الشعبي: أمريكا خسرت الحرب وتبحث عن خيار آخر بعد دخول روسيا وإيران
الأمة القومي: واشنطن مهتمة بنجاح جولة التفاوض لذلك تتعاطي إيجابي مع ملاحظات القوات المسلحة
الإتحادي الديمقراطي: السودان بدأ عملية هندسة العلاقات الدولية ما دفع واشنطن لتغيير موقفها
خبير دولي: السياسة الخارجية السودانية أجبرت أمريكا لتغيير سياستها تجاه البلاد
ملحق إعلامي سابق بسفارة الخرطوم بواشنطن: تماسك الجيش والشعب وراء تغيير الموقف الأمريكي
أيام قليلة تفصلنا عن موعد المباحثات التي دعت لها الولايات المتحدة الأمريكية كل من القوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع لبحث الأزمة التي تمر بها البلاد بمدينة جنيف السويسرية والتي حدد لها الرابع عشر من أغسطس الجاري لكن الجيش لم يرد بعد على الدعوة الأمريكية، فيما دفعت الخارجية السودانية في بيان لها بعدد من الملاحظات حول الدعوة الأمريكية وجدت الرد في بيان أمريكي لاحق تضمن إستجابة لعدد من النقاط التي دفعت بها الخارجية، فما دلالات الإستجابة الأمريكية لما دفعت به الخارجية السودانية حول مباحثات جنيف، (الأحداث) استنطقت خبراء وسياسيين بشأن الأمر.
الأحداث – آية إبراهيم
تفاصيل إتصال
قبل يومين تلقى رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وقال البرهان إنه تحدث مع بلينكن حول ضرورة معالجة شواغل الحكومة السودانية قبل بدء أي مفاوضات وأبلغه بأن “الميليشيا المتمردة” تحاصر وتهاجم الفاشر وتمنع مرور الغذاء لنازحي معسكر زمزم.
بدورها قالت الخارجية الأميركية إن بلينكن أكد للبرهان ضرورة مشاركة القوات المسلحة السودانية بمحادثات وقف النار في سويسرا وأهمية عقد محادثات لوقف النار وإيصال المساعدات إلى السودان.
أدوات حرب
يقول القيادي بحزب المؤتمر الشعبي عمار السجاد إن الحرب في الأساس مشروع أمريكي وأن الإمارات وقحت وحميدتي والإطاري وفولكر مجرد أدوات للحرب الأمريكية الصهيونية.
وأشار السجاد لـ (الأحداث) إلى أن أمريكا خسرت الحرب وتبحث عن خيار آخر خصوصاً بعد دخول روسيا وإيران والاصطفاف الدولي الذي حدث بالمنطقة الذي لم تكن تريده أمريكا وكانت ترى أنها بعملية خاصة يمكن السيطرة على السودان بقحت والإمارات والمليشيا.
وأوضح أن أمريكا إتجهت الآن للخطة (ب) بعد فشل الخطة (أ) وإنقاذ مايمكن إنقاذه والإعتراف بالبرهان والجيش والتخلي عن خيار المليشيا
والإستعانة ب(قحت).
رد واستجابة
سبق إتصال بلينكن بالبرهان ماكشفته مصادر رفيعة لـ”الشرق” عن تأكيد الخارجية الأميركية الإعتراف بالفريق أول عبد الفتاح البرهان كرئيس لمجلس السيادة الانتقالي واستعدادها لاستخدام الصفة فى الدعوات الرسمية وتوضيح الخارجية بأن الدول التي تم منحها صفة مراقب بمباحثات جنيف لن تكون جزءاً من الوساطة، بل ستساهم في وقف الحرب وتأكيد إستعدادها لعقد لقاء مع مسؤولين سودانيين للتشاور بشأن مفاوضات سويسرا حيث جاء ذلك رداً على بيان الخارجية السودانية بشأن عدم مخاطبة الخارجية الأميركية للبرهان بصفته رئيس مجلس السيادة إضافة إلى ملاحظاتها حول مباحثات جنيف.
