فيما أرى
عادل الباز
1
غداً الإثنين سيجتمع الأبالسة في باريس تحت غطاء سياسي.. وإنساني.. حسناً من هم الأبالسة وماهي القصة أو القصص التي ينسجها هؤلاء الأبالسة بغباء شديد.؟. رحم الله إبن الجوزي صاحب كتاب تلبيس إبليس الذي أرجع فيه كل ضلالات وجهالات البشر إلى إبليس ولبسه ودسه وتدليسه، ولو كان حياً لأرجع كل ما حاق بأفريقيا من دمار إلى مكر الأبالسة في باريس.!!.لا عليك يا إبن الجوزي ود الباز موجود.!!.
2
غداً في باريس سيجرى لقاء مهم يناقش قضية السودان ببعديها الإنساني والسياسي تحت شعار (ألا تتحول حرب السودان لأزمة منسية.)!!. تنظم هذا اللقاء فرنسا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وللحديث جانبان، الإنساني برئاسة الوزيرين الفرنسي والألماني: ستيفان سيجورنيه، انالينا بيربوك، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، والمفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارسيتش، إلى جانب السلطات الأفريقية والأوروبية، ومسؤولي المنظمات الدولية والمجتمع المدني.
3
أما الجانب السياسي فسيشهد مقر الخارجية الفرنسية اجتماعاً صباح الإثنين على المستوى الوزاري برئاسة مشتركة فرنسية ألمانية أوروبية والغرض منه بحسب بيان الخارجية الفرنسية (دعم مبادرات السلام الإقليمية والدولية الهادفة إلى وضع حد للحرب المندلعة في السودان منذ عام كامل).
4
ترى ما الغرض من كل تلك الهيصة الباريسية؟ بحسب بيان الخارجية الفرنسية.. هناك ثلاثة أهداف أولها «الالتزام بتمويل الاستجابة الدولية للحاجات الإنسانية الضرورية للسودان، والهدف الثاني إحراز تقدم في ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء السودان. أما الهدف الثالث، وهو لا يقل أهمية عن الهدفين السابقين فعنوانه ألا يطغى عدم الاستقرار في النظام الدولي على الأزمات التي تؤثر في الأفارقة سواء في السودان، حيث نزح نحو 8 ملايين شخص، أو في الأزمة التي تؤثر في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
5
إذن هذا هو مؤتمر باريس وتلك هي أهدافه والجهات الداعية ….
لكن ماهي الجهات المشاركة في مهرجان الأبالسة ذاك؟
تصور يا مؤمن يا مصدق إلى لحظة كتابة هذا المقال مساء أمس لم تظهر قوائم المشاركين فى المؤتمر، ولكن من المؤكد مشاركة الجنجويد عبر حلفائهم في (تقدم) فلقد تأكدت مشاركة السيد حمدوك في فعاليات المؤتمر، كما تأكدت مشاركة الإمارات… بمعنى أن الجنجويد وداعميهم وحلفائهم يتصدرون المشاركين في المؤتمر!!
6
وأين الحكومة السودانية من ذلك المؤتمر وما موقفها ؟. للأسف لم تتم دعوتها يعني (مولد وسيدو غائب). قال بيان صادر من الخارجية السودانية أول أمس تعليقاً على فعاليات المؤتمر (يقوم المؤتمر دون حضور الحكومة السودانية مع العلم أن الأجندة الرئيسية للمؤتمر تحتوي على نقاط يجب إشراك الحكومة السودانية فيها كونها المعنية بمرور المساعدات الإنسانية، وما قامت به فرنسا وشركاؤها يُعزز بشكل كارثي خطة تقسيم السودان، ويدعم خط نشر الفوضى وتعزيز جرائم الدعم السريع ضد النساء والأطفال، وما قام به في دارفور والخرطوم وولايات جنوب كردفان).
ويحتج البيان على دعوة ومشاركة دولة الإمارات التي وصفها ب(الداعم الرئيسي لحرب الدعم السريع على المواطن السوداني لهذا المؤتمر يمثل صفعة في وجه الضحايا والنازحين والمغتصبات وكل من طالته يد النهب والقتل. هذا الأمر يسمح بإعطاء شرعية دولية لتمويل الحرب وزيادة معاناة المواطنين في السودان، إن الإمارات مسؤولة بشكل مباشر عن معاناة السودانيين وهذا الأمر يستدعي المحاسبة وليس المكافأة.).
7
تآمر الأبالسة في باريس.. بالمكشوف ما بالدس.. كيف؟ أنظر إلى أهداف المتآمرين في باريس في الجانب السياسي (دعم مبادرات السلام الإقليمية والدولية الهادفة إلى وضع حد للحرب المندلعة في السودان منذ عام كامل.)
أين هي تلك المبادرات وماهي…. ليس هناك أي مبادرة الآن حية تسعى بين الناس.. انتهت مبادرة الإيقاد بعد أن رفضها السودان وتوقفت مبادرة دول الجوار وذهبت إلى حيث لا حيث ولم نعد نسمع لها حساً ولا ذكرا.. منبر جدة الذي عجز عن إنجاز أي شئ وعجز عن إلزام المتمردين بالالتزام على ما وقعوا عليه نام على الخط ونسمع في كل حين طنطنة بانعقاده ولكن ليس هناك ما يشي بامكانية انعقاده في ظل الظروف الحالية وخاصة بعد تأكيدات الرئيس البرهان أنه لا سبيل للتفاوض مجدداً بغير الالتزام بما سبق أن تم الاتفاق عليه.!!.
8
الهدف الثاني (الالتزام بتمويل الاستجابة الدولية للحاجات الإنسانية الضرورية للسودان والهدف الثاني إحراز تقدم في ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء السودان.).
هذا هدف مضحك يكشف لك بوضوح استهبال الأبالسة ..كيف؟. في 17/05/2021 أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده قررت شطب كامل الديون المستحقة على السودان والتي تبلغ “نحو خمسة مليارات دولار”، بهدف تحرير هذا البلد الذي يشهد انتقالاً ديمقراطياً من “عبء الدين”. كما ستقدم باريس قرضاً للخرطوم بقيمة 1,5 مليار دولار لمساعدتها في تسديد متأخراتها من الديون لصندوق النقد الدولي.) منذ ذلك التاريخ إلى الآن لم تشطب باريس مليما واحدا من ديون السودان.
9
مرة أخرى في 19/6/2023 تعهد المانحون في مؤتمر جنيف للاستجابة الطارئة للأزمة في السودان بتقديم مساعدات إنسانية بنحو 1.5 مليار دولار!!. ولكن ماذا حدث بعد المؤتمر؟.
في 4 يناير 2024 حددت الأمم المتحدة (خطة الاستجابة) حاجة السودان ب 2.6 بليون دولار لتغطية حاجات 18.1 مليون من المحتاجين. من ذلك المبلغ الذي تعهد به المجتمع الدولي في باريس تلقت الأمم المتحدة منها أقل من 40% حتى 4 يناير 2024 1.047 (Sudan Humanitarian Response (HRP ومن هذه ال40% دفعت المفوضية الأوروبية 117 مليون دولار وبريطانيا 35 مليون دولار وألمانيا 31 مليون دولار من جملة 200 مليون دولار تعهدت بها في جنيف بينما لم تدفع باريس دولارا واحدا.!!
يعني ذلك أن جملة ما دفعه الأبالسة المتآمرين المجتمعين في باريس غدا من دول الاتحاد الأوروبي بهدف الالتزام للاستجابة بتمويل الإغاثة لم يدفعوا مجتمعين أكثر من (183 مليون دولار) فقط وذلك خلال عشرة أشهر (Financial Tracking Service) !! فما الذي يجعلنا نصدق أن المتآمرين في باريس غدا سيلتزمون بتقديم تمويل جدي للإغاثة وهم الذين عجزو عن توفير واحد 10% خلال ما التزموا به قرابة العام.
قدمت منظمات الأمم المتحدة العاملة في مجال الإغاثة بحسب الإحصائيات 2.4 من جملة التمويل وقدمت المنظمات الأجنبية 32% بينما قدمت المنظمات العربية والإسلامية 62% وهذه النسبة تتصدرها قطر وتليها السعودية. قال بيان الخارجية (انعقد الاجتماع الدولي رفيع المستوى في نيويورك في أكتوبر ٢٠٢٣ بالتعاون بين حكومة السودان والأمم المتحدة. إلا أن نسبة الوفاء بتلك التعهدات حتى الآن لم تتجاوز نسبة ٥٪.)..هدف كاذب غير قابل للتحقق.!!
10
الهدف الأخير لمؤتمر الأبالسة كما قالوا (ألا يطغى عدم الاستقرار في النظام الدولي على الأزمات التي تؤثر في الأفارقة.) بمعنى يهدف المؤتمر تركيز الأنظار على الحرب في السودان وتجاوز الحرب الروسية الأوكرانية وغض النظر عن المجازر التي ترتكبها ربيبة الغرب إسرائيل في غزة. لكن ما الغرض؟. زيادة الضغط الدولي على السودان ليستجيب لإيقاف الحرب فوراً حتى يضمنوا بقاء الجنجويد وحلفائهم في المشهد العسكري والسياسي.
11
مؤتمر يخفي منظموه المشاركين فيه.. الجهتين اللتين تأكدت مشاركتهما حلفاء الجنجويد الإثنين ( تقدم والإمارات). في وقت لم تدعو الحكومة السودانية، إذن الرسالة الواضحة أن المؤتمر بملامحه تلك يهدف لحشد العالم لتوصيل الإغاثة للمتمردين الذين ينهبونها أمام العالم الصامت العاجز عن إدانة المتمردين . والهدف الثاني إذن إنقاذ الجنجويد بإيقاف سحقهم الجاري الآن وإعادة تموضعهم مرة أخرى في الساحة سياسيا وعسكريا.. هذا المؤتمر الباريسي صنع خصيصاً لاستمرار دعم الأبالسة للمتمردين.