاع النفط قبل، وبعد انفصال جنوب البلاد في 2011. غير أن الصين لم ترتبط مصالحها في السودان غالبًا بالتدخل لا سياسيًا، ولا عسكريًا.
وأما روسيا فتسعى لتعزيز نفوذها في السودان، خاصة في المجال العسكري، والأمني. وقد أبدت اهتمامًا ببناء قاعدة عسكرية على ساحل البحر الأحمر، ما يعكس طموحاتها لتوسيع وجودها في أفريقيا عبر السودان، والحفاظ على موطئ قدم لها في المياه الدافئة.
نشير إلى أن روسيا دعمت السودان في المحافل الدولية، خاصة في مواجهة العقوبات الغربية، والحد من غلواء التدخل الأميركي، كل ذلك ساهم في تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات مثل التسلح، وأعطى السودان فرصة لخلق توازن في علاقاته مع المحاور الدولية.
مفاتيح السلام والاستقرار
إن أهم مفاتيح السلام، وعودة الاستقرار للسودان تتمثل في: تعضيد اللحمة الوطنية التي بدت في أفضل حالاتها في مواجهة تمرد مليشيا الدعم السريع. وكانت قمة الإسناد الشعبي للجيش في السودان عند نشأة ما عرف بالمقاومة الشعبية المسلحة، وقد ساهمت بشكل فعال في تحقيق الانتصارات الأخيرة للجيش، وعملت هذه الانتصارات كرافعة للتحركات الدبلوماسية إقليميًا، ودوليًا، وأحدثت تغيرًا ملحوظًا في الموقف الأميركي من الأزمة، وإن بدا موقفًا تكتيكيًا في الوقت الحاضر.
كما ينتظر من البرهان، ومساعديه العسكريين الإسراع بتشكيل حكومة مدنية انتقالية ذات مهام محددة تتمثل في بناء السلام، ومعالجة أزمة النازحين، واللاجئين، وإعادة الإعمار، ووضع خطط واضحة للانتقال السياسي، والإعداد لانتخابات حرة، ونزيهة.