اقتصاد

خبير اقتصادي: الذهب رصيد استراتيجي مهدور

 

الأحداث – رحاب عبد الله

أكد خبير اقتصادي ل(الأحداث) أن السياسات الحالية لإدارة قطاع الذهب في السودان، وعلى رأسها سياسات بنك السودان الخاصة بالتصدير وخروجه من شراء ذهب التعدين التقليدي، لم تسهم في بناء منظومة فعالة لحماية هذا المورد الحيوي، وقال “بل ساهمت في توسع التهريب وغياب الشفافية وضعف العائدات الرسمية”.

وأوضح أن المشكلة الجوهرية لا تكمن في ندرة الأسواق الخارجية أو في قلة الطلب على الذهب السوداني، بل في غياب رؤية استراتيجية واضحة لإدارته كأصل اقتصادي طويل الأمد، وعدم توفر آليات تنفيذ محكمة تعكس جدية الدولة في الاستفادة من الذهب كمورد قومي.

وأشار الخبير إلى أن السودان يجب أن يتوقف عن التعامل مع الذهب بوصفه سلعة للتفريغ النقدي، وأن يوظف بدلا عن ذلك كضمان للحصول على تمويل ميسر، أو كأساس لتطوير أدوات مالية محلية وعالمية مرتبطة بالذهب، على غرار ما قامت به تركيا عام 2017 حين جمعت أكثر من 7 أطنان من الذهب من المواطنين وأدخلته النظام المصرفي عبر شهادات وسندات مغطاة بالذهب، مما وفر للدولة سيولة دون اللجوء إلى السوق الدولية.

وأضاف أن البيع المباشر للذهب يجب أن يكون آخر الحلول، لا أولها، خاصة وأن الذهب مورد ناضب يمثل احتياطيا استراتيجيا للأجيال القادمة، وشدد على أهمية التفكير في بناء احتياطي فعلي من الذهب خصوصا أن السودان يعد الثالث أفريقيا من حيث الانتاج، بالإضافة لربطه بأدوات اقتصادية تدعم الاستقرار النقدي.

وفيما يتعلق بالتصدير عبر الإمارات، أوضح أن أغلب الكميات المصدرة حاليا تعود للقطاع الخاص، وأن دبي ما تزال وجهة مفضلة لبعض المصدرين بسبب الإجراءات المبسطة، لكنها في ذات الوقت تكرس لفقدان العائد الوطني، ما لم تبادر الدولة إلى تطوير سوق داخلي منظم بمصفاة معتمدة ونظام تسعير مجز، يشجع المنتجين والتجار على البيع محليا للدولة.

كما بين أن هذا النموذج المحلي من شأنه أن يعزز الرقابة على حركة الذهب، ويضمن استرداد حصائل الصادر، ويعيد الدولة إلى موقعها كمستفيد فعلي من الإنتاج، بدلا من أن تبقى على الهامش.

وأشار إلى أن التعدين التقليدي يشكل ما يفوق 80% من إنتاج الذهب، لكنه لا يزال عشوائيا ويفتقر إلى الرقابة، ويعاني من تضارب المصالح داخل الجهات المشرفة، بالإضافة إلى الممارسات الضارة بالبيئة، ما يحوله إلى أحد أبرز التحديات وايضا كمصدر للفاقد الاقتصادي في البلاد.

وتابع “بالتأكيد على أن السودان لا يعاني من نقص في الذهب، ولا في الأسواق، ولا في الشركاء المحتملين – مثل تركيا وروسيا إلى الصين وقطر والسعودية – بل يعاني من غياب الإرادة السياسية والعمل الجاد لوضع حد للفوضى وبناء منظومة وطنية تدير المورد بشكل شفاف يخدم الاقتصاد الكلي ويعزز الاستقرار النقدي والمالي في البلاد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى