رأي

حينما يزأر درف… لا مساواة بين الدولة والمليشيا..!

ناجي الكرشابي 

قبل أشهر، كتبت هنا مقالاً بعنوان “حينما يرتعد الخونة من درف”، قلت فيه إن دخول الدكتور عبد الله درف إلى وزارة العدل لن يكون مجرد تغيير في الأسماء، بل تغيير في قواعد اللعبة… وأن الرجل سيجعل أصحاب الأجندات المرتعشة يبلعون ألسنتهم وسيضع النقاط على الحروف.

واليوم، وقف درف شامخاً كما “توتيل”، مخاطباً حلقة النقاش التي نظمها مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ليقولها بوضوح وبلا مواربة: “لن نقبل مساواة المؤسسة الوطنية بالمليشيا المتمردة، ولن نقبل وصف العدوان على السودان بأنه نزاع بين طرفين”.

هنا بالضبط… يتجلى الفارق بين وزير يقرأ النصوص المملة على ورق جاءه معلباً من الخارج، كما كان يفعل سيء الذكر “مريسة”، ووزير يقرأ الواقع ويعرف خطورة المفردات في القانون الدولي. لأن المساواة بين الجيش – عمود الدولة الأخير – وبين عصابة مرتزقة، ليست مسألة لغة؛ إنما اعتراف ضمني بهدم الدولة.

ومن هنا يظهر البون الشاسع بين “درف”، الذي يحمل على عاتقه ثقلاً وطنياً وقانونياً لا يساوم فيه أحد، وبين وزير عدل “الهمبول” حمدوك الذي لقّبه الشعب السوداني مجازاً بـ”مريسة” دلالة على سطحيته وحربه على قيم الشعب ودينه الحنيف.

موقف درف بمثابة بيان قانوني من العيار الثقيل، موجَّه لكل من يخلط الأوراق، إرضاء للممولين على حساب الحقيقة، أما رسالة “درف” واضحة لا خلط بعد اليوم بين المدافع عن الوطن ومن يبيعه في سوق النخاسة السياسية والعسكرية.

في مقالي السابق قلت إن الخونة سيرتعدون، لأنهم يعرفون أن هذا الرجل لا يقيس الأمور بمسطرة “التوازن الكاذب” ولا يجامل في الحق، واليوم أرى ذلك يتحقق أمامي.. كل كلمة نطق بها جعلت معسكر التمرد يتلوى غيظاً، لأنهم يدركون أن عهد الإفلات من العقاب بدأ ينكمش.

والذين يصرون على تصوير ما يجري كـ”نزاع داخلي” يعرفون تماماً أنهم يمنحون المتمردين شهادة شرعية مجانية، لذلك فإن وقوف وزير العدل يغلق هذا الباب أمامهم، هو بالضبط ما تحتاجه الدولة في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ الوطن.

عبد الله درف بهذا التصريح القوي لا يدافع عن مؤسسة الجيش فقط، بل عن مبدأ أن الدولة لا تُساوى بالمليشيا، وأن القانون لا يُحني رأسه لعصا الابتزاز الدولي، وأن الدماء التي سالت في الخرطوم ودارفور والجزيرة وغيرها لا يمكن غسلها بعبارات دبلوماسية منمقة.

والوزير درف أثبت أنه حارساً لبوابة القانون، ولا يسمح بمرور الأكاذيب مهما كانت حتى ولو كانت مغلفة بعبارات “الأمم المتحدة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى