رأي

*كان يجُوب ..!!*

*الطاهر ساتي*

:: ( الخيارو الفقوس)، يشبهان بعضهما في كل شئ، اللون و الطعم و الرائحة والشكل و المحتوى الغذائي وخلوهما من الكوليسترول والسكر.. ومع ذلك يُباع الخيار (رخيصاً) و أحياناً مجاناً للزبون الوفي، بيد أن الفقوس يُباع غالياً، ومهما كنت وفياً للبائع، مستحيل أن يهديك مجاناً، وهذا ما يُحيّر عُلماء النفس والأغذية، أي تمييز الباعة الفقوس على الخيار، فهو تمييز غير عادل..!!

:: وبداية الأسبوع الماضي، عندما تسرّب خبر ترشيح السفير نور الدين ساتي وزيراً للخارجية، هاج القوم..لطموا الخدود و شقوا الجيوب غضباً و حُزناُ، وكالوا لساتي من الشتائم ما إستطاعوا، ولم يتبق لزميلنا عبد الماجد عبد الحميد وشيوخه غير قتال كامل بدلاً عن جنجويد الإمارات، لأن ساتي (كان قحاتياً)، وتناسوا أن كيكل ساهم في إسقاط الجزيرة ونهبها، ثم صار بطلاً ..!!

:: وبمناسبة كيكل، فالرجل ناقش أهل حلفا سبل التعاون في معالجة القضايا الراهنة، وبحث آفاق الحلول، وكدا.. صار سياسياً.. ويُحكى عن مانديلا ، عقب خروجه من السجن بعد ربع قرن ونيف، سألوه عما أدهشه بالخارج، فأجابهم: (جهاز الفاكس)، لم يكن مخترعا قبل اعتقاله .. ولو عاش مانديلا وظل سجيناً إلى يومنا هذا، وخرج، فسألوه عما أدهشه، لقال : ( كيكل بقى سياسي)..!!

:: نرجع لموضوعنا، الخيار والفقوس .. بينما هم يتطرفون في رفض ترشيح ساتي للخارجية، فاجأهم رئيس الوزراء بتعيين معز عمر بخيت وزيراً للصحة، وكما تعلمون ( كان قحاتياً)، وقال في عبد الماجد و شيوخه – بالشِعر و النثر – ما لم يقله مالك في الخمر، ومن الطبيعي أن يرفضوا تعيينه ويعلنوا فيه جهاد الشتائم، أي كما فعلوا عند ترشيح ساتي للخارجية ..!!

:: وهذا ما لم يحدث، فتأمل كيف قابل شيوخ عبد الماجد هذا التعيين، على لسان مولانا أحمد إبراهيم الطاهر : (أمض بقوة، بروف معز..وهوأهل لهذا المنصب بما ناله من علم رفيع وخبرة ممتازة، قرأت كثيراً من أشعاره، وهداني عدداً من دواوين شعره، ويكفي البروف معز أنه أضاف إلي بحر العلوم الطبية نهرا عذبا من الشعر)..!!

:: أما الدكتور أمين حسن عمر، وكان قد هاجم ساتي و عادل الباز على دعمه ترشيح ساتي، فكتب ما يلي مُعلّقاً على حدث تعيين معز عمر بخيت وزيراً للصحة : (تفاءلوا بالخير تجدوه، ربما علي الأرجح سيكون وزيرا جيداً للصحة، لو انه يسهب في كلام الصحة ويوجز في كلام السياسه، ولا بأس بالشعر في كل حال، أمهلوه).. وهكذا ..!!

:: فالقوم لم يحتفوا بمعز وزيراً فحسب، بل إحتفوا بأشعاره أيضاً، رغم أنها ذات الأشعار التي هجت حكومتهم سابقاً وهاجمتهم حالياً، وقالت فيهم ما لم تقلها أشعار المتنبي في كافور الأخشيدي .. ساتي لم يكتب فيهم ولا في حكومتهم أشعار هجائية، كما فعل معز بخيت، ومع ذلك لم يرحموه، في محض ترشيح، وليس تعيين ..!!

:: ليبقى السؤال، طالما يتشابهان في كل شئ، فما الذي يجعل ساتي ( خياراً) ومعز ( فقوساً) في سوق الشيوخ؟.. بالتأكيد هناك سر، وقد كشفه مولانا أحمد إبراهيم الطاهر بالنص : (بروف معز ابن أصول، فوالده المرحوم عمر بخيت العوض كان يجوب البلاد طولاً وعرضاً للدعوة الإسلامية قبل أن يبرز نجم الدكتور الترابي )، وهذا يعني أن والده كان إسلامياً..!!

:: وعليه، ما يجب أن يعلمه رئيس الوزراء، ليس للقوم معايير وطنية، ولا مهنية، في رفض و قبول المُرشح، فالمعايير مختلة..ولذلك، فليمض في تعيين من يشاء، ولا يُبالي بالصخب، ولا تتراجع عن نور الدين ساتي بلسان حال قائل : عفواً ساتي، ماكان أبوك شيخاً وما كانت أُمك ( كوزة) ..!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى