مع تعدد المنابر والمبادرات.. هل أصبحت مفاوضات “سلام السودان” رهينة بيد مصالح الدول والمنظمات؟

تقرير – أمير عبدالماجد

رغم التحركات الدولية والاقليمية التي تجري في العلن والخفاء لايقاف الحرب في السودان وهي تحركات سريعة ومكثفة يبدو أنها تحاول بطريقة ما استباق انعقاد مفاوضات محتملة في سويسرا دعت لها الولايات المتحدة الامريكية، فالمكالمات المستمرة بين وزير الخارجية الامريكي والامارات ومصر واتصالات الأخيرة منفردة بقطر ولقاء محمد ديبي والسيسي في القاهرة والمؤتمر الذي عقد في جيبوتي وضم اكثر من (20) دولة ومنظمة اقليمية ودولية كلها ليست متفقة على أجندة موحدة.

تضاد مصالح
صحيح أنها على وجه العموم تدعو لايقاف الحرب لكن أجندات كل دولة تبدو مختلفة عن الدولة الأخرى مايضعنا أمام معركة أجندات دولية واقليمية ويرهن السلام في السودان بمطامع وأجندة وارادة هذه الدول وهو أمر سبق وحذر منه الرئيس الاريتري اسياس أفورقي عندما وصف المبادرات المطروحة بانها “بازارت سياسية” قال إن دولته لن تشارك فيها لانها بعيدة ولن تحرز أي تقدم وكان يشير بوضوح إلى أن تضاد مصالح الدول سيلف الحبل حول عنق المبادرات ويقتلها وهو مايبدو جلياً الان، إذ مع كل دعوة للتفاوض يظهر منبر جديد وتظهر مبادرة جديدة تعيق ماقبلها وربما كان الأمر على نسقه هذا أكثر وضوحاً في مؤتمر جيبوتي الذي عقدته الإيقاد بالنظر لوجود دول عديدة ومنظمات اقليمية ودولية أهدافها وأجنداتها مختلفة لذا فشلت تماما في اصدار بيان ختامي لان الدول المشاركة والمنظمات فشلت في التوصل إلى صيغة مرضية للجميع ما يبين حجم التباينات بين الدول التي تتحرك الان في ملف السودان.

توترات متصاعدة
وكان موقع أفريكا إنتليجنس قد أكد على حسابه في الشبكة العنكبوتية أن إثيوبيا وأوغندا وإريتريا لم ترسل أي مندوبين لتلك الاجتماعات بسبب التوترات المتصاعدة في القرن الأفريقي، وقال تقرير نشره الموقع إن الدول المجتمعة في جيبوتي وجدت صعوبة في الاتفاق على موقف موحد حيث رفضت العديد منها -بما في ذلك مصر– المسودة الأولى من البيان الختامي ونسب الموقع لمصدر شارك في الاجتماعات -لم يكشف اسمه – أن الدول الرافضة رأت أن المسودة (غير متوازنة) وتعكس تنافسا بين المبادرات بدلا أن تكمل هذه المبادرات بعضها بعضا، وأضاف التقرير أن جيبوتي نفسها اصيبت بخيبة أمل باعتبارها الدولة المضيفة للحدث، إذ كانت تأمل في إسماع صوتها إيذانا بنهاية فترة رئاستها للايقاد وهو أمر لم يحدث في النهاية على الرغم من حصولها على ضوء أخضر بان تتبني المنظمة التي يقع مقرها الرئيسي بجيبوتي رؤية الدولة المضيفة لحل أزمة الحرب في السودان، وكان المبعوث الخاص لمنظمة الإيقاد إلى السودان الدبلوماسي الجنوب سوداني لورانس كوربندي قد اعترف بأن تعدد المبادرات تسبب في تشتيت الجهود وأطال أمد الصراع، وأشار كوربندي إلى أن اجتماع الوفود والمبادرين الذي انتهى في جيبوتي يوم 28 يوليو الماضي ناقش توحيد المبادرات وحاول ايجاد اليات للتنسيق بين الشركاء الإقليميين والدوليين لكنه لم ينجح، وأكد أنه كان من المقرر أن يتم إصدار إعلان مشترك بعد انتهاء الاجتماعات يشمل جميع الحاضرين والمشاركين في المؤتمر لكن تضارب المصالح الذي كان واضحاً خلال هذه الجلسات تسبب في عدم التوصل إلى بيان ختامي متفق عليه ما يؤكد أن الأجندات الاقليمية باتت الان اللاعب الرئيسي الذي يؤثر على الاطراف.

تحركات مكثفة
يقول د. مامون الخبير استاذ العلاقات الدولية إن الأمر بات واضحاً وجليا إذ أنني لا أشك الان أن دول عديدة تتحرك في الكواليس وصلت إلى اذن هذا الطرف وذاك من أجل إعاقة هذه المبادرة وتلك كما أن كثير من هذه الدول تظهر موقفاً في العلن وتعمل على موقف آخر في الكواليس الأمر أصبح واضحا ويمكنك أن تفهم مثلا إلى أين قد تتجه مبادرة تبنتها الإيقاد أو اثيوبيا أو كينيا، الأمر بات واضحا وماحدث في مؤتمر جيبوتي نموذج للحرب التي تدور في الكواليس عندما حاولوا دمج المبادرات في مبادرة واحدة فشلوا لان كل دولة تمسكت بمصالحها وأجنداتها، وأضاف “لم ينجحوا حتى في اصدار بيان ختامي وكاد ممثلو هذه الدول أن يشتبكوا بالأيدي بعد ملاسنات حادة بسبب البيان”، وتابع “الان هناك دول تسعى لانجاح مفاوضات جنيف ودول أخرى تسعى لعرقلتها وكلها دول منخرطة في الملف السوداني لذا نتابع الان تحركات كبيرة من هذه الدول واتصالات مكثفة قبل المفاوضات المرتقبة التي تخشى بعض الدول أن تاتي على غير اجندتها وتضيع مالاً وجهداً بذلته في هذه الحرب التي استثمرت فيها دول كثيرة، اعتقد ستقاوم الخسارة وستجتهد من أجل إعاقة التوصل لسلام في السودان مالم تحقق مكاسب من هذه الحرب ومالم تخرج امريكا عينها الحمراء لتوقف التحركات التي تحدث الان من أجل الا ينعقد اجتماع جنيف، لان هذه الدول المنخرطة في الصراع ربما لم تجد حتى الان ما يشير إلى أن هذه المفاوضات في حال توصلها لاتفاق سلام ستضمن لها أن يتضمن الاتفاق ما يحفظ لها مصالحها في السودان وما ينطبق على جنيف ينسحب على أي مفاوضات قادمة في أي منبر لان أي منبر سينعقد ستكون هناك دولاً منخرطة في الصراع ضده لانه لا يحقق لها مصالحها”.

Exit mobile version