ماذا يحدث في واشنطن.. مفاوضات أم مقايضات أم بلورة لرؤية أمريكية

تقرير – أمير عبدالماجد
تحت ضجيج المسيرات التي تهدر هنا وهناك وغبار التاتشرات التي تنهب الخلا والمدافع التي تستهدف المدن وتشعل المزيد من الحطب في المعارك خرجت بعض المنصات باخبار عن مفاوضات غير مباشرة تجرى في العاصمة الامريكية واشنطن تحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية لاقرار اتفاق سلام في السودان بل وخرجت المنصات ذاتها باحاديث عن قرب التوقيع علي هدنة انسانية ووقف اطلاق نار وغيرها من البنود مع تصريحات لسياسيين وعسكريين من المليشيا تؤكد وجود مفاوضات قبل ان يصدر مجلس السيادة بياتا نفي من خلاله وجود مفاوضات مع المليشيا مباشرة او غير مباشرة، موضحا أن مجلس الدولة ثابت وملتزم بالحل الوطني الذي يحفظ سيادة البلاد ووحدتها واستقرارها. وأكدت وزارة الخارجية التي انضم وزيرها السفير محي الدين سالم إلى الوفد في واشنطن وطالته شائعات عديدة قالت الوزارة في بيان لها إن الوزير موجود في واشنطن بدعوة من حكومة الولايات المتحدة الامريكية، وأكدت أن الزيارة في سياق الجهد المستمر لتطوير العلاقات المشتركة ومواصلة لحوار متصل حول القضايا ذات الاهتمام المشترك بما فيها السلام في السودان .. وتزامناً مع الحديث عن مفاوضات اشتعلت المعارك علي الأرض في كل من الفاشر وبارا حيث اتسمت المعارك هنا بالعنف المفرط اذ هاجمت قوات المليشيا المدينتين في توقيت واحد بصورة انتحارية وواصلت في الوقت نفسه استهداف المدن والبنيات التحتية في كل من الخرطوم والدمازين وسنجة وهو أمر معتاد من قوات المليشيا اذ عادة ما تلجأ للهجوم علي المدن متى جري الحديث عن تفاوض .. لكن ماهي حقيقة الاوضاع ..؟؟ هل هناك تفاوض ام أن الامور كما قالت وزارة الخارجية في سياق العلاقات المشتركة والقضايا المشتركة … يقول اللواء م صلاح الدين محمد خالد إن وجود وفد عسكري وأمني في واشنطن حقيقي واحتمال مناقشة قضية احلال السلام بناء على الورقة الامريكية وارد جداً ومنطقي ان تستمع واشنطن لرؤية الحكومة ورأيها في الورقة وربما في ما سيناقش على طاولة اجتماع الرباعية بالاضافة الى مناقشة البنود المهمة للامريكيين المتعلقة بمنطقة الشرق الاوسط والعلاقة مع ايران وقاعدة فلامنجو وغيرها خاصة وان الاخيرة عليها ملاحظات من امريكا والسعودية وحتى مصر لديها ملاحظات حولها )، واضاف ( الحديث عن مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين الجيش والمليشيا اعتقد خطوة سابقة لاوانها على الاقل الان لان دول الرباعية نفسها لم تتفق على أرضية تبني عليها أسس للحوار وتطرح بموجبها مقترح اتفاق متماسك وموضوعي يمكن النقاش حوله خصوصا من قبل الحكومة السودانية التي قدمت اعتراضات موضوعية على وجود دولة الامارات مثلا في الرباعية وهي دولة منخرطة في الصراع بل هي الممول الرئيسي له فكيف يكون الممول وسيطا في لجنة تبحث عن حل للحرب هذا غير منطقي وغير مقبول)، وكانت مصادر امريكية كشفت عن تمثيل عال من الحكومة السودانية ترأسه وزير الخارجية المكلف ورئيس هيئة الاستخبارات والمستشار الأمني للسفارة بواشنطن. وقالت إن مقايضات تتم واراء تطرح في الحوار بين امريكا والمسؤولين السودانيين ربما لصياغة مبادرة امريكية منفردة وبعيدة عن صراعات الرباعية تكون قابلة للنقاش والحياة تحت رعاية الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي سيأخذ على عاتقه الضغط على الاطراف للموافقة على ورقته ايا كانت وهذا هو اسلوبه والطريقة التي يعمل بها )، وتابع (أخشى أن مبادرة منفردة من ترامب قد تكون اسوأ من مقترحات الرباعية وتقود الحكومة السودانية إلى خيارات لا تخدم خطها الوطني وعندها سيصبح امامها اما مغادرة المعسكر الغربي بقيادة امريكا أو القبول بورقة ترامب).

وعلى النقيض تماما يقول الخبير العسكري والاستراتيجي د. معاوية علي عوض الله إن الضغوطات التي تتعرض لها الحكومة السودانية لا اعتقد انها ستؤدي إلى اتفاق يعيد انتاج المليشيا حتى لو أراد الوسطاء ذلك )، وأضاف ( ثوابت الحكومة لم تتغير وهي واضحة ومجمع عليها لذا لا اعتقد أن مفاوضات تعيد المليشيا للمشهد ستكون مقبولة لا من الحكومة ولا الراي العام )، وتابع ( اي تسوية لا تبدأ بجمع سلاح المليشيا وتجميعها في معسكرات لن تكون مقبولة)، وختم (السلام والتفاوض وايقاف الحرب امور مطلوبة لكن ليس على حساب الشعب وقضاياه ومستقبله).

ويري د. سعيد سلامة مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية ان تحركاً دوليا بدأ يتبلور في الملف السوداني وهو أمر جيد خصوصا وأن تحريك الملف يتم بارادة تشارك فيها دول من الاقليم لها مصالح كبيرة في السودان مثل المملكة العربية السعودية ومصر وهي دول تشارك في الرباعية وتعمل في الوقت نفسه على المبادرة الامريكية بحكم انخراطها في الجهد المبذول في الشرق الاوسط لايقاف الحرب في غزة وتحجيم الحروب في المنطقة )، وأضاف (الملف الرئيس في انشغالات ترامب خاص بالشرق الاوسط لاعتباراته الاقتصادية ثم تاتي القضية السودانية في اطار ترتيب الملفات في الشرق الاوسط ولا اعتقد انه بوجود دول بحجم مصر والسعودية قد تطرح مبادرات تمس سيادة السودان واستقراره باعتباره عمقا استراتيجيا لمصر وقد يدفع السودان نحو موسكو والمعسكر الشرقي مثلاُ كما أن امراً كهذا سيؤثر على ملفات امريكية اخرى قاعدة فلامنجو والتقارب السوداني الايراني وغيره من القضايا المرتبطة بترتيبات الشرق الاوسط).

Exit mobile version