رأي

*لو خلعت جلدك.. أنت قحت!!*

*هيثم صديق*

* كان أحــد أهل مرو يحج ويمارس التجارة فيمر في طريقه من مدينة مرو على رجلٍ من أهل العراق فيقيم عنده، فيكرمه العراقي ويضيفه ويكرم وفادته على أفضل وجه، فكان الفارسي يتصنع الحياء ويقول لصديقه التاجر العراقي لعلمه بصعوبة حصول ذلك: “والله لو زرتني في بيتي بمرو لأردّن إليك بعض جمائلك وأكرمك بمثل ما تكرمني به هنا و أحسن.”
* ثم مرت السنوات وهذا الفارسي يأتي إلى صديقه العراقي فيكرمه العراقي، ولا يزال الفارسي يقول له لوجئتنا في مرو أكرمناك، ثم حدث أن احتاج التاجر العراقي شراء بعض البضائع من مروٍ على جناح السرعة فسافر إلى هناك وقد شجعه على السفر وخفف عليه من إحساسه بالمشقة أن صديقه الفارسي سيكرمه ويضيفه ويكون له نعم المضيف.
* فور وصول التاجر العراقي للمدينة سأل عن صاحبه فدلوه عليه، وكان العراقي لا يزال بثياب السفر وقد أتى قاصداً النزول ضيفاً على صديقه هذا، وما أن رأى العراقي من ظن أنه صديقه المروزي حتى انكب عليه يحتضنه ويقبله على نهج الصديق المشتاق، فلم يبد المروزي أي إشارة تشير إلى أنه قد عرفه، فقال العراقي في نفسه:
– ربما لم يعرفني لأنني ألبس العمامة.. فخلعها وقال له::
– أنا فلان إبن فلان التاجر العراقي.
ولكن الفارسي أنكره وادعى أنه لا يعرفه.. فقال العراقي في نفسه:
– ربما لم يعرفني لأنني ألبس القلنسوة.
فخلع القلنسوة … ولكن صاحبنا لم يكترث له أيضاً وازداد إنكاراً له، فقال العراقي في نفسه:
– ربما لم يعرفني لأنني ألبس الملحفة..
وبعد أن خلع العراقي الملحفة ولم يتبقَ سوى الجلباب بادره المروزي بقوله: “لا تتعب نفسك.. والله لو خلعت جلدك ما عرفتك”!
* هكذا كانت قصة الجاحظ في كتابه البخلاء، ولكن قصة الجاحد في كتاب البلهاء كادت أن تجرنا إلى قصة مبتذلة أبطالها كمساري وامرأة مُنقّبة.. لما تحرش رجل بمنقبة فلطمته أمام الناس في الحافلة فهمس له الكمساري بموعدٍ ومكان ليأخذ ثأره من مدعية العفاف هذي بشرط أن يأتي بلحيةٍ مستعارة، وفي المكان والزمان أبت المنقبة إلا بعلاقةٍ شاذة، فلما تيقن أن نال ثأره منها نزع الذقن الكذوب، وصاح فيها: (أنا بتاع الحافلة)، فخلعت المنقبة النقاب وصاحت فيه: (أنا الكمساري)!!
* ⁠سنكتفي بقصة الجاحظ هنا ونحن نرى قحت قد خلعت ثوبها ثم ثوب صمود ثم ثوب ميثاق وستخلع ثوب تأسيس الأخير هذا تبحث عن أن يراها الشعب بظن أنه لم يتعرف عليها ليحييها ويقف خلفها كما كانت في أواخر حكم البشير!
* الشعب الحافي يومذاك اكتشف فيما بعد أنه قد استجار من الرمضاء بالنار، وللأسف لا شيء يغطي قحت اليوم، فأول ما خلعته كان سروالاً رمت به الحكامة يوماً!
* (تأسيس) تتضرع ميطي ولا طفل يقول أنظروا مليكنا عريان.. ينظر لها الناس مثل مجنون متسخ يحتاج إعانة أو حلاقة شعر الرأس!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى