سودانيون يطالبون بريطانيا بمحاكمة المليشيا وداعميها

الأحداث – متابعات
سلّم مدنيون وضحايا ولاجئون سودانيون، إلى جانب مدافعين دوليين عن حقوق الإنسان، عريضة إلى الحكومة البريطانية تطالب باتخاذ إجراءات فورية لمحاكمة مليشيا الدعم السريع وداعميها الدوليين على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في السودان، وذلك استنادا إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية المعمول به في المملكة المتحدة.
ووقع 108 من الشخصيات والمنظمات السودانية والدولية على الرسالة، وجرى تسليمها، الثلاثاء، إلى الحكومة البريطانية ومكتب النائب العام، ووحدة جرائم الحرب في شرطة العاصمة البريطانية (سكوتلاند يارد)، ومكتب المدعي العام البريطاني، ووزارة الخارجية والكومنولث والتنمية، ومكتب رئيس الوزراء البريطاني بالإضافة إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
وأعربت الرسالة عن “إلحاح بالغ وعزيمة لا تلين” في دعم الشكوى القانونية الشاملة والتي اشتملت على ملف ادلة من 142 صفحة، تم ايداعها في 5 مايو 2025 إلى وحدة جرائم الحرب البريطانية. ويضم هذا الملف، بحسب الرسالة، “أدلة قوية ومفصلة على مجازر منظمة، وهجمات موجهة ضد المدنيين، واستخدام العنف الجنسي كسلاح حرب، إضافة إلى أفعال ترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية”، مشيرة إلى اعتراف رسمي من الحكومة الأمريكية بتصنيف افعال الدعم السريع على أنها تشكل جريمة الابادة الجماعية، مؤكدة وجود أدلة تشير إلى تواطؤ أطراف دولية في التستر على هذه الفظائع أو تسهيلها.
في سياق متصل، تواجه الحكومة البريطانية انتقادا حادا داخليا وخارجيا لما تم وصفه بـ”تراخي وتهاون” في التعامل مع الجرائم المروعة التي ترتكبها قوات الدعم السريع، لا سيما تجاه الأطراف الدولية المتورطة في دعم هذه القوات، وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تمت الاشارة إلى محاولات الحكومة البريطانية المستمرة للضغط على وسائل الإعلام البريطانية لإسكات الأصوات التي تتناول تورط الإمارات في تسليح وتمويل الدعم السريع، رغم ما تسببت فيه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023م.
واعتبر مراقبون الصمت البريطاني، بل والسعي النشط لتقويض التغطيات الصحفية التي تفضح الدعم الإماراتي، يُعدّ شكلا من أشكال التواطؤ المباشر، ويتناقض مع التزامات المملكة المتحدة الأخلاقية والقانونية بموجب القانون الدولي. وطالبوا الحكومة البريطانية بالالتزام بقوانينها وكسر صمتها ومساءلة كل من أسهم في تمكين آلة القتل والانتهاكات في السودان، كائنا من كان.
ودعا الموقّعون على الرسالة التي تم تسليمها يوم الثلاثاء 3 يونيو السلطات البريطانية إلى التعامل مع الشكوى المقدمة ضد الدعم السريع والجهات الداعمة لها تحت مبدأ مسئولية القيادة بـ”الجدية القصوى”، وحثوا على ألا تبقى الأدلة “حبيسة الملفات البيروقراطية”، بل أن تُنقل فورا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتخضع لتحقيق دولي كامل، كما طالبوا بتعاون وثيق مع آليات العدالة الدولية لضمان ملاحقة الجناة.
وحمّلت الرسالة قيادة قوات الدعم السريع، وعلى رأسهم محمد حمدان دقلو “حميدتي”، إلى جانب حلفائهم الدوليين، مسؤولية مباشرة وغير مباشرة عن هذه الانتهاكات. واستندت الرسالة إلى مبدأ “مسؤولية القيادة”، المعتمد في القوانين الدولية.
وذكّر الموقعون الحكومة البريطانية بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية بموجب القانون الدولي، مشيرين إلى عقود من الإفلات من العقاب في دارفور والسودان، وإلى أن الحرب الجارية أعادت إنتاج أسوأ فصول الجرائم التي شهدها الإقليم. وأضافت الرسالة: “الشعب السوداني يستحق العدالة، لا كشعار، بل كعملية حقيقية للمساءلة وجبر الضرر وضمان عدم التكرار”.
وطالبت العريضة حكومة المملكة المتحدة بالمباشرة في تحقيقات جنائية بموجب ولايتها القضائية العالمية، ومشاركة الأدلة مع المحكمة الجنائية الدولية، وإعلان دعمها العلني لمسارات العدالة الدولية، وضمان الشفافية في التواصل مع الشعب السوداني بشأن مجريات القضية.
واختتمت الرسالة بتحذير لافت: “الصمت أو التردد يعني السماح باستمرار آلة الفظائع دون رادع. الشعب السوداني لن يصمت، ولن يتراجع عن المطالبة بالعدالة، ولن ينسى من فقدهم”.