إبراهيم عثمان
الهدف المركزي لخطابات ميليشيا “الدعم السريع” الإرهابية وأسيادها وأعوانها هو قهر المواطنين على القبول بها ورفض المتصدين لها. وتحويل تهمة الإرهاب منها إليهم، بل حتى إلى المواطنين أنفسهم إن دعموا هذا التصدي بأي شكل. هذا الهدف يصطدم باستحالات صلبة، تفسر توجس الرأي العام من أي تفاوض “يكافئ” الميليشيا.
١. ستحالة أخلاقية: مارست الميليشيا عدواناً مباشراً على المواطنين. والاقتناع بخطابات تجميلها مستحيل، لأنه يطلب من الضحايا التخلي عن موقعهم الأخلاقي والتصالح مع انتهاك كرامتهم.
٢. استحالة واقعية: عدوان الميليشيا على المواطنين لا زال مستمراً حيثما توفرت لها الفرصة. وهذا يلغي فعالية خطابات التجميل.
٣. استحالة زمنية: محاولة كتابة تاريخ مزيف على أنقاض تاريخ حي ما زال حاضراً هي محاولة مستحيلة النجاح.
٤. استحالة منطقية: انعدام الثقة والأرضية المشتركة يجعل الإقناع مستحيلاً، فعملية الاقناع تفترض حد أدنى من الثقة والمسلمات المشتركة.
٥. استحالة معرفية: الوقائع التي يعيشها المواطن بنفسه أقوى من أي دعاية مضادة، فلا يمكن لأي خطاب تجميل أن يغير المعرفة المباشرة.
٦. استحالة نفسية: لا يمكن للمواطنين أن ينكروا تجربتهم الشخصية أو يغلقوا أعينهم عن الحقيقة، فمحاولة ذلك تولّد صراعاً داخلياً لا يحتمله العقل.
٧. استحالة سياسية: البديل المقدم (سلطة الميليشيا المعادية للمجتمع) هو امتداد للعدوان واستمرار لهيمنة القوة، ولا يحقق الحد الأدنى من السلام العادل.
٨. استحالة بلاغية: فقد خطاب الميليشيا المصداقية الأخلاقية تماماً، وأصبح ينتج بلاغة الكذب والتضليل بكل صنوفه. لذلك أي محاولة للإقناع تفشل منذ البداية.
٩. استحالة منهجية: العقول التي تتصدى للإقناع صغيرة ومتواطئة، وعاجزة عن صياغة حجة مقنعة لمن هم خارج صفها المصلحي.
١٠. استحالة تواصلية: العجز عن الإقناع يحول الخطاب من الإقناع إلى خلق ارتباك وتشويش، وتوفير غطاء للإرهاب، وكسر الروح المعنوية، وتثبيط المقاومة. وهذا يقطع التواصل المنتج.
١١. استحالة اجتماعية: المجتمع المتضرر يطور مناعته الدفاعية الجماعية، ويقاوم أي صوت يهدف إلى إضعافه وتشتيت صفه.
١٢. استحالة دلالية: علامة الميليشيا، شعارها وأسماؤها مرتبطة بالعنف والخيانة والنهب والعمالة والتخريب، ولا يمكن فصل هذه الدلالة عن الدال/ الميليشيا.
١٣. استحالة وجدانية: ليس في خطاب الميليشيا وأسيادها وأعوانها ما يخاطب الوجدان، وما يُنفَّذ على الأرض من خطابهم هو الجزء الأكثر مصادمةً للوجدان.
١٤. استحالة وجودية: تستهدف المجتمع في وجوده. وخطابات تجميل الميليشيا على حساب الحق في رفض العدوان ومقاومته ومحاسبة القائمين به هي دعوة للتواطؤ ضد الذات.
١٥. استحالة وطنية: تمثل الميليشيا ذراعاً للداعم الإقليمي، وتسير بالكامل بأوامره، وتستعين بالمرتزقة الأجانب الذين يجلبهم لها من كل حدب وصوب، والقبول الجماعي بذلك، أو الدفاع عنه، خيانة جماعية للوطن يستحيل تحققها.
كل هذه الاستحالات تجعل أي محاولة للإقناع مستحيلة، لأنها تتحطم على صخرة الواقع، الأخلاق، المنطق، الثوابت، وطبيعة الوجود الإنساني نفسه، ليصبح الاقتناع بخطابات تجميل الميليشيا ضرباً من الجنون الجماعي المستحيل.