إستجابة فورية
يرى القيادي بالحزب الإتحادي الديمقراطي خالد الفحل أن الاستجابة من واشنطن لملاحظات الحكومة السودانية كانت فورية بتأكيد إعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالصفة السيادية التى يمثلها البرهان وإجراء مشاورات بين الحكومة السودانية والأمريكية للتمهيد لمنبر جنيف وإعتبار منبر جنيف مكمل لتنفيذ اتفاق جدة المبرم فى شهر مايو من العام السابق.
وقال الفحل لـ (الأحداث) إن موقف الولايات المتحدة الأمريكية إتسم بعدم المصداقية حيث أن اتفاق جدة تم برعاية واشنطن والسعودية ولم تبذل دولتي الوساطة أدنى مجهود للضغط على المليشيات لتنفيذ الاتفاق الذي تم توقعيه بعد أقل من شهر بعد بداية الحرب ،ولكن هنالك مهددات أخرى دفعت واشنطن للسير تجاه تنفيذ الإتفاق والتمهيد لذلك من خلال تصريحات المبعوث الامريكي توم بيرييلو بأنه ليس هنالك مستقبل لمليشيا الدعم السريع المتمردة ، وأضاف “لقد كان واضحاُ أن السودان بدأ عملية هندسة العلاقات الدولية على نهج جديد وبناء تحالفات إقليمية ودولية لمصلحة السودان مما دفع واشنطن لتغيير موقفها من الأحداث في السودان وإنجاز عملية السلام مها كانت التنازلات لقطع الطريق على توجه السودان نحو روسيا وتبييض موقف الإدارة الأمريكية أمام الناخبين، لذلك لم يكون مستغرب الاستجابة الفورية لمطالب الخرطوم”، وقال “إذا صدقت النوايا الأمريكية وتم الضغط على المليشيات سينجح منبر جنيف فى إيقاف الحرب بتنفيذ إتفاق جدة ووضع آليات تضمن التنفيذ بالخروج من بيوت المواطنين والأعيان المدنية وتجميع المليشيات فى معسكرات يتم تحديدها من قبل جهات الإختصاص في الدولة.
تاريخ مختلف
المبعوث الأمريكي الخاص لدى السودان توم بيرييلو، شن هجوماً على المليشيا المتمردة، مشيراً إلى أنها إرتكبت جرائم الإبادة الجماعية والإضطهاد العرقي في دارفور.
وقال بيرييلو في مقابلة مع برنامج «تنوير» على منصة (إكس) الذي يقدمه الإعلامي سعد الكابلي إنه لا مستقبل لمليشيا الدعم السريع في السودان ،وطالب القوات المسلحة السودانية السماح بمرور المساعدات الإنسانية وذلك لأنها تمثل مؤسسة عسكرية معترف بها، وقال “لا نتوقع المثل من الدعم السريع” ولفت إلى أن لدى الجيش السوداني والدعم السريع تاريخ مختلف.
إرتكاب أخطاء
الملحق الإعلامي السابق بسفارة السودان بواشنطن مكي المغربي يعزي تغيير الموقف الأمريكي تجاه الأزمة السودانية إلى أمرين أولهما
تماسك الشعب السوداني وإلتفافه حول القوات المسلحة السودانية وموقف القوات المسلحة والحكومة السودانية المتماسك ضد المخطط الأجنبي.
وقال المغربي لـ (الأحداث) إن الأمر الثاني يتمثل في أخطاء المليشيا والدول المساندة لها بعد أن ظلت بصورة مستمرة ترتكب أخطاء وخطايا وتستند على الدعم الذي تتلقاه من أمريكا وعدد من الدول لكن الحبل بدأ يلتف رويداً رويداً على هذه الدول التي أصبحت تواجه مصيراً محزناً بسبب حمايتها لأخطاء المليشيا، وفي هذا السياق كانت المحاولة الغادرة الفاشلة لإغتيال الرئيس البرهان التي قال إنها خطوة فارغة ومحاولة إما إنفردت بها دولة معادية للسودان أو المليشيا إذ لم تستطيع الدولة السيطرة على المليشيا في كل الأحوال، الدولة المعادية للسودان صارت عبئاً على أمريكا وهذا مابرر لأمريكا عبر مبعوثها الخاص أن تتخذ مواقف مغايرة وأن تحتفظ بمسافة من خط الدولة المعادية للسودان ، ولفت إلى أن تغير أمريكا غير نهائي وهو تغير مرحلي لذلك يجب الإستفادة منه وتوظيفه وعدم الركون لفكرة أن الموقف الأمريكي تغير جذرياً.
إعتراف تمثيل
يصف كاميرون هدسون، كبير الموظفين السابق في مكتب المبعوث الخاص إلى السودان، التغيير في توصيف البرهان كرئيس مجلس سيادة من الجانب الأمريكي على أنه «تغيير رمزي مهم من قبل واشنطن»، ويفسر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «إنه يمنح البرهان والقوات المسلحة السودانية أمراً طالما طالبوا به منذ البداية، وهو الإعتراف بأنه لا يزال يمثل السلطة السيادية في البلاد، وأنه ليس مجرد طرف آخر في الصراع على قدم المساواة مع (قوات الدعم السريع).
ويرى هدسون أن التغيير في لهجة الخارجية الأميركية «لا يضمن أن القوات المسلحة السودانية ستحضر المحادثات»، لكنه يشدد في الوقت نفسه على أنه يحسن من فرص تلك المشاركة.
تعاطي إيجابي
لكن القيادي بحزب الأمة القومي مصباح أحمد يرى أن واشنطن لم تغير شكل الدعوة المقدمة للقوات المسلحة والدعم السريع ولكنها وافقت علي إجراء مشاورات مع القوات المسلحة في إطار الترتيبات وبطبيعة الحال التحضير للمفاوضات سبقته مشاورات موسعة مع الطرفين ومع الأطراف الدولية استمرت لشهرين
وقال أحمد لـ (الأحداث) إن واشنطن مهتمة بنجاح جولة التفاوض في جنيف ولذلك تتعاطي إيجابا مع ملاحظات القوات المسلحة وهو أمر مطلوب ومهم لتعزيز الثقة في الوساطة والتعاطي الإيجابي مع منبر التفاوض، وشدد على أهمية أن يذهب الطرفان إلى جنيف بعقل وقلب مفتوحين للوصول لحل سلمي للأزمة ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتردية وحماية المدنيين والتمهيد للحل السياسي الشامل.
دعوة ورد
وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الشهر الماضي، دعوة الجيش وقوات الدعم السريع إلى مفاوضات جديدة في 14 أغسطس الجاري في سويسرا، تحت رقابة الإمارات ومصر.
ورداً على الدعوة الأمريكية قالت الحكومة السودانية إنها «أوضحت أن أي مفاوضات قبل تنفيذ إعلان جدة، الذي ينص على الانسحاب الشامل ووقف التوسع، لن تكون مقبولة للشعب السوداني»، وطلبت الحكومة عقد اجتماعات مع مسؤولين أميركيين لمناقشة جدول أعمال المحادثات.
نقاط قوة
بدوره يرى مدير مركز العاصمة للدراسات السياسية والإستراتيجية خبير العلاقات الدولية د. حسن شايب دنقس أن السياسة الخارجية للدولة السودانية أجبرت الولايات المتحدة الأمريكية على تغيير سياستها تجاه السودان بسبب إستخدام الحكومة لكل نقاط قوتها وكروتها الرابحة في الأزمة التي تمر بها في ظل الدعم اللا محدود الذي تجده مليشيا الدعم السريع من القوى الإقليمية والدولية.
وقال دنقس لـ (الأحداث) إن تطور ونمو العلاقات بين الخرطوم وموسكو أزعج واشنطن وحلفائها في المنطقة كثيراً للرؤية الاستراتيجية لأمريكا لما يدور في السودان أن تُذعن الحكومة تماماً لخططها في المنطقة ولم يكن في مخيلتها أن يتجه السودان شرقاً، ولفت إلى أن مفاوضات سويسرا ما هي إلا لمعالجة إخفاقات واشنطن وحلفائها الدوليين للملف السوداني ، وأشار إلى أن الحرب بيّنت للحكومة ضرورة أن يكون للسودان حليف إستراتيجي، وقال “حسناً أنها قامت بخطوات مع الدب الروسي ويجب أن تكون الشراكات مع روسيا عسكرية إقتصادية إضافة لكل ما يحافظ على الأمن القومي السوداني”.