تهنئة مستحقة

اللواء الركن “م” حسن عثمان ضحوي
إلى مدير عام وضباط وصف وجنود جهاز الامن
مقدمة :-
جهاز الامن والمخابرات للدولة ، هو المفكر والمخطط والحارس ، لكافة الفعاليات التي تضمن سلامة واشواق الشعب ، وذلك بصياغة مخطط استراتيجي طويل المدي ، يؤمن المسار ، ويرقب المهددات ، ويبطل الاختراقات وانشطة المخابرات المعادية والهدامة ، وعادة ما تتهم المخابرات بموالاة الحكومة الفاعلة ، نسبة لتوازي الاهداف التحصينية ، بما يدعو الانظمة الجديدة الوافدة ،الي تغيير المدير ونائبه ، وابدالهم باخرين موالين للنظام الجديد ، الا ان الدول الاقل نموا وتجربة ، ربما يطيحون بالجهاز وممتلكاته وارثه وخبرته ، ان لم يزجو بهم في السجون ، والسودان كمثال ، اذ تمت ازالة جهاز الامن في انتفاضة العام ١٩٨٥ ، استجابة لتظاهر بلغ اسوار القيادة العامة ، بنظرية القطيع ، وقد استجاب الي مطلبهم المشير سوار الدهب ، له الرحمة ، بقرار حل الجهاز ، وسجن قادته ، ومصادرة ممتلكاته ، عدا مخزون المعلومات الاستراتيجي ، الذي نجا بسبب حرص المرحوم اللواء الفاتح عبد الملك ، علي تسليم مفاتيحه الي من يثق في حمايته وحفظه من عبث الساسة والثوار .
وقد دام الفراغ الامني بالوطن ، عاما كاملا ، الي حين تكوين جهاز امن السودان ، بداية الديمقراطية الثانية . والحادثة الثانية ، بواكير ثورة سبتمبر ، بصدور قرار تعطيل قانون الجهاز ، عدا فاعلية جمع المعلومات ، والاطاحة بقوة ادارة العمليات الخاصة ، وتشريدها ، ثم القتل المعنوي بالمحاكمات الصورية ومسرحيات بيوت الاشباح بالتلفزيون ، ومصادرة الشركات ، والسماح لوفد اسرائيلي بزيارة الصناعات الدفاعية ، ولعل الفرق بين الحادثتين ان الاولي تمت بواجهة شعبية مضللة ، والاخري تمت بقيادة رئيس الوزراء ومن تبعه من حملة الجوازات الاجنبية ، والافكار الغربية لهدم قدرات الدولة وتقسيمها .
ادلف بعد هذه المقدمة ، الي التهنئة بعودة صلاحيات الجهاز القانونية ، والتي تمنح حق الاعتقال والتفتيش والاستجواب ، بدلا عن وقوفه في صف الصحف السياسية ، بجمع المعلومات ، وكان مهر العودة ، تلك الدماء الطاهرة التي سكبها ابناء ادارة العمليات الخاصة ، اللذين عادو مع اول استصراخ لهم ليزودو عن الارض والعرض ، متناسين ما الم بهم من شتات وتنكيل ، تاسيا مع قانون الطبيعة ( الجهود المهدورة ) ، ولمن يجهل من الانام ، ان القتال المسلح لم يكن يوما من واجبات جهاز الامن فكرا وهدفا ، كما لم يكن واجبا ثانويا ، بل هي مبادرة . قد نمت وترعرعت منذ العام ١٩٩٠ . دعما لمشروع الامن الداخلي للعاصمة ، عند ملاحظة افراغ العاصمة من القوات المسلحة الي مسارح العمليات الثلاث بالجنوب ، والنيل الازرق ، وجنوب كرفان . بغية ان يجد النائب العام ما يسند به الاحتياطي المركزي لقوات الشرطة ، ان عجزت في السيطرة علي الشغب او اي نشاط اخر هدام ، وقد ثبت فعالية ذلك عند حسم الفوضي بعد حادثة مقتل جون قرنق ، وعند هجوم خليل ابراهيم علي العاصمة ، كما لم تألو قيادة الجهاز جهودا معتبرة في المشاركة الرمزية مع المتحركات بمسارح العمليات الثلاثة . والملاحظ في كشاركة ادارة العمليات الخاصة في معركة الكرامة ، تفوقها وابداعها في حرب المدن والقتال في المناطق المبنية ، الي مرحلة القتال خلف خطوط العدو ، وتدمير مواقع القيادة والاتصالات ، بمهارة واحترافية تقارب واجبات قوات المظلات المتخصصة ذات التدريب العالي ، من ما اربك مخططات المليشيا ، وافشل قدراتهم .
وباستعادة جهاز الامن لقانونه ، نتوقع سرعة تفعيله لواجباته الاساسية في مقاومة التجسس الذي استشري وسط فئات مستنيرة وقيادات سياسية وقبلية ، لم تعد خافية بانقسام الشعب الي قسمين لا ثالث لهما ، ثم زيادة انشطة الامن الاقتصادي لمحاربة تجار العملة ومزوريها بالطباعة التي طالت حتي الجديد من العملة المطروحة ، وغير ذلك من واجبات تفعيل مناديب الجهاز بالعالم الخارجي ، والوجود الاجنبي غير القانوني بالداخل ، وانا اثق في سرعة المواكبة ، كيف لا ، وقد انطلقت معظم انشطة الصناعات الدفاعية ، وجياد ، وسوداتيل ، وطباعة العملة ، وتطوير الوحدات الفنية بالقوات المسلحة مثل الذخيرة والمدرعات والاشارة ، جميع ذلك واكثر من الادارة الفنية بالجهاز بقيادة اللواء مهندس عماد حسين ، واللواء مهندس شهيد جمال زمقان ، ولا زلنا رغما عن التخريب الذي طال المنظومات الدفاعية ، ننعم بتوفير الذخائر لجميع انواع الاسلحة والطائرات ، ولا ابالغ ان ذكرت ان تجار شراء خردة المصانع الحربية المنهوبة ،كانو من عناصر الامن ، وقد الحقوها للانتاج بجهد زهيد . واخيرا ادلف الي ما ينقصنا في هذه المرحلة من الدفاع عن الوطن ، الا وهو تفعيل مجالس الامن لقيادة الوطن ، مجلس الامن القومي ، ومجلس الدفاع الوطني ، اذ يعتبر مجلس الامن القومي هو اعلي واهم المجالس لقيادة الدولة ابان الحرب ، عسكريا وسياسيا ، بحكم تكوينه الذي يشمل رئيس مجلس السيادة ، ورئيس البرلمان ، ووزراء الخارجية ، والداخلية ، والدفاع ، والمالية ، والنائب العام ، ومدير الجهاز مقررا ، ومديرا للسكرتارية التي تشمل اقسام تعني بتقارير لجان الامن الولائية ، ولجان الجودية وسط القبائل ، وتقارير شهرية لعشرين عالم غير مفرغ ، في المجالات الحيوية مثل المياه والطاقة والتعدين والحدود وغيرها ، وتاتي اهمية انعقاد المجلس هذا في توحيد القرار ، وضبط تصريحات القيادة ، وياتي دور مجلس الدفاع الوطني ، مكملا للجهد ، برئاسة رئيس الاركان وعضوية قادة الاجهزة الامنية ، والنائب العام ، لتنسيق سير العمليات بالمنطقة المركزية تماشيا وتكملة لجهد غرفة العمليات والسيطرة ، وتجتمع المجالس المذكورة بدورات ربعية او شهرية او طارئة وفق متطلبات الموقف.
ادام الله العزة للوطن