رأي

تحدثوا مع البابا بدلا عن “الكاهن”

مالك محمد طه 

من جملة الأباطيل التي تقتات عليها جماعة تقدم/صمود، وتؤسس عليها مواقفها المتناقضة، اتهام الفلول بأنهم السبب في استمرار الحرب، حيث تزعم هذه الجماعة أن القيادة السياسية للفلول هي التي تدير المشهد العسكري، وتتحكم فيه من خلف ستار وحُجُب، ولا يعدو قادة الجيش-بحسب زعمهم- أن يكونوا أكثر من بيادق في رقعة من الشطرنج يجلس عليها كرتي وأسامة، وربما هارون.

وبصورة مجملة فإن كل مزاعم مجموعة صمود/تقدم حول هذه الحرب- وهي بالمناسبة عدوان محض من مليشيا الدعم السريع وليست حربا بالمفهوم المتقرر-  هي محاولة لتبرئة المليشيا من هذه الجريمة وعقوبتها الباهظة، ولو أن هذه الحرب من الأشياء التي يمكن إنكارها أو إخفاء وجودها لسارعت مجموعة صمود/تقدم لنفي وجودها أصلا.

لكن من الجيد أن كل سردية تتبناها هذا المجموعة حول الحرب لايمكن المضي بها إلى نهاياتها المنطقية، وربما لايُستغرب هذا لأن الطريق التي يسلكونها تبدأ بمحطة الفلول/الكيزان، وتنتهي بهم -بعد جهد وعناء- إلى المحطة نفسها.

تعالوا نجرب رواية كرتي/أسامة/هارون، وهي رواية معتمدة عند جماعة صمود وتقدم، فقد اتهم حميدتي الفلول بعد انقلابه الفاشل مباشرة بأنهم السبب، وتبنت قيادات صمود/تقدم  هذا الاتهام ولاتزال تردده وتزعم أن الفلول هم سبب الحرب، وأنهم الذين يؤججون الصراع، ويمثلون كابحا ومانعا لقيادة الجيش من التفاوض والوصول إلى سلام.

مقتضى هذه الرواية أن الطرف الحقيقي والموضوعي الذي يقابل مليشيا الدعم السريع هم الفلول أو الكيزان، وأن قرار الاستمرار في الحرب أو الانخراط في التفاوض تملكه مجموعة سياسية نافذة: كرتي وأسامة وهارون ونافع..الخ، ولا تملكه قيادة الجيش.

إذن وبما أن هؤلاء الفلول هو أصحاب اليد الطولى والكلمة العليا، فلماذا تغازل جماعة تقدم/ صمود قيادة الجيش وتطلب منها إعادة التحالف معها؟، او تطلب منها التفاوض مع المليشيا؟، الأولى أن يوجه هذا الطلب إلى الفلول، وكما يقولون: لماذا تتحدث مع الكاهن إذا استطعت أن تتحدث مع البابا.

نضّر الله وجه الدكتور عبدالرحمن الغالي الذي يعد من العقول الراجحة في حزب الأمة، فقد اهتدى إلى هذا المقتضى، وطالب جماعة صمود/تقدم، بنوع من الاتساق الأخلاقي والعقلي في مسعاها المزعوم لوقف الحرب.

قال لهم “الغالي” إن حرصكم على وقف الحرب، وسعيكم للجلوس والتفاوض مع أطرافها، يستلزم منكم الجلوس مع الفلول/ الكيزان لأنهم متهمون من جانبكم بأنهم وراء استمرارها، وفي هذا نوع من المنطق، ومساواة في الجلوس مع الطرفين الذين يملكون مفتاحا للأزمة(بمنطق جماعة صمود/تقدم).

لكن المفارقة هنا ليس في تشجيع صمود وتأسيس على الحديث مع البابا بدلا من “الكاهن”، او تفضيلهم “للكاهن” على البابا ولكن في الإجابة عن السؤال: هل للبابا أو”الكاهن”، رغبة في الحديث؟!؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى